جامعة أسيوط تنظم فعاليات اليوم الثالث من مبادرة "تمكين"    السفير البريطاني الجديد بالقاهرة: نتطلع لارتقاء العلاقات إلى شراكة استراتيجية تشمل الاقتصاد والسلام الإقليمي    استعد لضبط ساعتك.. بدء التوقيت الشتوي في مصر الخميس المقبل    عاجل- هيئة تعاونيات البناء والإسكان تفتح باب الحجز ل253 وحدة سكنية بمواقع متميزة في عدد من المدن الجديدة    بث مباشر.. يصطدم الفتح بالرياض الليلة في دوري روشن السعودي 2025    رمسيس الثاني.. من معابد الأقصر إلى المتحف المصري الكبير    ختام مهرجان "دي كاف" بدورته الثالثة عشرة بمشاركة 18 دولة.. صور    الكاتب أسامة علام: تعلّمت من محمد المخزنجي أن الكتابة عن الكاركتر هو البطل الحقيقي    هل يقع الطلاق الشفوي؟.. خالد الجندي يجيب (فيديو)    وزير الصحة يعقد اجتماعا مع ممثلي شركتي «E-Health» و«Rain Stella» على هامش ملتقى الصحة العالمي 2025 في السعودية    عمان.. مباحثات أردنية أمريكية بشأن تثبيت وقف إطلاق النار غزة    عاجل- إنهاء حالة الطوارئ في جنوب إسرائيل لأول مرة منذ 7 أكتوبر    أوعى «الوعي» !    انتخابات الأهلي - رويدا هشام: فخورة بثقة الخطيب وسأكون صوت المرأة في المجلس    تشكيل الجونة لمواجهة سموحة    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    القبض على سائق سيارة بالبحيرة طلب أجرة أزيد من المقررة    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 130 جنيهًا    محافظ سوهاج يوجه بالإعلان عن تعريفة "التوك توك" ولصقها على المركبات    السيسي ل23 سفيرًا جديدًا: حريصون على تعزيز أواصر التعاون في شتى المجالات (فيديو)    اليوم.. عزاء شقيق فريدة سيف النصر بمسجد عمر مكرم    مصر تواصل إرسال مساعداتها إلى غزة.. وصول شاحنات وقود وغاز (فيديو)    رئيس جامعة بنها يهنئ باحث بمناسبة اكتشاف علمي جديد في مجال الحفريات الفقارية    نجاح عملية دقيقة لإزالة كيس بالفك العلوى لفتاة بمستشفى جهينة في سوهاج    بيان من مستشفى بدر الجامعى بحلوان بشأن حادث طريق القاهرة السويس    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    رويدا هشام: فخورة بثقة الخطيب.. وهدفي خدمة أعضاء النادي    القليوبية تواصل البحث عن طفل إسكو المفقود.. وتمشيط المنطقة وتفريغ الكاميرات    أول صورة لضحية حادث تصادم سيارتين ملاكي وتريلا في قنا    غدا.. ندوة صورة دولة المماليك في التاريخ المصري بقصر الأمير طاز    إنفوجراف| تصريحات ترامب فور وصوله مطار طوكيو خلال جولته الآسيوية    ريال مدريد يقرر الاستئناف على طرد لونين في الكلاسيكو    «الفجر بالإسكندرية 5.44 ص».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الثلاثاء    «تعليم أسيوط» يعلن تلقى طلبات الراغبين في العمل بالحصة لمدة عشرة أيام    مواقيت الصلاة بمطروح وأذكار الصباح اليوم 27 أكتوبر    مدير الرعاية الصحية بأسوان يستضيف الاجتماع التنسيقى لهيئات المنظومة الجديدة    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    مسلسل محمد سلام الجديد.. قصة وأبطال «كارثة طبيعية»    قنا: تحرير 330 مخالفة تموينية وإحباط تهريب 50 طن أسمدة مدعمة خلال أسبوع    بكين: المقاتلة الأمريكية تحطمت أثناء تدريب عسكرى فى بحر الصين الجنوبى    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    رئيس اتحاد الاسكواش تعليق علي فوز يحيي النوساني : طول عمرنا بنكسب الإسرائيليين وبنعرّفهم حجمهم    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    بكام الطماطم النهارده؟.. أسعار الخضراوات والفاكهة فى الوادى الجديد    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    انتخابات بلا إغراءات.. القانون يجرم الهدايا والتبرعات في سباق النواب    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    محافظ القاهرة يوجه بتخصيص جزء من الإذاعة المدرسية للتعريف بالمتحف المصرى    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفرافرة الثانية
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 07 - 2014

فى وقت واحد انكشفت الحدود المصرية على أوضاع متفجرة، فمن الشرق حرب إسرائيلية على غزة واستنفار فى سيناء، تحسبا لعمليات تتولاها منظمات تكفيرية ضد مواقع عسكرية واقتصادية، ومن الغرب حرب ميليشيات فى ليبيا شلت العاصمة طرابلس ودمرت مطارها وآثارها ممتدة بالضرورة إلى هنا ومن الجنوب عمليات إرباك عبر الحدود السودانية المفتوحة على تهريب السلاح والمسلحين.
