ربما لأنه كان شابًا يافعًا لا يزال المستقبل أمامه طويلا، أو ربما لأنه كتب عن أوجاع وطن في مقالات كشفت عن ثقافته وعلمه أو ربما لأنه كان في طليعة الشباب الذين شاركوا في ثورة أسقطت نظامًا قبع على الكرسي، منذ أن خرجوا هم للحياة.. ربما لأسباب أخرى كثيرة انتفض الشباب والشخصيات العامة والصحفيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليرثوا «باسم صبري» اتفقوا على أنه كان سيضيف كثيرًا لهذا الوطن. رحل باسم صبري، الشاب الثلاثيني والكاتب في العديد من الإصدارات العالمية؛ من بينها موقع «المونيتور» و«فورين بوليسي» و«هافينجتون بوست»، ووصولا إلى مدونته «مواطن عربي»، ليدخل معترك السياسة بعد الثورة عبر عتبة حزب الدستور. «لم تغيره السياسة، لأن شخصًا مثله إذا دخل السياسة فهو من سيغيرها فمعدنه لا يتغير»، هكذا تقول عنه الإعلامية والشاعرة ديمة الخطيب في تدوينة رثاء لصديقها الإنسان. للدخول إلى مدونة ليمة الخطيب: «أقلية الأقلية» تواصل الإعلامية ديمة الخطيب، حديثها عن صديقها، قائلة: «قلبه كان محروقًا على مصر.. وكتب لها عن حالة البلاد المزاج السائد وكوني أقلية ضمن أقلية». وأضافت أنها ردت عليها قائلة: «الأقلية ضمن الأقلية التي تحدثت عنها هي الأقلية التي حافظت على توازنها وتسامحها وتقبلها للآخر، وسط حالة الجنون التي تحيط بك.. أنت من القلائل الذين لم يفقدوا صوابهم في حالة فقدان الصواب الجماعية». وتتابع رثائها لباسم، قائلة: «أنت مرجعي الدائم في مصر.. عندما أعجز عن فهم ما يحدث، أنت من تشرح لي بكل عمق وبكل موضوعية، دون أن تتهم أي جهة أو تسيء بالكلام إلى أي جهة.. أنت الضمير الذي يطمئنني بأن مصر ستقف من جديد على قدميها طالما فيها شخص مثل باسم صبري». «إحباط ثوري» قبل 30 يونيو، قال باسم عبر مدونته «مواطن عربي» إنه على الرغم من الحراك الحاصل في المجتمع والحشد لإسقاط محمد مرسي، فإنه كان يغمره شعور بالإحباط لعدم قدرة شباب الثورة على لم الشمل وتأسيس دولة ديمقراطية، معتبرًا أن الثوار الآن ك«الغرباء في وطنهم بعد ثورة لم تكن لتنجح بدونهم». للدخول إلى مدونة مواطن عربي الناشط السياسي باسم صبري لم يجد مفرًا في نهاية مقاله من الاعتراف بأن الحل يظل هو التمسك بالأمل، مضيفًا: «هو مرض يبدو أنني لن أشفى منه، ولا أريد أن أشفي منه، وهو الشعور المزمن بالأمل، وإيماني بالتغيير، وبحتمية انهيار الظلم أيا كان، وبحتمية نهوض العقل، وبحتمية انتصار العدل والحق». «أنا ضد الإعدام» «صبري» الذي ستظل مقالاته حاضرة رغم الرحيل، قاد حملة ضد عقوبة الإعدام، عبر حساباته الشخصية على تويتر وفيس بوك، وذلك بعد أحكام الإعدام الجماعية التي أصدرها القضاء في الفترة الأخيرة. يقول الناشط في تغريدة له: «عقوبة الإعدام هي العقوبة الوحيدة التي لا يمكن إصلاح خطأ الحكم بها إذا ثبتت براءة المتهم بعد فترة من حكم ظالم عليه». باسم، الذي نعاه الجميع وبكاه أصدقاؤه ووصفه البرادعي ب«رفيق درب وإنسان نبيل فقدناه ونحن في أمسّ الحاجة إليه»، مطالبا شباب الثورة الدعاء بالرحمة والمغفرة له، كتب في 25 أبريل، جملة يقول فيها: «بعض الأمور تستحق المخاطرة من أجلها.. إنها الأمور التي ربما تعطيك فرصة أن (تحيا)، وليس لمجرد أن تظل على قيد الحياة، فقط حتى يصمت جسدك ثم يفنى يومًا ما من تلقاء ذاته»، اعتبر البعض جملة هذه بأنه كتبها وكأنه ينعي نفسه. للدخول إلى صبري معلقا على أحكام الأعدام «ليه الناس الحلوة بتموت» «هو ليه كل الناس الحلوة بتموت في البلد دي».. كانت هذه تغريدة للناشط باسم صبري، في مارس من العام الماضي، غردها بعد رحيل رفيق النضال والثورة محمد يسري سلامة، ليمر عام ويرحل رجل آخر من رجال «ثورة التحرير»، قبل أن يحصدوا ثمار ثورتهم التي لم تحققها بعد.