استقرار أسعار عملات دول البريكس في البنوك المصرية    أسعار اللحوم اليوم في الأسواق المحلية    مسئول إسرائيلي: نصر الله يمكنه بسهولة إسقاط شبكتنا الكهربائية    قوة إسرائيلية خاصة تحاصر قلقيلية شمال الضفة الغربية    الصحافة الإيطالية: دوناروما أنقذنا من فضيحة أمام إسبانيا    وزير الرياضة يطالب الزمالك بخوض القمة والأبيض يرد    التشكيل الرسمي لمباراة أوكرانيا وسلوفاكيا في يورو 2024    الكاف يحسم موعد مباراة السوبر الأفريقي بين الأهلي والزمالك    رئيس بعثه التضامن: حالتا وفاة فقط بين حجاج الجمعيات الأهلية    الداخلية تنفذ 54 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    إجازة رسمية في دول عربية.. 7 معلومات عن عيد الأب    هل سينافس "ولاد رزق 3 - القاضية" فيلم "بيت الروبي" في الإيرادات؟    السمسمية تختتم احتفالات قصور ثقافة بورسعيد بعيد الأضحى    محافظ بني سويف يؤدي خطبة الجمعة بمسجد عمر بن عبد العزيز    الداخلية: استمرار مبادرة "كلنا واحد" لتوفير السلع بأسعار مخفضة - (فيديو)    الصحة: تسليم كروت المتابعة الطبية ل 40 ألف حاج عقب عودتهم لمصر    بالصور- افتتاح مسجد الرحمة الكبير في بني سويف بعد تطويره بتكلفة 470 ألف جنيه    هكذا يؤثر مرض السكري على أعضاء الجسم    وزارة الهجرة تكشف مميزات وخدمات صندوق "حماية وتأمين المصريين بالخارج"    بالتعاون مع البنوك.. المالية: تسليم أكثر من 28 ألف سيارة "موديل السنة" بأقل من أسعار السوق بالمبادرة    مفتي الجمهورية: الكلب طاهر والصلاة بملابس مسًها لعابه جائز شرعا    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    قطر: اجتماعات مع حماس لسد الفجوات مع مقترح بايدن بشأن غزة    بدائل الثانوية العامة 2024.. شروط القبول بمدارس «القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي»    كوريا الجنوبية تحث موسكو على وقف التعاون العسكري مع بيونج يانج    «الداخلية» تُحرر 169 مخالفة للمحال غير الملتزمة بترشيد استهلاك الكهرباء    وزارة المالية تستعد لإطلاق منظومة إلكترونية للمقاصة بين مستحقات المستثمرين ومديونياتهم    تقرير: هل ينتقل رابيو إلى ريال مدريد؟    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    إعلام فلسطينى: 21 شهيدا جراء الاستهداف المتواصل لمناطق متفرقة فى غزة فجر اليوم    بعد تسريبات حسام حبيب الأخيرة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يعلن لجوئه للقضاء    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    اتصالات موسعة لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لقمة الأهلي والزمالك    وزارة الصحة تفحص 454 ألف مولودا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    إصابة 3 أشخاص فى انقلاب سيارة ملاكى على طريق طنطا كفر الشيخ الدولى    ميسي بعد اجتياز عقبة كندا في كوبا أمريكا: الخطوة الأولى    رغم تذيله الإيرادات.. المخرج عمرو عرفة: فخور بإخراج فيلم أهل الكهف    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    «أنا سلطان زماني».. رد ناري من شوبير على عدم انضمامه لقناة «mbc مصر»    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    عاجل - انهيار جديد لجيش الاحتلال في غزة.. ماذا يحدث الآن؟    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    أسعار الأسماك اليوم 21 يونيو بسوق العبور    وزير النقل يتابع حركة تشغيل القطارات مع نهاية إجازة العيد    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    في تغير مفاجئ، ترامب يغازل طلاب الجامعات الأجانب بمكافأة العمر    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحق فوق القوة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 09 - 2014

لذلك تتزايد بانتظام أعداد الأفراد ومجموعات الشباب المنضمة لحملات «الحرية للجدعان» و«جبنا أخرنا» و«الأمعاء الخاوية» تضامنا منزها عن المعايير المزدوجة مع جميع السجناء والمعتقلين السياسيين، وبعضهم مضرب عن الطعام منذ فترات زمنية متفاوتة من محمد سلطان وماهينور المصرى وأحمد دومة وأحمد ماهر إلى أصحاب الأسماء غير المعلومة للرأى العام، وطلبا سلميا لتغيير قانون التظاهر القمعى وإسقاط العقوبات الجائرة التى فرضت بسببه.
