«لم تمر لحظات من المشهد الأول حتى تحولت دار العرض إلى مصنع.. أضواء شاشة العرض وكأنها ضوء شاحب لآلات لا تتوقف عن العمل».. على مقعدك ستجد نفسك متورطًا ومغرقًا في تفاصيل قصة فيلم «فتاة المصنع». «وياه لما الواحدة منا تكمل 21 سنة».. 6 كلمات تحمل بين طياتها تتر الفيلم السينمائي لفتاة المصنع، والتي تنطقها بطلته «هيام»، لتلخص بها قصتها وغيرها من الفتيات التي يعود عليهن سن ما بعد العشرين بكثير من المشاعر يحتجن خلالها إلى من يقدرهن ويتعايش معهن. «الكادحة الطموحة» فتيات المصنع يمثلون شريحة من البنات العاملات، لم يحصلن على قدر كافٍ من التعليم، وفرضت عليهن ظروف الحياة العمل في مصنع ملابس لمساعدة أنفسهن وأهلهن، وأثناء تلك المرحلة تحلم كل منهن بفتى الأحلام الذي يأتي بمفتاحه السحري لتخليصها من هذا العمل ومشاركتها أحلامها. محمد خان مخرج الفيلم يقول: «فتاة المصنع هي البنت الكادحة.. البنت اللي بتشتغل عشان تعول الأسرة.. زائد البنت الطموحة اللي بتحب وعايزه تتجوز». «يا واد يا تقيل» أحيانا تسعد تلك الفتيات بظهور شاب وسيم ذو هيبة ينضم إليهم في العمل، وهنا تظهر الأحلام الكامنة وتتولد لدى كل منهن حلم الزواج منه.. أما «هيام» فكان لها النصيب الأكبر من ميلاد هذا الحلم لديها.. بطلة الفيلم أخذت على عاتقها هدف الإيقاع بهذا الشاب عن طريق إغراق نفسها وهو في مشاعر الحب، ولكن ما حدث أن غرقت وحدها في العاطفة. «منتش قد الحب يا قلبي» وكأن الفنانة الراحلة سعاد حسني، توغلت بكلمات أغانيها في فيلم «صغيرة على الحب» بين جدران مصنع الملابس لتشارك الفتيات أحلامهن.. وكأن «السندريلا» كانت تعرف أن مشاعر الحب قد تنجرف بالبنات لمنطقة ضبابية.. خطوات «السندريلا» بدت واضحة بعد وقوع «هيام» في حب الباشمهندس صلاح واتخاذها مرضه سببا لتكرار الزيارة له ولعائلته، أحلام فتاة المصنع تحطمت بعد فترة قصيرة على صخرة تقدم صلاح لخطبة فتاة أخرى، تحول الحلم إلى كابوس أصابها بضعف شديد خيل للبعض أنها «وقعت في الخطيئة معه». «هو عيب الواحدة تقول للواحد إنه واحشها؟».. سؤال استنكاري وجهته «هيام» ل«صلاح» يحمل بين طياته مشاعر تكنها له حتى وإن قسى قلبه عليها. «على أصلكوا بانو» «عيدة» والدة هيام أو الفنانة سلوى خطاب التي انغمست في شخصية الأم المصرية التي تكافح لتربية بناتها، وتساعدهم للاستمتاع بأحلام الفتيات وعاطفتهن، عند علمها بأمر ابنتها والشائعات التي تتردد عنها وعن سمعتها، وإنكار ابنتها، أخذت على عاتقها هم الدفاع عن حقها. غير أن جدة هيام اختارت أن تعاقبها على فعلة لم ترتكبها بقص شعرها لتنطفىء بداخلها أجمل معاني الحياة، ولكن الأم أخذت الشعر الذي تم قصه من ابنتها وذهبت بها إلى مياه النيل وألقته مرددة جملة «يا نيل يا كبير خلي شعر بنتي طويل». بالفعل، استطاع «خان»، المخرج الحاصل على الجنسية المصرية منذ أيام، إغراق المشاهدين في الفيلم بحالته الحقيقة، مهتمًا بأدق التفاصيل في حياة فتيات المصنع، فتجد اختيار البنات لملابسهن رخيصة الثمن ذات الألوان المتداخلة، وألوان المانيكير «الذي يتطاير معظمه من أظافرهن وتشغلهن دوشة الحياة اليومية والعمل عن إزالة آثاره»، وحلم الزواج الذي يراوج الفتيات حتى تفائلهن بالزغرودة التي تجلب الفرح والسعادة، قبل أن تحاصر حياة العشوائيات كل ذلك بشكل يحترم المشاهدين دون ابتذال. «ببتسم من كتر حبي للعالم» بلا شك، يمثل مشهد النهاية واحدا من أعظم مشاهد الفيلم حيث يضعك في حالة من السعادة والاندماج مع رقصة «هيام» في فرح حبيبها صلاح وزواجه من أخرى، وبعد تركها عزمت النية على الرقص في فرحه تأثرًا بمشهد سعاد حسني في فيلم «خلي بالك من زوزو»، عندما رقصت أمام عائلة حبيبها بكل اعتزاز، ولكن الاختلاف في حالة هيام أنها كانت ترقص بحالة من البهجة وصلت إلى المشاهدين وأذابتهم بها. فيلم فتاة المصنع إخراج محمد خان، تأليف الكاتبة وسام سليمان، وبطولة كل من ياسمين رئيس، هانى عادل، سلوى خطاب، سلوى محمد على، إبتهال الصريطى. «الناس مبسوطة» شهد العرض الخاص للفيلم إعجاب كثير من الحاضرين، وقال المطرب محمد محسن بعد العرض: «بقالي فترة طويلة ما اتفرجتش على فيلم كدة.. أنا مبسوط إن الفيلم أنصف البنات المصريات وكمان فيلم حاسس إنه قريب مننا جدا وحاسس إن أنا كنت عايش جوا الفيلم». بينما ذكرت الفنانة كندة علوش: «عندي حالة من البهجة.. بقالي كتير ما شوفتش فيلم حقيقي للدرجة دي.. شفاف للدرجة دي. أنا كنت حاسة بنبض الناس وبنبض كل شيء بشوفه.. بالنسبة لي ده من نوعية الأفلام اللي بحبها اللي بتلامس الناس فعلا من غير تجميل ومن غير تزييف». يعرض فيلم فتاة المصنع منذ يوم 19 مارس الماضي في دور العرض الآتية: برومو الفيلم: