عنهم تبحثون وعنهم أبحث أيضا، وأدرك جيدا أن أعمال الإرهاب والعنف التى تشهدها مصر وتسقط ضحايا أبرياء بين صفوف ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة ومن المدنيين ينبغى مواجهتها بحسم ومحاسبة المتورطين فى التحريض / التمويل / التنفيذ / التبرير وتخليص المجتمع من شرورهم. إلا أننى أدرك أيضا أن مواجهة أعمال الإرهاب والعنف لكى تنجح، وكما تدلل خبرات عالمية كثيرة ومتنوعة، تحتاج للمزج بين الحلول الأمنية والحلول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتستدعى التزام مؤسسات وأجهزة الدولة المنفذة للحلول الأمنية بسيادة القانون وضمانات الحقوق والحريات وإجراءات التقاضى العادل، وتتطلب بيئة مجتمعية تعلى من شأن السلم الأهلى وتحميه. تبحثون عن الأمن والاستقرار والدولة الوطنية القوية وعنهم أبحث أيضا، وأدرك جيدا أن التوترات والمخاطر المستمرة التى يصدرها لنا المحيط الإقليمى المتفجر بأشلاء الدول الوطنية وبالتطرف الطائفى والمذهبى والعرقى والدينى وبالجيوش الوطنية المنهارة وبجماعات الإرهاب والعنف العاملة عبر حدود الدول فى المشرق العربى وشبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا يتعين مواجهتها برؤية واضحة وسياسة حاسمة تترجمهما مؤسسة عسكرية متماسكة وأجهزة أمنية فعالة لحماية الأمن القومى. إلا أننى أدرك أيضا أن الدفاع عن تماسك المؤسسة العسكرية وفعالية الأجهزة الأمنية يقتضى مطالبتهم بالاضطلاع بمهامهم الطبيعية بعيدا عن التدخل فى الحكم أو التورط فى قمع معارضيه أو الهيمنة على النشاط الاقتصادى أو العصف بسيادة القانون. تبحثون عن الأمن والاستقرار والدولة الوطنية القوية وعنهم أبحث أيضا، وأدرك جيدا أن السيطرة على الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التى تراكمت خلال العقود والسنوات الماضية تتطلب تعبئة كل القدرات الشعبية وتمكين المؤسسات العامة والخاصة من الفعل فى بيئة مجتمعية مؤيدة. إلا أننى أدرك أيضا أن السبيل الحقيقى لتعبئة القدرات الشعبية يتمثل فى احترام حقوق الناس وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية وفى رفع الظلم والقضاء على المظالم والانتهاكات وفى إنقاذ السلم الأهلى للمجتمع ولا علاقة له بفرض الرأى الواحد والصوت الواحد أو التأييد المستمر للحكم دون مساءلة ومحاسبة، وأن السبيل الحقيقى لتمكين المؤسسات العامة والخاصة من الفعل فى بيئة مجتمعية إيجابية يتمثل فى إنفاذ سيادة القانون والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد فى المنصب العام والخاص والتزام الشفافية ولا علاقة له بإسكات أصوات المعارضين والأصوات الناقدة إلى حد منع مقالات صحفية ومسلسلات تليفزيونية، وأن السبيل الحقيقى لتحسين الظروف المعيشية للناس يتمثل فى عمليات التنمية المستدامة. عن الأمن والاستقرار والدولة الوطنية القوية نبحث جميعا، جميعا نريد تجنيب مصر ويلات الإرهاب والعنف وانفجارات المحيط الإقليمى ودوله وجيوشه المنهارة، جميعا نقف مع تحصين الدولة ومؤسساتها وأجهزتها والحفاظ على الأمن القومى، جميعا نطالب بالمواجهة الحاسمة للمتورطين فى الإرهاب والعنف ومحاسبتهم، جميعا نتألم لسقوط الضحايا ونحتسبهم عند الله من الشهداء، جميعا نرفض الدماء وتدمى قلوبنا صرخات ذوى الشهداء والضحايا. فقط ثقوا أن العدل ورفع الظلم وسيادة القانون والتخلص من انتهاكات الحقوق والحريات هى مجتمعة فى صدارة مقومات الأمن والاستقرار والدولة الوطنية القوية. ثقوا فى هذا، وكفوا عن المزايدة على وطنية الأصوات المدافعة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، فهذه لحظة للعمل الجماعى ونبذ التناحر وقبول الاختلاف فى الرأى واستعادة السلم الأهلى لكى تنتصر مصر المواطن والمجتمع والدولة.