جاء تصويت أغلبية شعب شبه جزيرة القرم لصالح الاندماج مع روسيا بموافقة كاسحة تبلغ نسبتها 96.6% في استفتاء أول أمس الأحد، مربك للحكومة التركية التي وقعت في حيرة بين الغرب وروسيا بعد أن التزمت الصمت في المراحل الأولى من الأزمة الأوكرانية، حيث اكتفت بالتأكيد على وحدة الأراضي الأوكرانية وأصدرت بيانا مقتضبا في هذا الشأن على عكس الخطابات الحماسية لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الشأنين السوري والمصري. وتواجه تركيا صعوبة بالغة في الحفاظ على نفس موقفها الحالي بعد إعلان شعب شبه جزيرة القرم الذي يتحدث أغلبيته اللغة الروسية، رغبته في الاندماج مع روسيا في الاستفتاء الذي تم منذ يومين، وهو ما يعني انفصال القرم عن أوكرانيا، ويثور التساؤل حول استمرار أنقرة في التأكيد على وحدة الأراضي الأوكرانية وسلامة أراضيها، أم سيصطدم الموقف التركي مع السياسات الروسية على الأرض في شبه الجزيرة. وقد التزمت تركيا من جانبها بالدفاع عن مستقبل شعب التتار بالقرم، وهي مجموعة تركية عرقية بشبه الجزيرة، وحماية حقوقهم وأرواحهم وممتلكاتهم لأنهم لا يرغبون في البقاء تحت السيادة الروسية، ولكن من جانب آخر على أنقرة أن توازن سياساتها بين الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية المتنامية الوثيقة مع روسيا، والاعتماد على واردات الغاز الطبيعي منها من جهة ووقوفها مع الحلفاء الغربيين ضد روسيا في حال فرض عقوبات محتملة لعزل موسكو دوليا من جهة أخرى. وتستشعر تركيا الحساسية المفرطة فيما يتعلق بتتار القرم، ولذلك فليس أمام الحكومة التركية سوى أن تلعب دورا توفيقيا بين التتار والروس، وهو عامل قوي يدفع الدبلوماسية التركية للتفكير جيدا في ظل أمنيات أنقرة بعدم تفاقم الأزمة. ويبدو أن شبه جزيرة القرم بأوكرانيا أصبحت مركزا لأسوأ مواجهة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، لأهمية شبه الجزيرة الاستراتيجية في المجالين العسكري والاقتصادي ، حيث تمنح قاعدة البحر الأسود بمدينة "سيفاستوبول " موسكو منفذا على البحر المتوسط.