• مجلس النواب يميل إلى دعم الجيش ..والشيوخ يؤيد مواقف الإدارة الأمريكية مع تواصل زيارات أعضاء من الكونجرس الأمريكى (البرلمان) للقاهرة منذ عزل الجيش للرئيس محمد مرسى فى يوليو الماضى، تحقق «الشروق» من واشنطن عن أسباب هذه الزيارات المستمرة والأهداف المراد تحقيقها من ورائها. وبصفة عامة، لا تسمح طبيعة النظام الحزبى فى أمريكا ولا نظام الانتخابات المتبع فيها، بأن يطيع العضو توجهات حزبه الرئيسية. لذا يمثل الكونجرس بمجلسيه «الشيوخ (100 عضو) والنواب (435 عضوا)» فى أغلب القضايا كل ألوان الطيف السياسى الممكنة، ولا يوجد إجماع على أى قضية باستثناء خصوصية العلاقات مع إسرائيل والعداء لإيران فى الوقت نفسه. إلا أنه يمكن الاشارة لتوجهات عامة داخل غرفتى الكونجرس، أهمها أن مجلس النواب يميل لدعم الجيش المصرى وما قام به منذ الثالث من يوليو الماضى ضد حكم الإخوان وخطوات خارطة المستقبل المعلن عنها، راغبا فى عودة المساعدات العسكرية الامريكية المقدمة للقاهرة دون شروط. يحمل مجلس النواب شخص الرئيس الأمريكى باراك أوباما، مسئولية ما يراه من فشل فى التعامل مع المسألة المصرية منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011. وبخلاف مجلس النواب ذى الأغلبية الجمهورية، يقف مجلس الشيوخ بأغلبيته الديمقراطية، داعما بصورة كبيرة لما قامت به الإدارة الأمريكية تجاه مصر منذ تدخل الجيش وحتى الآن، خاصة فيما يتعلق بتجميد معظم المساعدات العسكرية. كما يتبنى مجلس الشيوخ موقفا مقاربا لموقف الإدارة الأمريكية الرسمى الداعى لعملية سياسية مصرية تشمل كل الأطراف، فى إشارة لضرورة مشاركة جماعة الإخوان المسلمين فى العمل السياسى، رافضا الملاحقات الأمنية التى تتم بحق الجماعة منذ الإطاحة بهم من السلطة. وفى هذا السياق، جاء مشروع قرار الميزانية الفيدرالية المعدل لعام 2014 والذى كشف النقاب عنه يوم 13 يناير الماضى بدون أى تغيير فى مستوى المساعدات الاقتصادية البالغة 250 مليونا والعسكرية البالغة 1.3 مليار عما تلقته مصر خلال السنوات الأخيرة كدليل لعودة المياه لمجاريها بين القاهرةوواشنطن. إلا ان مشروع القرارا وضع شرطا شكليا لتسليم المساعدات الأمريكية للقاهرة، ينص على أن تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض التزام حكومة مصر المؤقتة بالسير نحو إعادة الديمقراطية للبلاد عن طريق الاستفتاء الشعبى على الدستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة»، كما اشترط مشروع القرار التأكيد على التزام مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل. وكان من المقرر أن يفرج الكونجرس عن 975 مليون دولار من المساعدات عقب إنجاز الاستفتاء على الدستور ويعقبها 576.8 مليون دولار عقب الانتهاء من الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وذلك بعد أن قامت إدارة أوباما واللوبى الإسرائيلى وبعض الدول الخليجية كالسعودية والإمارات بضغوط حثيثة ليسمح الكونجرس بتضمين المساعدات المصرية فى الميزانية الجديدة. معارضة أكاديمية لدعم مصر رغم خصوصية العلاقات بين وزارتى الدفاع فى كل من البلدين، وهو ما يظهر فى حجم الاتصالات التليفونية بين وزير الدفاع الأمريكى تشاك هاجل ونظيره المصرى المشير عبدالفتاح السيسى (أكثر من ثلاثين مكالمة منذ الثالث من يوليو، بمعدل مرة كل ستة أيام)، إلا أن ما يذكره وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى يتعدى فى أهميته المكالمات الهاتفية التى لا يعرف أحد ما يتم تناوله من أمور خلالها. فقبل أيام تحدث كيرى فى تونس، قائلا: «أتمنى أن أتمكن من الاجتماع مع قائد الجيش المصرى المشير عبدالفتاح السيسى فى مكان ما خلال الأيام أو الأسابيع القادمة لكى نتمكن من التحدث حول مصر، كما كنت أفعل فى الماضى. لقد اجتمعت معه. واجتمعت مع الرئيس عدلى منصور ومع غيره. وهذا حوار مستمر وأتطلع قُدما له». • تساؤلات فى الكونجرس حول التعامل مع مصر بعد انتخاب السيسى رئيسا واستمرار إقصاء الإخوان وجاءت كلمات كيرى وسط تساؤلات كبيرة داخل وخارج الكونجرس عن كيفية التعامل مع مصر إذا ما تم انتخاب المشير السيسى، واستمرت الحكومة المؤقتة على مسارها المستبعد لجماعة الاخوان المسلمين من العملية السياسية. ورغم الخطاب الرسمى غير الرافض للتعامل مع خارطة الطريق والرئيس الجديد حتى لو كان عسكريا، تحذر أصوات معارضة كثيرة فى واشنطن ومعظمها من مراكز أبحاث مهمة تنتقد بشدة طريقة تناول الإدارة الأمريكية للمسألة المصرية. • مجموعة بحثية تطالب أوباما بتغيير فورى تجاه مصر ..