الانكشاف الحدودى وصل ذرtوته بالقرب من واحة الفرافرة فى واحدة من أكثر المذابح دموية وبشاعة نالت من (21) جنديا قبل ساعة واحدة من الإفطار.
نفس الوحدة تعرضت لهجوم مماثل قبل نحو شهرين قيل وقتها إن عصابات تهريب ارتكبته وهو ما ثبت الآن أنه لم يكن صحيحا، فالحادثان لهما صفة العمل الإرهابى المنظم، والمعلومات الأولية تشير إلى أن أعلام القاعدة رفعت فوق سيارات الدفع الرباعى التى حملت المهاجمين وأسلحتهم الثقيلة.
المعنى أن إخفاء طبيعة الهجوم الأول سهل من مهمة الثانى وأن المذبحة الأولى مهدت للثانية.
فى المرة الأولى بدا الهجوم على وحدة الفرافرة، بغموض أصحابه وأهدافه، حدثا عارضا سرعان ما غادر الذاكرة واستقر فى الأرشيف.. غير أنه فى المرة الثانية يطرح تساؤلات جوهرية عن أوجه الخلل فى استراتيجية مكافحة الإرهاب التى تتجاوز بطبيعتها ما هو أمنى إلى ما هو سياسى، فلا أمن بلا أفق سياسى يتحرك تحته ويقود إجراءاته.
الأكثر لفتا للانتباه أن سيناريو مذبحة رفح الأولى تكرر بحذافيره فى مذبحة الفرافرة الثانية وأن أعداد الشهداء والضحايا متقارب.
فى المرتين جرى اقتحام مفاجئ على درجة عالية من التدريب والتسليح لوحدة حدودية قبل تناول إفطار رمضان مباشرة وارتكاب الحد الأقصى من العنف والتنكيل دون أن يكون هناك تأمين كاف.
بحسب ما هو معلن فإن بطولة المقاومة فى الفرافرة لم تمنع ارتفاع أعداد الشهداء فقد انفجرت مخازن الذخيرة بقذائف «آر بى جي» أطلقها المهاجمون والقصة بعد ذلك غامضة فى كل تفاصيلها.
لا إجابات مقنعة تفسر أسباب الاسترخاء فى موضع تعرض للهجوم المسلح سابقا أو تكشف الطريقة التى هرب بها المهاجمون.
ولا إجابات تشير إلى الأسباب التى دعت المهاجمين لترك عربتين مسلحتين فى المكان وقد كان لديهم الوقت للعودة بهما إن لم تكن هناك ضرورة لتفجير موقع قد تفجر.. ثم بعد ذلك كله:
من أين قدموا وإلى أين ذهبوا؟
فى السؤال الأخير هناك أكثر من فرضية.
الأولى تشير إلى تموضع ما قرب الحدود السودانية والثانية تشير باتجاه الحدود الليبية وفى الاثنتين انكشاف حدودى أمنى وسياسى واستراتيجى معا، فالقضية تتجاوز الحدود إلى ما ورائها.
ومن هذه الزاوية فإن ما يجرى فى السودان وليبيا شأن مصرى بمعنى أن آثاره تدخل فى صلب الحياة ومستقبلها والأمن وضروراته.
بذات القدر فإن مصير غزة هو مصير مصرى.
فى الفرضية الليبية يصعب استبعاد دور بمذبحة الفرافرة لميليشيات تكفيرية متمركزة بالقرب من الحدود. الهدف إرباك الدور المصرى فى لحظة تندفع فيها شلالات النار بغزة، ورغم أنه لم يرتفع إلى مستوى الأزمة إلا أن الهدف تقويضه ماديا ومعنويا وإبعاده فى الوقت نفسه لأطول ما يمكن عن النظر فى المستقبل الليبى والمساعدة فى محاربة الإرهاب الذى يعطله.
فى الفرضية السودانية الاكثر ترجيحا فإن حصر العلاقات مع الخرطوم فى أزمتى الأمن والمياه خطأ فادح وبذات القدر فهو خطأ لا يغتفر فى النظر إلى قضايا الحدود الأخرى.
هناك فرضيات اضافية لتمركز إرهابى غير معلوم يوجه ضرباته الموجعة ويختفى فى الصحارى الممتدة ويصعب استبعاد احتمال أن تكون عملية الفرافرة منسقة بين أكثر من جماعة مسلحة.
المعنى أن هناك تلازما فى التوقيت والأهداف بين ما يجرى عند الحدود الشرقية وما يجرى على الحدود الأخرى.
هناك سعى من قوى إقليمية مثل تركيا وقطر لقنص الدور المصرى وإنهاء أى مراهنات عربية مستقبلية عليه وصلت إلى المكايدة السياسية التى لا تعنيها غزة ولا قضيتها.. وهناك توظيف بوسائل أخرى للعدوان على غزة لإرباك المشهد المصرى من داخله بعمليات من نوع «مذبحة الفرافرة».. والأخطر فى مدى النظر أن الحرب مع الإرهاب مرشحة لنقلات نوعية جديدة ما لم تكن هناك استراتيجية مختلفة فى مواجهته.
فالجماعات التكفيرية تستشعر الآن ارتفاعا فى مستوى رهاناتها بعد التقدم الكبير الذى أحرزته «داعش» فى سوريا والعراق حيث تمكنت من الاستيلاء الميدانى على ثلث الأولى وتمركزت فى محافظات كبرى بالثانية تولت بعدها بناء دولتها المتخيلة والتهجير القسرى الجماعى للمسيحيين من الموصل بإنذار مدته ساعات، وهو عمل عنصرى ترفضه القوانين الدولية والقيم الإنسانية ويتماهى بصورة مذهلة مع ما ترتكبه القوات الإسرائيلية فى غزة من جرائم حرب تكتفى فى بعضها بإنذار مماثل مدته خمس دقائق لإخلاء البنايات من سكانها قبل قصفها بالصواريخ.
ما يحدث فى الموصل وجه آخر لما يحدث فى غزة.. وهناك مفارقتان أولاهما أنه فى الموصل يفضى الإجلاء القسرى فى أجواء المنطقة وتحولاتها واحتمالات تشقق دولها إلى تبرير الاغتصاب الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية وتهويد القدس والعدوان المتكرر على غزة وحصار أهلها وإنكار حق العودة للذين غادروا بيوتهم تحت ترويع السلاح منذ عام (1948) فطالما أنه يمكن الصمت على الطرد الجماعى لمسيحيين عراقيين يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة من بيوتهم لأسباب تتعلق بعقيدتهم الدينية فإن احتمال الترحيل الجماعى للفلسطينيين من مسلمين ومسيحيين معا لم يعد ممكنا استبعاده فى أى مدى منظور أو متوسط بذرائع مشابهة.
وثانيتهما أن الجماعة التكفيرية التى ترجح معلومات أولية مسئوليتها عن مذبحة الفرافرة تحمل اسم «أنصار بيت المقدس» وهو يشير إلى القدس ونصرتها فى مواجهة التهويد، بينما عملياتها المسلحة فى الداخل المصرى تفضى إلى إرباك دوره.
فى المفارقتين إشارات إلى كمائن جديدة فى حرب قد تطول مع الإرهاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.