• عبدالوهاب بدرخان ليس عند السياسيين حل لمسألة شغور المنصب الرئاسى، لأنه مرتبط بصراعات إقليمية. عذر أقبح من ذنب ولا يبرر عجزهم، ومع ذلك فلنقل إن هذا هو الواقع ولا حَول ولا.. لكنهم، على سبيل المثال، عاجزون عن إيجاد حلول لمشكلة قد تغرق البلاد بالنفايات، وليست لديهم مقاربة واحدة لقضية سلامة الغذاء. وفى الأخيرة وجدنا وزراء يتهمون زميلهم وائل أبو فاعور بأنه يشخص أكثر مما يعالج، وربما كان ممكنا اتهامه بالاستعراضية فى بداية حملته، بسبب جدتها وجرأتها، لكن مواظبته عليها أثبتت أنه مصر على القيام بعمله، فى حين أن زملاءه المعنيين فضلوا التشكيك فى أهدافه على التشكيك فى اتهامه أفرادا ومؤسسات بالفساد والإهمال والتساهل.. لذلك، وانطلاقا من المهزلة السوداء المعممة، يمكن التساؤل: هل المسائل الحياتية تنتظر أيضا توافقات اقليمية؟ طبعا لا، وبالتالى فأيها الوزير، افعل شيئا أو فلتصمت، ما دامت «ديمقراطية التوافق الكاذب» لا تسمح للمواطن بأن يقول لك: ارحل. سيمضى بعض الوقت قبل أن يتلمس اللبنانيون نتائج الحوارين، السنى الشيعى والمارونى المارونى، اللذين لم يتوازيا بعد، على أمل أن يلتقيا يوما ما بانتخاب رئيس جديد. ورغم الاستحسانات المتواترة لأى حوار تكمن أهميته الأولى فى أنه يحصل، أو لا يزال حصوله ممكنا، إلا أن الحوارَين يوحيان أيضا بأن الأطراف السياسيين يحاولون التعامل مع أزمة مرشحة لأن تطول، أكثر مما يحاولون بلورة حلول لها. ذاك أن ثمانية شهور من دون رئيس للجمهورية أكدت أن اللاعبين فى «ديموقراطية التوافق الطائفى» ليسوا قلقين ولا مستعجلين، فبعدما برهنوا إمكان تعايشهم مع هذا الوضع، ها هم يسعون بحواراتهم إلى ابتكار ضوابط لتنظيم تعايشهم بعضهم مع بعض. لكن إجراء الحوارات بعيدا عن الحكومة، بصفتها أعلى مرجعية دستورية حاليا، يوحى بأن «الضوابط» المتوخاة ستأتى بالضرورة من خارج الدولة والدستور والقانون. صحيح أن هناك ملفات ذات طابع سياسى بحت أو حتى مسيحى بحت، وأن الطابع الأمنى يطغى على حوار «المستقبل» و«حزب الله»، إلا أن التوافقات المحتملة لابد من أن تنعكس على الأطراف الآخرين.. لذلك، يمكن التساؤل عن طبيعة الضمانات التى تغطى هذه التوافقات، وهل يمكن أن تشكل «ملحقا ميثاقيا» ل«اتفاق الطائف»، أو بديلا من «مؤتمر تأسيسى» يرغب فيه «حزب الله» و«تيار عون»؟