وتحذر من خطورتها على واشنطن وأرسلت مجموعة العمل حول مصر «مجموعة بحثية» خطابا لأوباما يوم التاسع والعشرين من الشهر الماضى طالبت فيه بتغيير فورى فى السياسة الخارجية الأمريكية تجاه مصر لما يشكله «الدعم الأمريكى لما وصفوه ب(الانقلاب) من خطورة على استقرار المنطقة والمصالح الأمريكية على المدى القريب والبعيد». هذه الجماعة البحثية تحتوى ضمن أعضائها على باحثين وخبراء فى الشأن المصرى، وأعضاء سابقين فى الإدارة الأمريكية، وهى لا تنتمى لأى حزب سياسى. وقال إيليوت إبرامز، عضو المجموعة، فى مقال له فى موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، إن «السياسة الخارجية الأمريكية تجاه مصر، لا تلقى ترحيبا من أى تيار سياسى مصرى سواء إسلامى أو علمانى، بسبب عدم توازنها، ولتبنى الإدارة الامريكية لمواقف غير أخلاقية، وموالية للنظام الحاكم بغض النظر عن من يقوده». وأضاف ابرامز أنه «من الخطأ المفاضلة بين الديمقراطية والاستقرار فى مصر، فالتقييم الواقعى لما يحدث فى مصر من حملات قمعية ضد الإخوان المسلمين، والتيارات الأخرى المعارضة، واستمرار التظاهرات واستهداف الجيش والشرطة من قبل الجماعات المسلحة يؤكد استمرار الدولة البوليسية، ولن يحقق استقرارا على المدى القريب او المتوسط او البعيد». وبناء على ذلك فقد دعت مجموعة العمل إلى استخدام المساعدات العسكرية الامريكية، كأداة لتغيير مسار السياسة الخارجية الامريكية تجاه مصر من خلال ايصال رسائل إلى الحكومة المصرية الجديدة توضح ما يمكن وما لا يمكن قبوله. وقد حثت المجموعة الرئيس أوباما على توجيه وزير خارجيته، للخروج بإعلان واضح بأن مجرد إجراء انتخابات فى مصر فى ظل انتهاكات واسعة لحقوق الانسان، ترتكبها الحكومة المؤقتة فى مصر لا يعنى بالضرورة أنها استوفت الشروط التى وضعها الكونجرس الامريكى للمعونات. ودعت المجوعة أوباما للضغط على الحكومة المصرية كى تتخذ «خطوات لدعم التحول الديمقراطى»، منها: إنهاء الحملة الأمنية والاعلامية ضد المعارضة السلمية، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، والسماح بالمشاركة السياسية السلمية. والتوقف عن استخدام الرصاص الحى لتفريق التظاهرات، واحترام حرية التظاهر السلمى. وكذلك إنهاء القمع الحكومى للمعارضة السلمية، وسحب القضايا المسيسة ضد النشطاء واعضاء مجلس الشعب السابقين والصحفيين والأكاديميين». كما شددت المجموعة على ضرورة التوقف عن الحملات الاعلامية المعادية للولايات المتحدةالامريكية، حيث أدت تلك الحملات إلى موجات عداء غير مسبوقة وأصبحت تهدد الامريكيين ليس فقط فى مصر، ولكن ايضا فى الدول المجاورة، موصية بإيقاف كلى للمعونات الامريكية إلى مصر، إذا لم يتم استيفاء تلك الشروط من أجل إيصال رسالة إلى صناع القرار فى مصر، مفادها أن الولاياتالمتحدة لا توافق على «المسار الخطير» الذى تتخذه مصر. وعقب إرسالهم الخطاب لأوباما، اجتمع عدد من أعضاء المجموعة مع فريق مجلس الأمن القومى التابع للرئيس الأمريكى، وعدد من أعضاء الكونجرس لمحاولة إقناعهم برؤيتهم للسياسة التى يجب أن تتخذها واشنطن تجاه مصر. ضغوط خليجية وإسرائيلية • ضغوط خليجية وإسرائيلية على أعضاء الكونجرس لدعم إشراف الجيش على العملية السياسية ومراحل خارطة المستقبل يتبنى ممثلو دول الخليج خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة موقفا يتفق مع الموقف الإسرائيلى بخصوص المسألة المصرية. وينعكس هذا التوافق فى تشابه الرسالة التى يقوم بها اللوبى الخليجى ونظيره الإسرائيلى فى الضغط على أعضاء الكونجرس، عبر