كشفت مصادر متطابقة بجماعة الإخوان المسلمين عن أن غالبية أعضاء مكتب الإرشاد قبلوا بعض ما جاء فى العرض الحكومى والذى يقضى بوقف الحملة الأمنية، والإفراج عن قيادات الجماعة، مقابل أن توقف الجماعة النشاطات التى تراها الدولة تحريضا وتأليبا للرأى العام ضدها، وعدم المشاركة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، أو الاكتفاء بمشاركة رمزية، والسكوت عن ملف التوريث «أى عدم معارضته أو تأييده بشكل معلن». وقالت المصادر ل«الشروق» إن الاتجاه العام داخل الجماعة أيد فكرة المشاركة الرمزية فى انتخابات 2010، إلا أن خلافا أثير حول الموقف من ملف التوريث، مضيفة أن موقف الجماعة من القضية الفلسطينية لم يكن بقصد إحراج النظام أو تحريض الرأى العام ضده بقدر ما هو إيمان بقدر مصر ومكانته التاريخية. وأبدت المصادر اعتراضها على توصيف عرض النظام بالصفقة، مؤكدة أن ما حدث لا يعدو كونه رسالة وصلت الجماعة عبر وسيط، ويمكن وصفها بالتفاهمات، مشيرة إلى أن الجماعة لم تتلق ردا حتى الآن من النظام، علما بأن تلك الرسالة وصلت الجماعة منذ أشهر. وأكدت أن قبول الجماعة بهذه التفاهمات يأتى فى إطار حرصها على أمن البلد، والابتعاد عن أى مواجهة عنيفة من الممكن أن تؤثر على استقراره. وكان مهدى عاكف مرشد الإخوان أكد ل«الشروق» أمس أنه أبلغ شخصية رفيعة موافقة الجماعة على مطالب نقلت إليها بعدم خوض الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة حتى الآن فى 2010 مقابل الإفراج عن جميع المعتقلين من كوادرها وقياداتها بمن فيهم مجموعة العسكرية. وأضاف عاكف: رد الجماعة على رسالة النظام لم يقابل برد إيجابى من قبل الدولة حتى الآن، مشيرة إلى أن هذا العرض كان قد تم طرحه على الجماعة منذ أشهر وليس فى الآونة الأخيرة. من جهته نفى د.على الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطنى وجود صفقة بين الحزب الوطنى وجماعة الإخوان تنص على تقليص عمليات اعتقال قيادات الجماعة مقابل وقفها لأنشطتها الداخلية والخارجية التحريضية ضد الدولة. وأكد د.هلال فى بيان تلقت «الشروق» نسخة منه أن الحزب لا ينقل رسائل سرية إلى الإخوان أو إلى أى طرف آخر، مشيرا إلى أن تصريحات عاكف بشأن وجود عرض من شخصية سياسية رفيعة بعدم خوض الانتخابات التشريعية المقبلة مقابل الإفراج عن جميع المعتقلين من قياداتها، هو أمر يصعب تصديقه، ولم يتم بحث مثل هذه الأمور فى هيئة مكتب أمانة الحزب الوطنى أو مناقشتها له. وقال هلال إن ما يتردد عن وجود صفقة مع الإخوان، يأتى فى إطار سعى الجماعة لصرف نظر الرأى العام عن الاتهامات الموجهة إلى قيادات من الجماعة بالمشاركة فى عمليات تنظيف أموال، بالتعاون مع التنظيم الدولى للإخوان، وبطريقة تخالف القانون، إلا أن مصادر رسمية مطلعة فى دوائر صنع القرار بالحكومة والحزب الوطنى، أكدت ل«الشروق» ما طرحه عاكف بشأن العرض الحكومى، مشيرة إلى إن المرحلة المقبلة من «التعامل مع الإخوان المسلمين» هى المرحلة الأكثر حساسية، وأن هذا العرض غير قابل للتفاوض. واستبعد خليل العنانى الباحث المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية، أن يسعى النظام لإتمام صفقة مع جماعة الإخوان، موضحا أن الصفقة تكون بين طرفين متكافئين، وأشار إلى أن هناك ضمانات وتفاهمات أو رسائل، أبرزها كان قبل انتخابات 2005، عندما تم اعتقال عدد من قيادات الإخوان على خلفية المظاهرات التى خرجت فى 15 محافظة وشارك فيها 140 ألفا من أعضاء الجماعة، اعتقل على إثرها عدد كبير من كوادرها، فوصلت الرسالة للإخوان بعدم النزور بمظاهرات بهذا الشكل وعدم مشاركة قوى الاحتجاج لاجتماعى والسياسى أى نشاط، وألا يدعموا أيمن نور فى انتخابات الرئاسة، فى المقابل وقف الحملة الأمنية، والسماح للجماعة بالمشاركة فى الانتخابات التشريعية. ويرى العنانى أن الأزمة ستتصاعد وذلك لأن النظام فى حالة توحش، على حد تعبيره، ويرغب فى المرحلة المقبلة فى تفكيك البنية التنظيمية للجماعة، فى محاولة لتكرار تجربة الجماعات الإسلامية، أو على الأقل العودة لصيغة الثمانينيات أى الاكتفاء بالنشاط الدعوى والاجتماعى.