كتب يورى أفنيرى على الموقع الإخبارى يورشيا ريفيو مقالا ينتقد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو. حيث يجيد بنيامين نتنياهو إلقاء الخطب، خاصة على اليهود والمحافظين الجدد وأمثالهم، الذين يتقافزون ويشيدون فى حماس بكل ما يقول. ولكن السؤال هو: هل يجيد أى شىء آخر؟ أشار الكاتب إلى ما قاله عنه والده ذات مرة وهو يمينى متطرف للغاية أنه لا يصل لأن يكون رئيسا للوزراء، ولكن يمكنه أن يكون وزير خارجية جيدا. وما كان يعنيه أن بنيامين ليس لديه عمق الفهم المطلوب لقيادة الأمة، لكنه ماهر فى تسويق أى سياسة يقررها قائد حقيقى. ••• أضاف أفنيرى، هذا الاسبوع استدعى نتنياهو إلى واشنطن، وكان من المفترض أن يوافق على اتفاق «الإطار» الجديد، الذى طرحه جون كيرى، ومن شأنه أن يكون أساسًا لإحياء مفاوضات السلام التى لم تسفر عن شيء حتى الآن. وعشية الحدث، أجرى الرئيس باراك أوباما حديثًا مع صحفى يهودى، وألقى باللوم على نتنياهو بسبب جمود «عملية السلام» كما لو كانت هناك عملية سلام أصلا. كما سعت القيادة الإسرائيلية بشدة لإقرار السلام، ولكنها لم تستطع تحقيق تقدم على الإطلاق، بسبب الفلسطينيين. ويجب أن يوجه اللوم إلى محمود عباس، لأنه يرضى الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودى. ثم أثار الكاتب سؤالا؛ لماذا ينبغى أن يتفاوض الفلسطينيون بلا نهاية؟ بينما تستولى الحكومة الإسرائيلية على المزيد من الأراضى، التى هى جوهر المباحثات؟ وقد هيأ أوباما نفسه لمواجهة نتنياهو، وأيباك وأنصارهما فى الكونجرس. ويتعجل كيرى تحقيق إنجاز، سواء كان مرضيا أو غير ذلك. وكان نتنياهو، وهو يبحث عن أداة لرد الهجوم، مستعدا للصراخ: «إيران!» كعادته عندما يحدث شىء غير متوقع. واستطرد الكاتب، لقد كان نابليون صاحب العبارة الشهيرة «أعطنى جنرالات محظوظين» سيحب الجنرال نتنياهو. لأن لينماكان فى طريقه لمواجهة أوباما الذى انتعشت آماله أخيرا، وحدث انفجار هز العالم: أوكرانيا. كان ذلك يشبه الطلقات التى دوى صوتها فى سرافييو قبل مائة عام. وتبدد الهدوء الدولى فجأة ولاحت فى الأفق إمكانية نشوب حرب كبرى. واختفت زيارة نتنياهو من عناوين الأخبار. ولم يكن أوباما وهو مشغول بأزمة تاريخية، يريد سوى التخلص منه بأسرع ما يمكن. واستطاع أن يفلت من العتاب الحاد للزعيم الإسرائيلى ببضع مجاملات جوفاء. وتبددت جميع الخطب العصماء التى كان نتنياهو قد أعدها، وحتى خطابه المظفر المعتاد فى أيباك، لم يثر أى اهتمام. وكان ذلك كله بسبب الاضطرابات فى كييف؛ وصدر عدد لا يحصى من المقالات حول الأزمة. ••• وعلى الرغم من أن أوكرانيا تعنى «الأرض الحدودية» إلا أنها كانت فى قلب الأحداث الأوروبية فى كثير من الأحيان. ويجب أن يشق المرء على تلاميذ المدارس الأوكرانية. حيث كان التغيير فى تاريخ البلاد مستمرا وحادا. وكانت أوكرانيا، فى أوقات مختلفة قوة أوروبية وأرضا مستضعفة، إما بالغة الثراء أو تعانى فقرا مدقعا، وإما يهاجمها الجيران الذين يستولون على شعبها لبيعهم كعبيد أو تهاجم جيرانها لتوسعة مساحتها. بل إن علاقات أوكرانيا مع روسيا أكثر تعقيدا. قد كانت من إحدى النواحى موطن الثقافة والدين والكتابة الروسية. وكانت أوكرانيا أكثر أهمية من موسكو بكثير، قبل أن تصبح محور الإمبرالية الموسكوفية. ولم تكن العلاقة بين أوكرانيا واليهود أقل تعقيدا. حيث يعتقد بعض الكتاب اليهود، مثل آرثر كوستلر وشلومو ساند، أن إمبراطورية الخزر الذين يعتقدون أن الإمبراطور الذى حكم جزيرة القرم والأراضى المجاورة منذ ألف سنة اعتنق الديانة اليهودية، وأن معظم اليهود الأشكيناز ينحدرون من الخرز. وهذا من شأنه أن يجعلنا جميعا أوكرانيين. عندما كانت أوكرانيا جزءًا من الإمبراطورية البولندية الواسعة، استولى كثير من النبلاء البولنديين على عقارات واسعة هناك. وقاموا بتعيين اليهود لإدارتها. ومن ثم، صار الفلاحون فى أوكرانيا ينظرون إلى اليهود باعتبارهم وكلاء لمضطهديهم، وأصبح العداء للسامية جزءًا من الثقافة الوطنية لأوكرانيا. ••• كما يجد الناس فى جميع أنحاء العالم، أيضا، صعوبة فى الاختيار بين الجانبين. ولا يجد المتعصبون منذ أيام الحرب الباردة غضاضة فى هذا الأمر فهم إما يكرهون الأمريكيين أو الروس. وبالنسبة للكاتب، كلما حاول دراسة الموقف، كلما صار أكثر ترددًا. فهذه ليست حالة الأسود أو الأبيض. حيث يتجه إحساس التعاطف الأول إلى «ميدان» المتمردين. (والميدان هى كلمة عربية تعنى ساحة البلدة. والغريب كيف وصلت إلى كييف. ربما عن طريق إسطنبول). وعلى الجانب الآخر ذكر أفنيرى أن فلاديمير بوتين لا يعتبر خلابا للغاية. وإنها الإمبريالية الروسية القديمة مرة أخرى. ويبدو الشعار الذى يستخدمه الروس الحاجة لحماية الناطقين بالروسية فى بلد مجاور مألوفا بشكل مخيف. فهو نسخة طبق الأصل من ادعاء أدولف هتلر فى عام 1938 بحماية الألمان السوديت من التشيك الوحوش. ••• واختتم الكاتب متوقعا أن يكون هناك فى نهاية المطاف حل وسط، فالوقت يمثل كل شيء، وكل تأجيل يتيح الفرص لإنشاء المزيد من الحقائق على أرض الواقع. وقد استجاب الله لدعوات نتنياهو. ليبارك الله بوتين. ستحتفظ روسيا بموطئ قدم فى القيادة الأوكرانية القادمة. وسيعلن كلا الجانبين الانتصار كما يجب. وتسأل عن تأثير ذلك على نتنياهو، حيث اكتسب بضعة أشهر أو سنوات من دون أى تحرك نحو السلام، وفى الوقت نفسه يمكن أن يستمر فى الاحتلال وبناء المستوطنات بوتيرة محمومة. وهذه هى الاستراتيجية الصهيونية التقليدية.