لتصحيح المفاهيم الخاطئة، الأوقاف تسير قوافل دعوية للمحافظات الحدودية    يستحقون أكثر من التكريم    «الوزير» يتفقد الخط الثاني للقطار الكهربائي السريع في المسافة من القاهرة حتى المنيا    اختيار «العلمين الجديدة» عاصمة المصايف العربية :استثمارات ضخمة وخدمات فندقية تليق بجميلة المدن الساحلية    الجريمة مستمرة والقاتل واحد    تشكيل نابولي ضد كالياري في الدوري الإيطالي    سبورت: خطوة أخرى على طريق ميسي.. يامال سيرتدي الرقم 10 في برشلونة    ضربات استباقية وسيطرة أمنية للقضاء على البلطجية ومروجي المخدرات في العبور| صور    ترامب يهدد بفرض 50% ضرائب على واردات الاتحاد الأوروبي    نيللى كريم تغنى وترقص مع تامر حسنى بحفله jukebox والجمهور يصفق لها    محمد شاهين يبكي بسبب هذا المشهد في «لام شمسية»    السفيرة نبيلة مكرم عن أزمة ابنها رامى: نمر بابتلاءات وبنتشعبط فى ربنا (فيديو)    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    أسعار مواد البناء مساء اليوم الجمعة 23 مايو 2025    بسبب توتنهام.. مدرب كريستال بالاس يكشف حقيقة رحيله نهاية الموسم    اليونيسيف: الأزمة الإنسانية فى غزة تعصف بالطفولة وتتطلب تدخلاً عاجلاً    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    ضبط كيان صناعي مخالف بالباجور وتحريز 11 طن أسمدة ومخصبات زراعية مغشوشة    انطلاق امتحانات العام الجامعي 2024–2025 بجامعة قناة السويس    محافظ البحيرة: إزالة 16 حالة تعدي على أملاك الدولة بالموجة ال 26    كم تبلغ قيمة جوائز كأس العرب 2025؟    يختتم دورته ال 78 غدا.. 15فيلمًا تشكل موجة جديدة للسينما على شاشة مهرجان كان    عاجل|بوتين: مستقبل صناعة السلاح الروسية واعد.. واهتمام عالمي متزايد بتجربتنا العسكرية    من مصر إلى إفريقيا.. بعثات تجارية تفتح آفاق التعاون الاقتصادي    مستشفى الحوض المرصود يطلق يوما علميآ بمشاركة 200 طبيب.. و5 عيادات تجميلية جديدة    مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة: لا عودة للمستشفيات دون ضمانات أممية    بث مباشر نهائي كأس مصر سيدات - الأهلي (1)-(0) دجلة.. جووول أشرقت تسجل الأول    أمين اتحاد دول حوض النيل يدعو للاستثمار في أفريقيا |خاص    حزب الإصلاح والنهضة: نؤيد استقرار النظام النيابي وندعو لتعزيز العدالة في الانتخابات المقبلة    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    بين الفرص والمخاطر| هل الدعم النفسي بالذكاء الاصطناعي آمن؟    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    القاهرة 36 درجة.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد غدًا    إيفاد قافلتين طبيتين لمرضى الغسيل الكلوي في جيبوتي    تقديم الخدمة الطبية ل 1460 مواطنًا وتحويل 3 حالات للمستشفيات بدمياط    الزمالك يعلن جاهزيته للرد على المحكمة الرياضية بعدم تطبيق اللوائح فى أزمة مباراة القمة    ندوة توعوية موسعة لهيئة التأمين الصحي الشامل مع القطاع الطبي الخاص بأسوان    جوارديولا: مواجهة فولهام معقدة.. وهدفنا حسم التأهل الأوروبى    قصور الثقافة تعرض مسرحية تك تك بوم على مسرح الأنفوشي    ننشر مواصفات امتحان العلوم للصف السادس الابتدائي الترم الثاني    بدون خبرة.. "الكهرباء" تُعلن عن تعيينات جديدة -(تفاصيل)    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    ضمن رؤية مصر 2030.. تفاصيل مشاركة جامعة العريش بالندوة التثقيفية المجمعة لجامعات أقليم القناة وسيناء (صور)    ضبط مدير مسئول عن شركة إنتاج فنى "بدون ترخيص" بالجيزة    "نجوم الساحل" يتذيل شباك التذاكر    "طلعت من التورتة".. 