إلى القاهرة عاد المبدع الروائى الكبير د. محمد المنسى قنديل بعد رحلة عمل طويلة استمرت لنحو خمسة عشر عاما قضاها فى مجلة العربى الكويتية، وتأتى عودة المنسى قنديل بعد تكريم المجلة له بوصفه كبير محرريها بسبب استعدادات ابنه إيهاب لدخول الجامعة، وهى المرحلة التى فضل أن يكون متواجدا فيها معه، ومستقرا فى القاهرة بعد سنوات الغربة الطويلة التى أصدر خلالها عددا من أعماله الإبداعية، وحصد فيها أكثر من جائزة كان آخرها جائزة ساويرس فى الرواية عن روايته الأخيرة «قمر على سمرقند» والتى ترجمها مؤخرا إلى الإنجليزية قسم النشر بالجامعة الأمريكية. كان المنسى قنديل قد أنهى مراجعة أحدث رواياته (يوم غائم فى البر الغربى) والتى ستنشر خلال الفترة المقبلة عن دار الشروق، وتدور أحداثها فى مطلع القرن العشرين، إضافة لانتهائه من مراجعة الطبعة الجديدة من كتابه (وقائع عربية) والذى يعيد فيه قراءة التاريخ والتراث العربى والإسلامى بأسلوبه المتميز، ويصدر عن (دار ليلى) للنشر، ولم يستقر قنديل حتى هذه اللحظة على خططه فى الفترة المقبلة وإن كان من المرجح أن يقضيها كاتبا متفرغا لإبداعه ومقالاته الصحفية. المعروف أن المنسى قنديل من مواليد مدينة المحلة، وشكل هو وجيله من المبدعين حركة ثقافية وأدبية متميزة جعلتهم مثار إعجاب الكثير من النقاد منذ منتصف السبعينيات حيث زاملته فى رحلته الإبداعية العديد من الأسماء التى تنتمى للمحلة مثل جابر عصفور ونصر حامد أبو زيد والقاص المعروف سعيد الكفراوى والأديب جار النبى الحلو والشاعرين محمد فريد أبو سعدة ومحمد صالح وغيرهم. وتخرج المنسى من كلية طب المنصورة عام 1975 وعمل فى ريف محافظة المنيا لمدة عام ونصف العام ثم انتقل إلى التأمين الصحى فى القاهرة قبل أن يعتزل الطب ويتفرغ للكتابة. التى تميز فيها لدرجة أن فاز وهو لايزال طالبا فى عام 1970 بالجائزة الأولى فى نادى القصة عن قصته البديعة «أغنية المشرحة الخالية» التى جسدت مشاعر طالب طب فقير، وقد نشرت هذه القصة فى العديد من الدوريات قبل أن يضمها فى مجموعته «من قتل مريم الصافى» التى فاز عنها بجائزة الدولة التشجيعية فى عام 1988. كما فاز وهو طالب أيضا بجائزة الثقافة الجماهيرية عن قصة «سعفان مات» التى تحكى مأساة عمال التراحيل. بعد تخرجه من كلية طب المنصورة عمل فى الريف المصرى، ومن هذه المرحلة استقى معظم خبراته عن القرية المصرية، وانشغل فى هذه الفترة بإعادة كتابة التراث وكان دافعه إلى ذلك هو الهزيمة المريرة التى تلقاها العرب فى عام 1967 والتى لم تغادر ذاكرته الروائية حتى الآن، وحاول المنسى قنديل من خلال كتاباته التاريخية أن يبحث فى جذور الشخصية العربية، وهل هى شخصية قابلة للتقدم والنماء أم انها محكومة بمصير الهزيمة، وقد أثمرت رحلته فى التراث عن ثلاثة كتب متنوعة هى «شخصيات حية من الأغانى» و«وقائع عربية» و«تفاصيل الشجن فى وقائع الزمن» بعد ذلك كتب روايته الطويلة الأولى «انكسار الروح» وهى قصيدة حب طويلة وشجية عن الجيل الذى عاش مع ثورة يوليو محملا بالانتصارات عاشقا للحب والحياة، وانتهى به الأمر منكسر الروح وضائعا بعد هزيمة يونيو. كتب المنسى قنديل بعد ذلك عدة مجموعات قصصية نالت إعجابا كبيرا من النقاد الذين شبهه بعضهم بيوسف إدريس، إلا أنه خرج من هذه العباءة بأسلوبه المتميز وقصصه القصيرة والطويلة (النوفيلا) التى كتبها خلال العقدين الأخيرين، ليقدم إلى المكتبة العربية (احتضار قط عجوز) و(بيع نفس بشرية) و(آدم من طين) و(عشاء برفقة عائشة)، واشتغل المنسى قنديل بمجلة العربى التى هيأت له الرحيل حول العالم، وكانت ثمرة ذلك روايتين، نشر أحدهما وهى «قمر على سمرقند» والأخرى ضاعت منه وهى مخطوطة، ولا زال يحاول استرجاعها فى ذاكرته.