بمناسبة عيد الأضحى.. الرئيس السيسى يتبادل التهنئة مع ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والإسلامية    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس والشعب بيوم عرفة وعيد الأضحى المبارك    جامعة بنها تشارك في النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة    من اليرقات إلى الكيتوزان.. مشروعات طلابية بجامعة بنها تحلّق بأحلام المناخ في مؤتمر دولي    وزير الكهرباء يبحث مع «أميا باور» الإماراتية تعزيز التعاون بمجالات الطاقة المتجددة    المصرية للاتصالات WE تعلن الإطلاق الرسمي لخدمات الجيل الخامس في مصر    نتنياهو: غزة لن تشكل مستقبلًا تهديدًا على إسرائيل    بينها 4 دول عربية.. لماذا قرر ترامب حظر سفر مواطني 12 دولة لأمريكا؟    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين منذ بدء الحرب على غزة إلى 225    محافظ القليوبية يلتقي ممثلي "اتحاد بشبابها" التابع لوزارة الرياضة - صور    تردد القناة الناقلة لمباراة الزمالك وبيراميدز في نهائي كأس مصر    مصرع طفل في حريق منزل بأسيوط    أول تعليق من بسمة بوسيل بعد تحسن حالة نجلها آدم تامر حسني الصحية    قصور الثقافة تطلق برنامجا احتفاليا متنوعا بالشرقية في عيد الأضحى    من عرفات.. دعاء مؤثر للشيخ خالد الجندي    الأعلى للمستشفيات الجامعية يخصص 56 مركزًا لعلاج الأمراض الوراثية لحديثي الولادة بالمجان    مستشفى بدر الجامعي جامعة حلوان ترفع درجة الاستعداد القصوى بالتزامن مع عيد الأضحى    استشاري تغذية مُحذرًا من شوي اللحمة: يعرّض للإصابة بالأورام - فيديو    صيام يوم عرفة لمرضى السكري.. متى يجب الإفطار؟    مجلس الزمالك يصرف دفعة من مستحقات اللاعبين قبل نهائي الكأس    "معقولة بيراميدز يتعاطف مع الزمالك ويمنحه الكأس؟".. شوبير يطلق تصريحات نارية    21 ألف جنيه تراجعًا بأسعار "باجاج كيوت" أرخص مركبة جديدة بمصر.. التفاصيل    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية فى دمياط    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    الأهلى يرفع شعار التحدى فى كأس العالم للأندية بعد صفقات الميركاتو    محمد حماقي يشعل حفل زفاف محمد شاهين| صور    «لديهم مغناطيس للثروة».. تعرف على أغنى 5 أبراج    هزات كريت تصل إلى الإسكندرية.. والحديث عن تسونامي لم يعد بعيدًا.. خبيرًا باليونسكو يكشف ل "الفجر"    بث مباشر من عرفة الآن.. الحجيج على عرفات وصلاة الظهر والعصر جمعًا والمغادرة عند الغروب    المفتي السابق يوضح حكم الصلاة إذا أخطأ الإمام في تكبيرات صلاة العيد    ألمانيا تسعى لبناء أقوى جيش أوروبي.. تحديات ملحة وخطط طموحة حتى 2029    عادة كل سنة.. مسيحية بورسعيدية توزع وجبات "فتة ولحمة" على المسلمين لإفطار يوم عرفة    "الأعلى للإعلام" يستدعي ممثلي وسائل إعلامية في شكوى طليقة أحمد السقا    الأهلي ل«هاني شكري»: اعتذارك غير مقبول وسب جمهورنا لن يمر دون حساب    هيئة التأمين الصحي الشامل تعلن مواعيد العمل خلال إجازة عيد الأضحى    ارتفاع أسعار 3 أنواع من الكتاكيت واستقرار البط اليوم الخميس 5 يونيو 2025    التنظيم والإدارة: إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة خلال يونيو الجاري    «في وقفة عرفات».. موعد أذان المغرب بالمحافظات    إنزاجي: الهلال فرصة عظيمة.. وأرغب بتحقيق البطولات وتقديم كرة ممتعة    آخر كلام في أزمة زيزو.. ليس له علاقة بالزمالك بفرمان الجبلاية    الاحتلال يستهدف صحفيين في مستشفى المعمداني واستشهاد 3    داعية: زيارة القبور في الأعياد من البر وتذكره بالآخرة    «24 ألف ماكينة ATM».. خطة البنوك لتوفير النقد للمواطنين خلال إجازة العيد    بث مباشر من عرفات.. مئات الآلآف يقفون على