25 صورة من حفل عيد ميلاد اسماء جلال    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    استمرار تدفق الأقماح المحلية لشون وصوامع الشرقية    زلزال بقوة 5.7 درجة يدمر 140 منزلا فى جزيرة سومطرة الإندونيسية    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    ترامب وهارفارد.. كواليس مواجهة محتدمة تهدد مستقبل الطلاب الدوليين    مصادر عسكرية يمينة: مقتل وإصابة العشرات فى انفجارات في صنعاء وسط تكتّم الحوثيين    القنوات الناقلة مباشر ل مباراة الأهلي ضد وادي دجلة في نهائي كأس مصر للكرة النسائية    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل المحبين تملأ مزار البابا شنودة فى ذكرى نياحته الثانية

تمر اليوم الاثنين الذكرى الثانية لنياحة الأنبا شنودة الثالث، البابا رقم 117 من بطاركة الكنيسة الأرثوذكسية، الذى ترك بصمة وعلامة فارقة فى تاريخ الاقباط على وجه الخصوص والمصريين عموما، لما تميز به من حبه للوطن وترابه ووحدته. «الشروق» قضت يوما فى مزاره ورصدت مظاهر حب زائرى القبر وطقوس الرهبان فى حراسة المزار والمدائح التى يرددها الزوار والتى لخصت 89 عاما هى عمر البابا الراحل.
البابا تواضروس يترأس قداس الاحتفال بالذكرى الثانية لوفاة البابا شنودة
البابا الراحل مع البابا الحالى
يترأس البابا تواضروس الثانى اليوم القداس الالهى فى دير وادى النطرون للاحتفال بالذكرى الثانية لوفاة البابا شنودة الثالث والذى رحل فى17 مارس 2012 عن عمر يناهز 88 عاما. وتقيم الكنيسة الأرثوذكسية احتفالية ضخمة بالمركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى بحضور البابا تواضروس الثانى وعدد من أساقفة الكنيسة والشخصيات العامة.
وفى نفس السياق ستمنح الكنيسة اليوم جائزة تحمل اسم البابا شنودة لإحدى الشخصيات ويعرض فيلم تسجيلى عن حياة البابا شنودة الثالث وسيرتل فريق الكورال قصائد البابا شنودة.
والجدير بالذكر أن البابا تواضروس أعلن إطلاق جائزة دولية للحكم باسم البابا شنودة الثالث، توزع يوم 17 مارس كل عام فى«ذكرى وفاة البابا»، وكان الفائز العام الماضى بهذه الجائزة هو الطبيب والعالم الأمريكى، مارتن شربير، وهو طبيب متخصص فى أمراض الكلى، وأشرف على علاج البابا شنودة فى سنواته الأخيرة.
رسائل المحبين تملأ قبر البابا الراحل
دير الأنبا بشوى الذكرى الثانية لوفاة البابا شنودة
عبدالمسيح: «قداستك عارف إن الدراسة صعبة .. لكن أنا متأكد إنك هتقف جنبى»
استيقظت مبكرا وارتدت ملابسها سريعا حتى تلحق برحلة كنيستها إلى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، وطوال الطريق إلى الدير تجمع مجموعة من قصاقيص الورق،لكنها تتعامل معها بحذر حتى لا تقرأ المكتوب بها، فهى تعرف مهمتها جيدا، وهى توصيل رسائل أصدقائها وأقاربها إلى البابا شنودة الثالث.
أخيرا وصلت دميانة سمير دير الأنبا بيشوى وبخطوات سريعة توجهت إلى قبر البابا شنودة لتسلمه رسائل أصدقائها وأقاربها وجلست تكتب رسالتها، فى الواقع الرسائل تتداول بين الأحياء ولكن دميانة تجاهلت الواقع وصدقت كلمات الكتاب المقدس «لأنه ليس موت لعبيدك، بل هو انتقال».
