توصل العلماء إلى طريقة حديثة لتعديل جينات البعوض وراثيا، بحيث لا تنتج سوى الذكور، ما يفتح بابا جديدا محتملا لمكافحة مرض الملاريا والقضاء عليه في نهاية المطاف. وأجرى الباحثون في الكلية الإمبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب بلندن تجارب على أسلوب وراثي للتحكم في نسبة الجنس لبعوضة (انوفليس جامبياي) -وهي الناقل الرئيسي لطفيل الملاريا- بحيث تتوقف عن إنتاج إناث البعوض المسؤولة عن لسع الإنسان وبالتالي نقل الطفيل إليه وإصابته بالمرض. وقال الفريق البحثي في دراسة نشرت نتائجها الثلاثاء، في دورية (نيتشر كوميونيكيشنز) إنه بالاستعانة بهذا الأسلوب في التجارب المعملية الأولية تم إنتاج سلالة كاملة الخصوبة من البعوض تبلغ نسبة ذرية الذكور بها 95%. وقال أندريا كريزانتي المشرف على البحث بقسم علوم الحياة في الكلية "نجحنا للمرة الأولى معمليا في تثبيط إنتاج نسل من الإناث وهو ما يطرح أسلوبا جديدا للقضاء على المرض." وقال نيكولاي ويندبيكلر المشارك في البحث، إن الأمر المبشر بالخير في النتائج أنها قائمة بذاتها على أساس أن البعوض هو الذي يقوم بمهمة التخلص من الإناث. وأضاف "بمجرد إنتاج البعوض المحور وراثيا فلن تنتج الذكور سوى ذكور مثلها وهكذا لذا فإن البعوض هو الذي سيقوم بالمهمة نيابة عنا." وتضمنت التجارب التي عكف العلماء على إجرائها طيلة أكثر من ست سنوات قيام الباحثين بإدخال إنزيم معين في المادة الوراثية لبعوضة (انوفليس جامبياي). ويعمل هذا الإنزيم على التخلص من أجزاء من المادة الوراثية على الكروموسوم (إكس) الذي ينتج إناث البعوض لتثبيط إنتاج نسل من الإناث بذلك تنتج ذرية مهندسة وراثيا تحتوي كلها تقريبا على ذكور. وأدخل الباحثون هذا النوع من البعوض المعدل وراثيا إلى خمسة أقفاص من عشائر البعوض البري. وفي أربعة من هذه الأقفاص تلاشت أعداد الإناث خلال ستة أجيال. ويعقد الباحثون آمالا على تكرار هذه التجربة المعملية وتطبيقها على البعوض في البرية للقضاء على إناث البعوض الناقلة للملاريا في نهاية المطاف. وكان لهذه النتائج أثر بالغ بين الخبراء الذين لم يشاركوا مباشرة في هذه التجربة إذ عبروا عن حماسهم بشأن مستقبلها. وقال مايكل بونسال المتخصص في علم الحيوان بجامعة أوكسفورد البريطانية "إنه جهد متميز للغاية. الحد من احتمالات تزاوج البعوض من خلال التعديل الوراثي هو أحد تقنيات التقليل من عشائر (الإناث). من المثير للغاية أن نرى كيف سيكون مستقبل ذلك." وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن الملاريا تفتك بنحو 627 ألفا كل عام على مستوى العالم ومعظم ضحاياها من الرضع والأطفال في منطقة جنوب الصحراء الكبرى.