المشعر الحرام    تعليم القاهرة تعلن أماكن مقار لجان قبول اعتذارات الثانوية العامة    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    معايدة عيد الأضحى 2025.. أجمل رسائل التهنئة للأهل والأصدقاء (ارسلها مكتوبة)    اليوم وغدًا.. نجوم الإعلام ضيوف معكم منى الشاذلي    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    الدفاع الأوكرانى: أوكرانيا ستتلقى 1.3 مليار يورو من حلفائها العام الجارى    أسعار البيض بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    عيد الأضحى موسم للتواصل مع الناخبين.. الأحزاب تسابق الزمن استعدادا للانتخابات    توافد الحجاج إلى مسجد نمرة بمشعر عرفات استعدادا لأداء ركن الحج الأعظم (فيديو)    الزمالك يواصل التصعيد.. سالم: لا رحيل لأي لاعب قبل يوليو والموسم لم ينتهِ بعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاردينال والغازية
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 12 - 2014

فى النصف الثانى من ثمانينيات القرن الماضى أراد مجلس كنائس الشرق الأوسط تنظيم عدة مؤتمرات لتدريب زوجات رجال الدين فى كنائس الشرق الأوسط (مصر سوريا لبنان الأردن فلسطين) فى كيفية بناء ذاتها كزوجة لرجل عام جماهيرى، وكيف تتعامل مع زوجها وأولادها والجماهير التى تقوم بخدمتهم. وفى الأتوبيس الذى أقلهم من المطار بعد تجمعهم إلى مقر بيت المؤتمرات بقبرص وضع السائق شريطا لأم كلثوم وإذ بزوجات رجال الدين من لبنان يصفقن ثم يرقصن فى ممر الاتوبيس وكانت صدمة للمصريات والأردنيات، أما السوريات فكن يصفقن ويرقصن جلوسا، وفى جلسة التقييم بعد العودة سمعت من تصف زميلاتها من نساء لبنان ب«الغوازى» والذى لفت نظرى أن نساء الريف المصرى تقبلن الأمر قائلات «عادى» أما اللاتى يعشن فى المحافظات أو فى العاصمة فكن يتحدثن برفض شديد. وهذا جعلنى أخرج بنتيجة أن العيب ليس فى الرقص لكن فى الثقافة والرؤية، فنساء الريف يرقصن فى الأفراح بسهولة شديدة أما الطبقة الوسطى وفوقها بقليل فيترفعن لأنهن (هوانم) فهن لم يصلن بعد للرقص الغربى ويترفعن على الرقص الشعبى.
•••
ما جعلنى أتذكر هذه القصة هو الفارق بين رؤية معظم المصريين للمطربة صباح ورؤية معظم اللبنانيين لها، لقد اعتبر رجال الدين المصريين أن صباح إنسانة منفلتة لأنها تزوجت 7 مرات، وخلطوا بين الأدوار التى تقوم بها على الشاشة وحياتها العادية. وكنت أرى أن رجال الدين الذين يتحدثون عن صباح بحيادهم الأفضل حتى استمعت إلى الكاردينال بشارة الراعى بطريرك الكنيسة المارونية فى جنازة صباح لقد اختار نصا من الكتاب المقدس يتحدث فيه السيد المسيح بمثلٍ عن رجل ثرى كان له ثلاثة عبيد، وإذ كان مسافرا أعطى الأول خمس وزنات، والوزنة مجموعة عملات ذهبية أو فضية، الفضية تساوى الآن «ألف جنيه» والذهبية حوالى ثلاثة آلاف، وأعطى الثانى وزنتين والثالث وزنة ليستثمروها، وعندما عاد من السفر قال له الأول أعطيتنى خمس وزنات وهاك خمس وزنات أخرى ربحتها وكذلك الثانى فقال لكل واحد منهما «أهنئك أيها العبدالصالح والأمين كنت أمينا فى القليل أقيمك على الكثير ادخل إلى قصرى وتناول العشاء مع كبار القوم»، أما الثالث فقال «يا سيدى عرفت أنك إنسان قاس تحصد من حيث لا تزرع وتجمع من حيث لم تبذر فخفت ومضيت وأخفيت وزنتك فى الأرض هو ذا الذى لك»، قال السيد: خذوا منه الوزنة وأعطوها للذى له العشر وزنات»، وعادة يفسر المثل ويطبق على الذى يعمل فى خدمة الله وكتبه المقدسة وأن الشخص الذى لا يستخدم المواهب التى أعطاها له الله لخدمته فسوف يأخذها منه ويعطيها للذى لديه القدرة على استخدامها. يقول السيد المسيح «لأن الذى له (القدرة على استخدام عطايا ومواهب الله) يعطى ويزداد والذى ليس له (هذه القدرة) فالذى لديه يؤخذ منه».