صوت عظة قديمة للبابا شنودة عن الموت تصدح فى مزاره، ودموع المحبين أمام قبره لا تتوقف، وأهم سؤال لابد أن تسمعه أمام القبر «ممكن قلم أكتب حاجة» فالجميع يريد أن يكتب رسائل للبابا شنودة ويطوى الورقة بقوة حتى لا يقرها أحد ثم يضعها فى سلة فوق قبره ويتكأ برأسه على القبر ويصلى ويتحدث مع البابا شنودة عن مشكلاته وأمنياته وينهى حديثه «يا بابا شنودة أذكرنا أمام عرش النعمة».
أوراق مبعثرة على قبر البابا شنودة الثالث من الصعب أن تقرأ ما تحتويه، وأمام القبر يجلس مينا عبدالمسيح منهمكا فى الكتابة صامتا يستجمع أهم مشكلات أسرته ومرض والده، وجاء نص رسالته للبابا «أذكر عبدك مينا يارب بشفاعة حبيبك البابا شنودة، يا سيدنا البابا اطلب من ربنا أن أبوى يخف من مرضه، وأنجح فى دراستى.. قداستك عارف أن الدراسة صعبة لكن أنا متأكد انك هتقف جنبى».
رسالة أخرى ملقاة على الأرض بجوار قبر البابا بسبب كثرة الرسائل، ألتقطها طفل وحاول أن يفتحها لكن الراهب المسئول عن تنظيم الزيارات داخل مزار البابا شنودة الثالث صرخ فى وجه «غلط تقرأ كلام الناس وتعرف أسرارهم»، لكن هناك أوراقا كثيرة على القبر لم تطو جيدا من بينهم رسالة من فتاة تطلب من البابا إن يشفع لها أمام الله ويحقق ما بها من طلبات.
وبعد سفر ساعات طويلة جاء شريف جرجس من الأقصر قاصدا مزار البابا شنودة، ليكتب له رسالة عاجلة يشكو فيها من ضيقته وبالرغم من أنه ينتمى للطائفة الإنجيلية التى لا تؤمن بشفاعة القديسين أى وساطة البشر الصالحين بعد موتهم لله، لكن الحاجة والضيقة تكسر المعتقدات أحيانا، وأمام قبر البابا بكى شريف وسلم رسالته للبابا فوق قبره وطلب من الراهب المسئول عن الحراسة الصلاة من أجله والجلوس معه.
وأمام مدخل المزار أتى سمير مرقص من المنيا على كرسى متحرك مصغيا لقصص معجزات قبر البابا شنودة الثالث التى يحكيها الرهبان وعاد الأمل مرة أخرى له أن يودع كرسيه ويسير خصوصا بعد أن قص أحد الرهبان معجزة حدثت أمام القبر
كلمات الراهب عن المعجزة شجعت سمير ليحرك كرسيه متجها للقبر وصلى بحرارة وكتب رسالة للبابا شنودة شاكيا له عذابه، ليترك الدير وحلمه فى رسالة وضعها على قبر البابا.
وقال أحد الرهبان المسئولين عن حراسة المزار أن كل يوم يتم تجميع قصاقيص الورق ورسالتهم التى يتركوها على قبر البابا شنودة ويتم حرقها ولا يقرأ أحد حفاظا على السرية واحتراما لخصوصية الآخرين مؤكدا أن الطقس الكنسى يرفض كتابة أوراق ورسائل ووضعها على قبور القديسين ولابد أن يكتفى الزوار بالصلاة أمام القبر.
وأضاف أن القساوسة يسمحون للأقباط بوضع أوراق على المذبح لأنهم لا يعرفوا كل أفراد شعبهم فيطلب منهم إرسال أوراق أثناء القداس الإلهى ليذكرهم فى الصلاة.
«ديكتاتورية العنف».. كلام عن الإرهاب
عندما تقرأ كلمات البابا شنودة الثالث عن العنف والإرهاب فى التسعينيات، التى عرضها الأنبا أرميا سكرتير قداسته فى كتاب هكذا تكلم تشعر أنه يصدر بيانا أو يكتب مقالا عن حادث الاعتداء المسلح الذى تعرض كمين مسطرد قبل يومين.
