«الشمس دى أبسط حاجة فى رحلة السفارى، وأنا باستمتع بيها جدا، وممكن أستحمل كل مشكلات الرحلة مش الشمس بس» يوسف إبراهيم مرشد سياحى منذ خمس سنوات يصف نفسه بالمغامر الذى يستمتع بعمله، اعتاد الشمس ويعتبرها جزءا من أدوات عمله يستغلها فى برنامجه السياحى. يتحدث يوسف عن وقت الظهيرة وهو أكثر ما يخشاه فى رحلة السفارى، لذلك يقضى هذا الوقت غالبا داخل السيارة مع السياح، قبل الذهاب لأماكن التخييم مع غروب الشمس، الذى يعد من المشاهد الأساسية فى البرنامج السياحى «لأن السائح يشعر بمتعة كبيرة جدا وهو يشاهد اختفاء الشمس، ثم ظهورها مجددا فى الصباح وهو يقف وسط الصحراء». «ساعات أضطر أقف ساعة كاملة فى عز حر الصيف والشمس مولعة علشان الأتوبيس غرس، أو العجلة نامت»، يصف يوسف مشهد من يومياته فى الصحراء صيفا، عندما تكون الشمس حارقة تلهب الرمال، فتغرس إطارات السيارة فيها بسهولة، وهذا الموقف هو الأفضل، مقارنة مع تعرضه لفراغ الإطارات من الهواء، خاصة مع الطرق الصخرية الممتلئة بالمدقات. يروى يوسف موقفا لاينساه فى إحدى رحلات السفارى، عندما أضطر لإيقاف سيارة على الطريق، وطلب الإطار الاحتياطى من سائقها «مرة كنت على طريق مليان مدقات، وكان معايا عربيتين جيب، وغيرنا أربعة استبن فى يوم واحد، لكن عربية على الطريق من نفس النوع أنقذت الموقف». ويضيف : يمكن أن نغرس عن عمد وهذا لنمنح السائح فرصة الاستمتاع بالمساعدة، ويكون ذلك بالاتفاق بينى وبين السائق فيغرس فى أماكن معينة، نستطيع الخروج منها بسهولة، وكل ذلك يتوقف على تقدير يوسف لحالة السائح، إذا كان يراه مستمتعا بالمشى على الرمال، فيضفى على الرحلة جوا مرحا، وذكرى لا ينساها السائح عندما يتدخل وينقذ الموقف معهم. يعشق يوسف رحلات السفارى ويصفها بالمتعة الحقيقية، لأنه يرى فى الصحراء دليلا على قدرة الخالق، فلا شىء يدل هناك على الحياة وفجأة تظهر مجموعة نخل «ده منظر مبهر جدا»، فعلى الرغم من أن الدخل المادى لمرشد السفارى لا يضاهى المتاعب التى يلقاها، إلا أنه يصفها بالقسوة الشديدة والمتعة الكبيرة «كل مرة بروح سفارى بكتشف حاجة جديدة، ولم يصبنى الشعور بالملل أبدا». ثلاث أعوام كمرشد سياحى سفارى، لم تكن كفيلة بأن يشعر يوسف بصعوبة المهنة، خصوصا وهو يرى أن المرشد الكلاسيك الذى يعمل فى المزارات السياحية داخل الأماكن العمرانية، لا يستطيع أن يعمل مرشد سفارى، « أنا فى رحلة السفارى شغلى 24 ساعة حتى وأنا نايم بالليل السياح أمانة فى رقبتى، علشان كده مش كل مرشد كلاسيك ممكن يبقى مرشد سفارى، لكن كل مرشد سفارى سهل يشتغل مرشد كلاسيك». يرى يوسف أن مرشد الكلاسيك يستطيع تحقيق دخل شهرى ضعف مرشد السفارى، الذى يخرج رحلة لمدة أسبوع وبعدها يأخذ راحة لمدة أسبوع آخر، فهو يخرج بمتوسط رحلتين فى الأسبوع، فى حين أن مرشد الكلاسيك يعمل يوميا فى أجواء لطيفة، يصطحب خلالها السياح فى المزارات ثم إلى الغداء فى مطاعم مكيفة ومن ثم يعود إلى الفندق أو المنزل. قلة الطلبات على رحلات السفارى من السياح فى الصيف هى السبب الرئيسى فى حرمان يوسف طوال الموسم الصيفى من متعته المفضلة فى السفارى، فيعمل كمرشد كلاسيك ولكنه يتمنى أن يأتى طلب سفارى حتى لو ذهب إلى الجلف الكبير، ويصل متوسط رحلات السفارى الصيفية التى يقوم بها يوسف إلى رحلتين خلال الموسم كله، وكانت رحلته الأخيرة فى شهر مايو الماضى. حيث تتوقف رحلات السفارى تماما من شهر يوليو إلى سبتمبر، وإذا كانت هناك رغبة للسياح بعمل سفارى تكون فى أماكن قريبة من الواحات فقط 2 أو 3 كيلو داخل الصحراء، والتخييم لمدة ليلة واحدة ثم العودة فى الصباح. ولا توجد طلبات إلا نادرا جدا لمنطقة الجلف الكبير لأن الرحلة تستغرق على الأقل 12 يوما، وقد تصل إلى أقصى مدة وهى 22 يوما، يصفها يوسف «رحلة الجلف قاسية جدا فى الشتاء ومش متخيلها فى الصيف، فيها بحر الرمال ودى آخر حتة فى مصر وبنكون بعيد عن العمران تماما ومشكلاتها كتير». يوسف لا يستغنى عن أدواته البسيطة عندما يذهب إلى رحلة السفارى أهمها المياه التى يفضلها فاترة، وغطاء الرأس إما الشال الفلسطينى، أو الكاب ولا غنى عن النظارة الشمسية الغامقة اللون، ليستطيع الرؤية الجيدة لأنها لا تحميه من أشعة الشمس فقط، بل من العواصف الرملية أيضا. ولا يستخدم كريم الحماية ضد أشعة الشمس لأنه يراه ترفيها زائدا، وهو تحمل المهنة بكل متاعبها وقسوتها «السياح معظمهم بيستخدمون الصن بلوك، لكن أنا باشتغل مش رايح أتفسح».