بادئ ذى بدء أنا موافق على مبدأ فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية وعلى توزيعات الأرباح على الأسهم المدرجة فى البورصة. اعتراضى هو على الشروط المصاحبة لهذا الإعلان. كان يمكن تفادى جزء كبير من هذا الانخفاض فى أسعار الأسهم. كنت أيضا أفضل توقيتا مختلفا. فالمستثمرون مازالوا يلتقطون أنفاسهم جراء ما حدث فى السنوات الست الماضية بدءا من الأزمة العالمية ثم الأحداث فى مصر بعد 25 يناير 2011. ولكنى أعلم أن الإجراءات الاقتصادية التالية سوف تمس الغالبية العظمى من الناس وبالتالى – وغلقا لباب المزايدات – تم البدء بالأعلى صوتا والأكثر قدرة على التحمل، وهذا مفهوم. المشكلة الحقيقية تكمن فى أن النسبة الغالبة من المعلقين والإعلاميين والسياسيين يتصورون أن البورصة هى مكان مثل الكازينو يعتمد على الحظ يخسر فيه البعض ما يكسبه آخرون فى معادلة صفرية تعتمد على الحظ (وعلى المعلومات الداخلية). وهذا المفهوم ينم عن عدم فهم (وفى بعض الأحيان سوء نية مقصود) لدور البورصة فى الحياة الاقتصادية للدول. ولنسأل أنفسنا أولا لماذا توجد بورصة فى روسيا والصين وهما من معاقل الأنظمة الاشتراكية؟، ولماذا توجد بورصة فى الدول الإسكندنافية وهى من معاقل الدول التى تتبنى مبدأ السوق مع تعميق دور الدولة فى الخدمات؟ ولماذا توجد بورصات فى أمريكا وأوروبا وهى تتبنى مبدأ السوق المفتوحة؟ . الإجابة واضحة وهى انه فى الكثير من الأحيان توجد شركات تريد توسعة نشاطها وهى تلجأ لتمويل هذه التوسعات عن طريق زيادة رأسمالها بطرح أسهم زيادة رأسمال فى البورصة (وهو ما يسمى بالطروحات الأولية). ثم إنه فى النهاية فإن المستثمرين الذين يؤسسون شركات ويوظفون الناس هم – مهما طال الوقت أو قصر – يريدون التخارج من استثماراتهم وأحد وسائل التخارج هو بيع أسهمهم فى البورصة (وهو ما يسمى بالطرح الثانوى). وبالتالى فبدون بورصة فإنه لا توجد استثمارات مباشرة وبدون استثمارات مباشرة لا توجد فرص عمل. الاكتشافات الجديدة وكل الأدوية الجديدة وكل شركات التكنولوجيا فى العالم وراءها شركات تم طرحها فى البورصات أو سيتم طرحها. نريد جوجل بدون بورصة. نريد أبل بدون بورصة، نريد إنترفيرون بدون بورصة، لن يحدث. فى مصر ستة خطوط أسمنت مملوكة للشركة المصرية للأسمنت تم تمويل بداياتها عن طريق طرح أسهم زيادة رأس مال فى البورصة. شركة أوراسكوم تليكوم ما كانت لها قائمة بدون البورصة، مشروعات شركة القلعة أصبحت واقعا بسبب تمويل عن طريق البورصة وكذلك كل الشركات التى أسسها طلعت حرب. نحن نريد مشروعات جديدة لتشغيل الناس ولكن لا نريد بورصة.. هذا وهم يشبه من يريد أن ينجب أطفالا بدون أن يتزوج، ثقافة الأعمال غير موجودة ويجب تدريسها والإعلام يجب تعليمه!. توجد علاقة مباشرة بين تقدم سوق المال فى أية دولة وبين تقدم هذه الدولة! كل العالم يريد بورصات نشطة ونحن فعلنا كل ما نستطيع لتحجيم دور البورصة. الضرائب على الأرباح الرأسمالية للبورصة ليست المشكلة وأنا موافق عليها. المشكلة الحقيقية هى أننا لا نفهم أهمية البورصة.