البطريرك الراحل كان يدرك خطورة الإرهاب، لذلك حذر الرئيس الراحل أنور السادات من خطر الجماعات المتشددة وتوقع قتله على أيديهم. وكتب البابا شنودة الثالث عن العنف والتكفير «حين يصل العنف إلى حد القتل واستحلال مال الغير، يكون هذا العنف قد وصل إلى الجريمة لأن الدين لا يوافق على قتل النفس إلا بمقتضى ما يوافق الشريعة من جهة وتحت إشراف الحاكم من جهة أخرى».
واضاف: «كثيرون من الذين اعتقدوا الأصولية ومارسوا العنف كانوا يجعلون من أنفسهم وكأنهم أصحاب السلطات الثلاث بأجمعها لهم السلطة التشريعية بأن يشرعوا ما هو حلال وما هو حرام ولهم السلطة القضائية بأن يحكموا على فلان بما يشاءون، ولهم سلطة التنفيذ أيضا كأنما صار بيدهم التشريع والقضاء والتنفيذ».
وتابع: «لكن هذه ديكتاتورية صريحة، ويبدو العنف هنا مرفوضا من الناس، بغيضا إلى نفوسهم فإذا خضع البيت، أو سايرت مجموعة من الناس تحت ضغط العنف يكون خضوعهم عن طريق الخوف لا طريق الإقناع».
وتطرق البابا شنودة الراحل إلى مساءلة التكفير قائلا: «من الواضح أن الذين نادوا بمبدأ التكفير كفروا المجتمع كله فى البداية، واعتبروا المجتمع بأسره مجتمعا كافرا كأنما ليس عند الله سواهم حتى أن هولاء كفروا المدارس القائمة واعتبروا أن من يلتحق بالمدارس الحكومية خارج عن الدين. كذلك فإن الحكومة فى رأيهم حكومة كافرة ولذلك فهم لا يدينون بطاعة الحكومات ولا يعتدون أى اعتداد بالمجالس النيابية أو البرلمانية على اعتبار أنها كافرة وحتى المساجد اعتبروا أن بعضها جوامع ضلال، ولم يعودوا يصلون فيها. وهنا نسأل من السلطة الدينية العليا التى تحكم التكفير؟ هل هى الجماعات المتطرفة؟ بالطبع لا لأنها ليست سلطة دينية عليا، وأفرادها «ما أوتوا من العلم إلا قليلا»، وربما أن ما عندهم من العلم كان من مصادر غير معترف بها مثل الكتب القديمة لبعض الملل.
والمشكلة أن هولاء الناس أنهم يبايعون الأمير بالطاعة المطلقة فإذا أمرهم بالقتل يقتلون وإذا أمرهم باستحلال مال الغير يستحلون مال غيرهم، وإذا أمرهم بالتخريب يطيعون.
راهب القبر يسرد حكايات المزار
سيدة فى ضيافة مزار البابا
مهمته تنظيم الزيارات والسيطرة على الزحام وحراسة مقتنيات البابا
يقف أمام القبر وبيديه ميكرفون يعلو صوته وقت الزحام.. يفشل أحيانا فى السيطرة على زائرى قبر البابا شنودة ولكنه يعاود الصراخ فى وجوه غير الملتزمين وبعد أن ينجح فى تنظيم الزوار يعتذر للغاضبين منه.
راهب القبر الذى رفض ذكر اسمه، قال فى تصريحاته ل«الشروق» إن مسئوليته هو تنظيم الزوار لمزار البابا شنودة، حيث يقوم رئيس الدير الأنبا صربامون بتوزيع المهام على الرهبان كل يوم، وأبرزها تنظيم الزيارات للمزار وحراسة مقتنياته سواء ملابس البابا وكتبه وعصاه وصوره.