الحق فوق القوة، لذلك تتزايد بانتظام أعداد الأصوات والأقلام التى توعى الناس بتراكم المظالم وانتهاكات الحقوق والحريات، وتشير إلى تداعياتها السلبية على المواطن والمجتمع والدولة، وتجعل من إنهاء الظلم أولوية كبرى لمصر، وتبتكر من الأفكار والرؤى والمقولات ما يدلل على علاقة الارتباط الإيجابى بين شيوع العدل واحترام الحقوق والحريات وبين سعادة المواطن وسلم المجتمع الأهلى وتماسك الدولة وثبات مؤسساتها وما يدحض أيضا إمكانية تحقيق الاستقرار والنجاح فى القضاء على الإرهاب والعنف حين تجدد دماء الاستبداد ويعصف بحكم القانون وتتمدد جغرافيا الظلم والمظالم.
هنا، لا تقل أهمية عن ظاهرة الأعداد المتزايدة للأصوات وللأقلام المتناولة لتراكم المظالم ولانتهاكات الحقوق والحريات مقارنة بصيف 2013 أو بعام مضى حقيقة أن أصحابها يأتون من خلفيات فكرية متنوعة ويحملون من المواقف إزاء منظومة الحكم/السلطة الراهنة ما يحضر به التأييد الصريح والمعارضة المبدئية وكل ما بينهما.
•••
الحق فوق القوة، لذلك يعود اليوم إلى بعض هوامش المجال العام المصرى حديث العدالة الانتقالية على نحو يحرر المفهوم من الاحتكار الرسمى من قبل منظومة الحكم/السلطة (وزارة العدالة الانتقالية ووزراؤها)، وينقذ من التسييس والمعايير المزدوجة مضامينه الأساسية توثيق جرائم وانتهاكات الحقوق والحريات/مكاشفة الرأى العام بالحقائق وبهوية الجهات المتورطة والأفراد المتورطين فى الجرائم والانتهاكات/تحديد الأطر القانونية والقضائية لمساءلتهم ومحاسبتهم بشفافية ودون تجاوز لقاعدة ولاية القاضى الطبيعى/وضع الضمانات الكفيلة بمنع تجدد الجرائم والانتهاكات مستقبلا.
فى بيانات وأوراق ومقالات، يطرح قانونيون وحقوقيون وأكاديميون وكتاب وفاعلون بمنظمات المجتمع المدنى مفهوم العدالة الانتقالية دون إغفال للجرائم وللانتهاكات التى حدثت وتحدث لمصريات/مصريين لم يثبت عليهن/عليهم الخروج على القانون أو حمل السلاح أو ممارسة الإرهاب والعنف أو التحريض عليهما، ودون تجاهل للضمانات القانونية لكرامة وحقوق وحريات من يقدمون للهيئات القضائية كمتورطين فى الإرهاب والعنف وفى مقدمة هذه الضمانات قاعدة «المتهم برىء حتى تثبت إدانته» والقواعد الأخرى التى أرساها تراث عظيم فى قلبه أحكام محكمة النقض المصرية، ودون إعمال للمعايير المزدوجة فى التعامل مع الجرائم والانتهاكات بحيث يقبل تحولها إلى مسكوت عنه حين تتعلق بأعضاء ومناصرى جماعة الإخوان المسلمين ومجموعات اليمين الدينى المتحالفة معها، بينما يرفض الصمت بصددها إن ارتبطت بحركات وتيارات أخرى، ودون خوف من المطالبة بالمكاشفة والمصارحة وبمحاسبة المتورطين فى الانتهاكات بغض النظر عن هوياتهم الوظيفية أو الشخصية.
•••
الحق فوق القوة، لذلك لم تحل سيطرة منظومة الحكم/السلطة المباشرة (عبر الإدارة الحكومية) وغير المباشرة (عبر استتباع المصالح الاقتصادية والمالية الخاصة) على وسائل الإعلام العامة والخاصة دون أن تفرض الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية مفرداتها اللغوية ومفاهيمها بشأن توصيف جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان فى مصر وطرحها على الناس بمسميات واضحة لا اختزال بها للحقائق ولا تجميل بها لممارسات الحكم/السلطة. جرائم التعذيب وانتهاكات الاعتقال والقمع والتعقب السياسى وغياب الضمانات القانونية وضمانات التقاضى العادل والناجز، مثلا، صارت تتداول فى المجال العام بالمسميات هذه ولم تجد المؤسسات والأجهزة الرسمية على ألسنة مسئوليها من مفر من التعامل معها تارة بالنفى غير المقنع (كتصريحات وزير الداخلية الأخيرة التى أكد بها عدم وجود معتقلين فى مصر) وتارة بالتخفيف من وطأتها وإطلاق الوعود محدودة المصداقية بالنظر فيها ك(تصريحات رسمية كثيرة بشأن جرائم التعذيب).