من الرائع أن الكاردينال استخدم هذا المثل على مواهب الفن والموسيقى والشعر، وكيف أن صباح وهى الآن بين يدى الله تقول له «يا سيدى لقد أعطيتنى وزنات (مواهب) وها أنا أقدمها لك مضاعفة بعد مماتى فيقول لها الله أهنئك كنت أمينة فى القليل فى الدنيا سأقيمك على الكثير فى الآخرة ادخلى إلى جنتى لأنك أسعدت العالم بفنك وصوتك وملأت قلوب الناس بالحب والبهجة». بالطبع صدمت هذه الكلمات رجال الدين والمؤمنين الذين يتحدثون عن أن صباح تتلوى الآن فى الجحيم وقد تحطم جمالها وصوتها لأنها استخدمتهما فى الشر والخطيئة.
لم يكتف الكاردينال بذلك لكنه أضاف: «إن صباح ملأت حياتنا بالفرح والحب كانت محبة للحياة فأحبتها الحياة قال: «ماتت فقيرة لأنها أعطت كل أموالها للفقراء عندما كانت ثرية».
•••
أقتبس كلمات للبابا يوحنا بولس بابا الفاتيكان الراحل من تفسيره لسفر التكوين «إن الله بعد ما خلق العالم ألقى نظرة على عمل يديه فرأى أن ما عمله إذ هو حسن، ثم خلق الإنسان ورأى ما عمله فإذ هو حسن جدا»، ويقول يوحنا بولس فى تفسيره لهذا الجزء «إن الله خلق الإبداع فى الإنسان والإنسان يقوم بتصنيعه بأشكال ونوعيات متعددة ومتنوعة ثم يقدمه للإنسانية جمعاء». ثم أنهى الكاردينال كلمته بالقول «لقد علمتنا صباح الكثير». لقد كانت جنازة صباح فرحا حقيقيا امتلأ بالتصفيق والزغاريد والأهازيج وصدحت أغانيها بدءا من الفندق الذى عاشت فيه أواخر أيامها إلى كنيسة مارجرجس فى وسط بيروت ثم بلدتها وكنيسة سانت تريزا حتى المقابر كما أوصت تماما. وكانت الكلمات المرفوعة على الطريق تقول: «ستبقين يا صباح فى صوتك الذى يلون حياتنا بلون الحب»، «ستبقين يا شحرورة الوادى خالدة كأرزة من أرزات لبنان وإن سقطت فروعها فجذورها تنبت من جديد»، «شلال صوتك يا صباح ينبوع فرحتنا».
•••
ومن هنا نجد المفتاح للإجابة على سؤال: لماذا لا تظهر داعش إلا فى منطقتنا؟ ولماذا كل هذا الدم لا يسيل إلا عندنا، ولماذا لا يتم تهجير الأقليات وحرق الكنائس والمعابد والحسينيات إلا بيننا؟! ولماذا لا تقام الحروب بين أتباع الدين الواحد ونغمة التكفير بين أتباع ذات المذهب إلا فى ظهرانينا؟! لماذا يشرد أتباع الكنيسة المختلفين مع ازواجهم لسبب أو آخر ولا يجدون حلولا مقنعة فيتركون الايمان إلى الإلحاد إلا عندنا؟ لماذا لا نرى فى الله إلا جانب الانتقام والغضب؟ لماذا نرى الكتب المقدسة عبئا على الانسان مع أن الله قصد بها رحمة لهم وسعادة وسلام؟.
إنه يا صديقى الفكر الدينى المتشدد المبنى على تفسير متطرف للكتب المقدسة والمقبول من أولى الأمر لقرون مضت حتى صار هذا جزءا من تكويننا وحضارتنا وثقافتنا ففقدنا روح الدين وحياته. وكانت النتيجة أن طعم الحياة فى أفواهنا ليس كطعم الحياة عند آخرين يدركون معنى الحرية والحب والحق والخير والجمال والفرح، ويستطيعون أن يروا الله فى كل ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.