المزار الذى تم بناؤه على هيئة كنيسة صغيرة تضم قبابا مرسوما عليها بالفن القبطى، ووضع فى وسطه قبر البابا وسلطت عليه 6 كاميرات مراقبة من 4 جهات يشهد زحاما فى أيام الإجازات مثل الجمعة والسبت والأحد لكن النظام حسب تصريحات الراهب المسئول عن حراسته.
يبدأ راهب القبر يومه الساعة 8 صباحا، حيث يقوم بتنظيف المزار تماما لاستقبال زواره الذين يتوافدون فى تمام الساعة التاسعة صباحا، ويستغل الراهب شوق الزائرين فى معرفة قصص قبر البابا ليحكى لهم عن معجزات مزار البابا شنودة، حيث لخصها الدير فى 4 كتب ووافق عليها البابا تواضروس الثانى وقام بكتابة مقدمة لموسوعة معجزات البابا قائلا «بين دفتى هذا الكتاب ستجد بعضا من معجزات تمتع بها أصحابها بشفاعة وصلوات أبونا العظيم فى البطاركة وقد جمع آباء الدير الكثير منها لينشرها فى حلقات متتابعة وتؤكد أن يد الله مازالت تعمل فى قديسيه لخدمة ورعاية أبنائه الأحباء أينما كانوا وأينما وجدوا»، ويطلب الراهب من الزائرين شراء كتب معجزات البابا بمكتبة الدير.
يمنع الزحام الراهب المسئول عن حراسة القبر أحيانا من سرد حكايات المزار، لكن الوقت يمر بصعوبة والإرهاق يطوله فى آخر ساعات عمله الذى ينتهى الساعة الرابعة عصرا، 8 ساعات يقضيها الراهب وسط الزائرين يتحدث مع بعضهم أحيانا ويصلى لهم لكن انشغاله بالتنظيم لا يمنعه من الصلاة والحديث مع الله، قائلا: «إن الراهب يجب ألا ينسى الله لحظة حتى وسط الناس، فدائما أحاول استغلال اى لحظة للصلاة مع الله».
يمر الوقت وتنتهى أوقات الحراسة ويذهب الراهب إلى قلياته «منزله» فى الدير ويأتى آخر ليكمل فترة الحراسة حتى الليل ثم يقوم بتنظيف المزار ويجمع الأوراق فوق القبر ويقوم بحرقها ويتمم على المزار ويجرد مقتنياته ثم يغلقه ويتجه إلى صلاة التسبيحية بالكنيسة.
سألقى الموت مهما طال عمرى
«سأهدم فى المخازن ثم أبنى وأجمع فضتى وأضم تبرى وأغرس لى فراديسا كبارا بأثمار وأطيار وزهر وأقطف وردة من كل غصن وأطرب مسمعى من كل طير وأسعد بالحياة ومشتهاها.. وأنعم فى رفاهية وخير، وأبنى معبدا للمال ضخما أقدم فيه قربانى وشكرى، وماذا بعد هذا ليت شعرى؟ سألقى الموت مهما طال عمرى، وهذا المال يا ويحى عليه سأترك كل أموالى لغيرى وأفنى مثل مسكين فقير، وأرقد مثله فى جوف قبر ونسمة قبره ستهب حولى ولا تفريق بين غنى وفقر».. كلمات من قصيدة «وماذا بعد هذا» التى كتبها البابا شنودة الثالث عن الموت ولكنها لم تكن القصيدة الوحيدة التى كشفت عن أمنيته للرحيل وانطلاق الروح والتى عبر عنها فى بيت شعر من قصيدة (من تكون) «هل ترى العالم إلا تافه يشتهى فيه المتعة التافهون كل ما فيه خيال يمحى كل ما فيه سيفنى بعد حين».
لم ترحل كلمات البابا عن الموت برحيله لكنه تركها على جدران مزاره لتحيط قبره فى دير الأنبا بيشوى وادى النطرون ليتذكرها محبيه وزواره.
قصائد ومدائح على أعتاب المزار
مدح البطريرك الشاعر لا يتم إلا بالشعر أو التمجيد أى ترديد كلمات ذات قافية تلخص حياته، وهدفها التعظيم تنفيذا لآية الكتاب المقدس «ذكرى الصديق تدوم للأبد»، وأمام مزار البابا شنودة ترتفع الأصوات التى تردد كلمات تمجده أمام صورته الضخمة التى تتواجد على مدخل المزار.