تنظيم الرحلات المتكررة لمصر والتى تجىء فى الغالب كمحطة وسط زيارة تأخذ هؤلاء الاعضاء للتوقف فى أبوظبى أو الرياض أو تل أبيب أو كلهم. وتتفق إسرائيل ودول الخليج المذكورة على ضرورة دعم الجيش المصرى فى إشرافه على العملية السياسية فى مصر، وتستخدم هذه الدول عدة أساليب مثل شركات اللوبى وجماعات الضغط لإقناع أعضاء الكونجرس بضرورة دعم خارطة الطريق وضرورة التضحية بجماعة الاخوان المسلمين. وفى حديث له أمام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فى واشنطن الأربعاء الماضى، ذكر وليام بيرنز، نائب وزير الخارجية الأمريكية أن بلاده، وعلى الرغم من اختلاف رؤيتها عن دول الخليج فيما بتعلق بمصر إلا أنه «يمكننا العمل معا لدعم إصلاحات مماثلة. وأن التطور المستقر فى مصر يبقى حاسما للتطور المستقر فى المنطقة بأسرها. ولكن لا يمكن أن تنجح أى عملية انتقال بدون احترام التعددية السياسية والشعور بالثقة فى مستقبل اقتصادى أفضل وأكثر شمولا». 5 مؤشرات لقياس التقدم فى خارطة الطريق • دراسة لمركز أبحاث الكونجرس تطرح 12 بديلا لإعادة هيكلة برامج المساعدات.. و5 مؤشرات للحكم على تقدم «خارطة الطريق» ذكرت دراسة مفصلة لخدمة أبحاث الكونجرس صدرت يوم 10 يناير الماضى عن العلاقات المصرية الأمريكية، أن هناك خمسة مؤشرات يمكن للكونجرس اللجوء إليهم للحكم على نجاح خارطة الطريق من عدمه. وبناء على هذه المؤشرات يمكن معاودة برامج المساعدات العسكرية لمصر. وأول تلك المؤشرات نتائج وطبيعة الانتخابات الرئاسية المنتظرة، وثانيها قدرة الجيش على مكافحة الإرهاب داخل وخارج سيناء، وثالثها موقف الحكومة المصرية المالى، ورابعها موقف الدول الخليجية من استمرار تقديم الدعم المالى للحكومة المؤقتة فى مصر، وأخيرا قيام مصر بدورها الدبلوماسى فى قضايا المنطقة ودرجة نشاطها الخارجى. وذكرت الدراسة أنه منذ عام 2011 تزايدت الأصوات الداعية لإعادة هيكلة المساعدات العسكرية المقدمة لمصر سنويا وتبلغ 1.3 مليار دولار من أجل أن تصبح أكثر فاعلية فى مواجهة الأخطار المتجددة التى تواجهها القاهرة، وعرضت ل12 طريقة يمكن من خلالها إعادة هيكلة برامج المساعدات العسكرية لمصر. سبل اعادة هيكلة المساعدات كما ذكرتها الدراسة، هى: «إلزام الادارة الأمريكية بتقديم تقارير للكونجرس عن الاتفاقات الثنائية بخصوص المساعدات فى المستقبل التى تتطلب اعتمادا ماليا من الكونجرس»، وكذلك إلزامها بتقديم تقارير للكونجرس توضح كيف أن المساعدات لمصر تدعم المصالح الأمريكية فى مكافحة الارهاب والأمن الإقليمى. الدراسة مضت فى تعديد طرق إعادة الهيكلة، قائلة: «تتضمن تلك السبل أيضا، السماح لمكتب المحاسبة الحكومية ذى الطبيعة الرقابية أن يراجع حسابات برامج المساعدات الحالية للتأكد من أن برامج الانفاق تتفق مع الأولويات الأمريكية، وإعادة تخصيص جزء من المساعدات العسكرية لتركز على حرس الحدود ومكافحة الارهاب. وتابعت: «لابد من الضغط بورقة المساعدات لتقوم الحكومة المصرية بإصلاح القطاع الأمنى وزيادة برامج تدريب رجال القطاع على قضايا حقوق الإنسان، كذلك تخصيص جزء من المساعدات العسكرية لبرامج مدنية مثل دعم الديمقراطية ودعم الاقتصاد». وطالبت الدراسة بوضع شروط صارمة على عودة المساعدات مثل الالتزام الكامل بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وحسن معاملة الاقليات الدينية والاصلاح الاقتصادى ومنح حرية الحركة للعاملين المحليين والأجانب فى المنظمات غير الحكومية، وتشجيع برامج تواصل الشعب المصرى بالشعب الأمريكى من خلال برامج تبادل غير حكومية للأكاديميين والطلاب وأعضاء البرلمان. وذكرت الدراسة ضمن وسائل هيكلة المساعدات، تخصيص مساعدات اقتصادية لشبه جزيرة سيناء، وتوسيع بعض برامج الانفاق الحالية مثل التعاون الزراعى وصندوق المشروعات المصرية الأمريكية، وبرامج الصحة العامة والتعليم، فضلا عن ضرورة السماح بإعفاء مصر من بعض الديون، وتوفير ضمانات للقروض بشرط الاتفاق مع صندوق النقد الدولى. وأخيرا توسيع تجارة القمح والمنتجات الأخرى بين الدولتين.