«قلت لتلاميذى إنى ذاهبة إلى مصر، وطلبت منهم أن يخبرونى بسؤال اسأله للمصريين»، تقولها كات داهر، مدرسة التاريخ الأمريكى بإحدى مدارس ولاية بنسلفانيا. فكان رد الطلاب «اسأليهم عن سبب ارتداء النساء الحجاب». كات هى واحدة من 10 مدرسين للمرحلة الثانوية الأمريكية ومن المشتركين فى برنامج «الإسلام بعيون مصرية»، والذى نظمته هيئة فولبرايت وجمعية المصادر التعليمية الإسلامية، بالتعاون مع جامعات الإسكندريةوجنوب الوادى وبرنامج حوار الحضارات بجامعة القاهرة. على مدار شهر كامل، تجول الأساتذة بين المزارات السياحية فى الأقصر وأسوان والإسكندريةوالقاهرة للتعرف على تاريخ البلد، ومقابلة أساتذة جامعات وسياسيين فى حوارات تناولت الديمقراطية والإسلام وعلاقة مصر بالغرب. د. عبدالموجود درديرى، المنسق العام للرحلة. يدَرس الأدب الإنجليزى بجامعة جنوب الوادى وجامعة ساوث فالى الأمريكية. وشارك فى تنظيم عديد من برامج التبادل الثقافى بين مصر والولاياتالمتحدة على مدار أكثر من 10 سنوات. يؤكد د. عبدالموجود الذى يعيش فى الولاياتالمتحدة منذ ربع قرن، أن هناك اختلاف بين الثقافة الغربية والإسلامية، وأن تجنب الصدام بين الاثنين لا يتم عن طريق إلغاء هذه الاختلافات وإنما بفهم كل حضارة للأخرى. «فى الولاياتالمتحدة يوجد مفهوم البوتقة، الذى يصهر الاختلافات بين الثقافات ويشجع على تبنى ثقافة متشابهة. أما التبادل الثقافى الذى ندعو إليه فيشجع على التعايش بأسلوب أشبه بطبق السلطة، كل مكون يحتفظ بشكله ومذاقه الخاص، ولكن فى انسجام مع المكونات الأخرى». ماثيو سادنيك، أحد المشاركين، يدرس الأديان المقارنة بمدرسة ثانوية كاثوليكية، يقول إن أهم ما استفاده من الزيارة هو إدراكه لمدى التنوع الكبير فى معتقدات المسلمين، «تعرفت مثلا على الإسلام الصوفى، وهو مختلف جدا عن الإسلام فى معتقدات السلفيين». يرى ماثيو أن الإعلام الأمريكى يصور المسلمين فى أغلب الوقت ككتلة متفقة الآراء، دون تفرقة بين المذاهب المختلفة، «وهذا ليس ناتج بالضرورة عن تعمد، بل ناتج فى الأغلب عن عدم معرفة». «أول ما سأقوله لتلاميذى عند عودتى إن الإسلام لا علاقة له بالإرهاب»، تقولها إميلى هادج، مدرسة اللغة الإنجليزية. أغلب تلاميذ هادج كانوا فى الرابعة أو الخامسة من عمرهم حين شاهدوا أحداث 11 سبتمبر، «كل ما يعرفونه عن الإسلام مرتبط بصور القتلى والصراخ الذى أصاب أمريكا يومها». وتشرح إميلى أنها تناقش تلاميذها عن الإرهابيين المسيحيين الذين يفجرون العيادات الطبية التى تجرى عمليات الإجهاض، والمسيحيين النازيين الذين يقومون بعمليات إرهابية ضد اليهود. أما كات التى سألها طلابها عن الحجاب، فتقول إن زيارتها لمصر جعلتها تدرك أن الحجاب هو أحيانا رغبة من المسلمات فى تلبية واجب دينى، وأحيانا لتأكيد الهوية ومقاومة التأثير الغربى فى المجتمع. تصمت كات قليلا، ثم تضيف «أظن أن الحجاب فى بعض الأحيان له علاقة بالموضة، فأشكال الحجاب فى مصر بعضها مبتكر للغاية».