يبدأ مديح البابا الذى وافق عليه دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون بعنوان «قبل انطلاق الروح قلب بالحب يبح تعجز فيه الشروح أحب حياة الدير وأراد يسلك فى مسير أنطونيوس الكبير سكن فى مغارة يقظ كالعذارى وقلبه قيثارة يا مثال فى حب الله تغزل شعرك فى هواه شهوة قلبك رؤياه راهب عالم حكيم صار أول من أقيم أسقف التعليم عالم فى اللاهوتيات متبحر فى الروحيات مختبر النسكيات أحيا الاكليريكية والخدمة يا قلب رآه الله صادق فى تقواه أختارك راعى الرعاة».
ترديد تلك القصيدة والتى يطلق عليها فى المسيحية تمجيد ومديح يعد من قواعد زيارة مزار البابا شنودة، ويعد تأليف المديح وموافقة الكنيسة عليه أمر ليس سهلا لكنه يمر بعدة خطوات ومراجعة من أحد الأساقفة، فمثلا المديح السابق راجعه الأنبا صربامون رئيس دير الأنبا بيشوى وادى النطرون وهو صديق البابا شنودة الراحل وأعتمده ليردده زوار القبر.
يقول مينا عبدالمسيح أحد زائرى الدير «أشعر بسعادة عندما أردد تمجيد البابا شنودة.. كلمات بسيطة تلخص حياة مليئة بالانجازات والحب والروحيات التى تمتع بها، أحيانا أحفظ أجزاء من تمجيده وأردده بمفردى، لكن ترديده أمام القبر له طعم آخر وشعور مختلف».
وبالرغم من اعتماد الدير قصيدة مديح محددة للبابا شنودة، الا ان ذلك لم يمنع محبى البطريرك الراحل من تأليف قصائد تمجيد وتلخص حياته ليهديها للكنيسة.
اليوم.. الكنيسة المرقسية بالإسكندرية تحيى ذكرى رحيل شنودة
كتب أحمد بدراوى:
تحيى الكنيسة المرقسية بالإسكندرية اليوم الاثنين، وعلى مدى يومين الذكرى الثانية لرحيل البابا شنودة الثالث، وقال القمص رويس مرقص، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة المرقسية بالإسكندرية ووكيل البطريركية، إن البابا شنودة رسم 178 كاهنا من كهنة الإسكندرية خلال مدة بابويته التى دامت 40 عاما. وأضاف مرقص فى تصريحات خاصة ل«الشروق» أمس، إن الكنائس سوف تشهد صلوات نهضة روحية يومى الاثنين والثلاثاء يتخللها عرض لشرائط من عظات البابا الراحل وداتا شو لمحاضراته، يسبقهما مساء الأحد قداس خاص يترأسه راعى كل كنيسة، على أن يترأس قداس المرقسية القس إبرام إيميل راعى الكنيسة.
وقال مصدر آخر مقرب من الكنيسة ل«الشروق»، إن شنودة الثالث كان يولى اهتماما كبيرا بلجنة البر المخصصة للفقراء، بالكنيسة المرقسية خلال زياراته للإسكندرية، مرجعا سبب انقطاعه لمرضه، واستيائه من تظاهرات الدعوة السلفية فى آخر 2010 لقضية «كاميليا شحاتة»، التى شهدت تظاهراتها رفع صور وصفت بالمسيئة لشنودة، وفق المصدر.
إلى ذلك، قال كريم كمال، رئيس الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن، إن علاقة البابا شنودة بالإسكندرية كانت استثنائية، حيث كان يحضر فى الأسبوع الأول والثالث من كل شهر، وكان يرأس جلسة المجلس الملى السكندرى، ثم رئاسة مجمع كهنة الإسكندرية، ثم يشدد على حضور لجنة البر، وكان يتكفل بمصاريف الكثير من العمليات الجراحية، وتجهيز المتزوجين غير القادرين، ومنهم أسر مسلمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.