•••
الحق فوق القوة، لذلك لم تحل أيضا سيطرة منظومة الحكم/السلطة المباشرة وغير المباشرة على وسائل الإعلام العامة والخاصة وما مكنت له من محاولات مستمرة لفرض الرأى الواحد والصوت الواحد دون أن ترفض قطاعات شعبية مؤثرة فى طليعتها الشباب الجامعى المبررات الرسمية لانتهاكات الحقوق والحريات كمقتضيات «الحرب على الإرهاب» والقضاء على «جماعات العنف» و«الحفاظ على الأمن القومى» وتنأى بنفسها عن بارانويا «الخطر والخوف»، التى يروج لها بتوظيف تأويل مبتثر للأحداث الداخلية والإقليمية يسكت بصدد الداخل عن العلاقات الارتباطية الجلية بين الاستبداد والمظالم والانتهاكات وإماتت السياسة وبين استمرار ظواهر الإرهاب والعنف، وبصدد الإقليم عن تلازم الاستبداد والتدخل الأجنبى مع التخليق المتصاعد لتنظيمات إرهابية جديدة وخروج فعلها عن حدود «المتفق عليها سلفا» مع الممولين والرعاة من حكام مستبدين وأجهزتهم الأمنية ومن قوى أجنبية واستخباراتها، وهنا وهناك عن عجز الأدوات العسكرية والأمنية بمفردها عن تخليصنا من شرور الإرهاب والعنف.
أما الإجراءات ذات طبيعة غير الديمقراطية الواضحة مثل إعادة عناصر الأمن إلى الجامعات، وإلغاء انتخابات رؤساء الجامعات وعمداء الكليات وجعل سلطة تعيينهم فى يد رأس السلطة التنفيذية، وإلغاء نشاط الأسر الطلابية ذات التوجه السياسى/الحزبى، والتهديد المستمر بتعقب وقمع طلاب المدن الجامعية، وتأجيل الدراسة الجامعية فلن تفلح أبدا فى الزج بشباب الجامعات إلى ساحات الرأى الواحد والصوت الواحد ولا فى حملهم على القبول الضمنى لانتهاكات الحقوق والحريات ومن ثم تجاهلها والصمت عنها.
•••
الحق فوق القوة، لذلك يبدى المجال العام المصرى وليس فقط على هوامشه القلق من احتمالات تورطنا فى حرب أمريكية جديدة على الإرهاب تتجه جيوشها ومعداتها وعملياتها العسكرية وضرباتها الجوية والصاروخية بداية إلى العراق وسوريا، ولا يعلم أحد أين ستتجه بعدهما وأين ستقف. ومصادر القلق متعددة ومباشرة؛ فالحروب الأمريكية السابقة فى بلاد العرب لم تسفر إلا عن انتشار للإرهاب والعنف وما يصاحبهما من وحشية ودموية وانتهاكات، وتلازمت الحروب الأمريكية مع استبداد منظومات الحكم/السلطة فى بلاد العرب فى صناعة بيئة مجتمعية مواتية للتنظيمات الإرهابية وحاضنة لانتشارها، ولم يكن ضحايا متوالية الاستبداد والتدخل الأجنبى والإرهاب إلا المواطن الذى أصبح «الهدف الأسهل» للحاكم المستبد ولعمليات الجيوش الأجنبية ولأفعال التنظيمات الإرهابية، والمجتمعات التى أضحت ظواهرها الحاكمة هى الدماء وجرائم الإبادة والدمار والتهجير واللجوء، والدول الوطنية التى تحولت مؤسساتها إلى أشلاء فى العراق وسوريا وغيرهما.
وإذا كانت بعض القطاعات الشعبية المؤثرة فى مصر ترفض توظيف «الحرب على الإرهاب» لتبرير المظالم والانتهاكات وقطاعات أخرى لا تقل تأثيرا مازالت تقبل المبررات الرسمية، إلا أن الطرفين يتلاقان على التسليم بأن حرب أمريكية لن تقضى على داعش وانشطارات القاعدة الأخرى بل سترتب على الأرجح تعاظم نفوذها ومن ثم أدوارها الوحشية والدموية، وأن الحل الأنجع هو العمل على لملمة أشلاء الدولة الوطنية فى العراق وسوريا بتجاوز الاستبداد والمظالم والانتهاكات والطائفية الحاضرة فيهما منذ عقود، وأن الأفضل لنا هو عدم التورط فى الحرب الأمريكية الجديدة لكى لا ترتد علينا وعلى بلاد العرب بالمزيد من التهديدات والتحديات.
هنا أيضا تغليب لجوهر الحق على القوة، وإن لم يبلغ لدى القطاعات الشعبية التى مازالت تستسيغ المبررات الرسمية للمظالم والانتهاكات كمقتضيات ل«حربنا نحن على الإرهاب» إلى مداه الأخلاقى والإنسانى الكامل بعد بالتسليم بأولوية العدل واحترام الحقوق والحريات وبناء الديمقراطية فى القضاء على الإرهاب والعنف فى مصر ثم تقديم نموذج ناجح لدولة وطنية عادلة وقوية ومجتمع متسامح ومتقدم يقنع إقليميا ويجتذب الشعوب العربية بعيدا عن المتوالية الكارثية للاستبداد والتدخل الأجنبى والإرهاب.
أسجل مجددا، أن لا داعى لليأس أو لإلقاء الأوراق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.