67 عاما من المعارك والجدل ومعسكرات تؤيد وأخرى تعارض، حتى يشهد عام 2014 فصل النهاية في أزمة تعديل لائحة انتخاب البطريرك، والتي ألزم الأنبا باخوميوس قائم المقام وقتها جميع مرشحي الكرسي البابوي بضرورة تعديلها، وبمجرد جلوس البابا تواضروس الثاني أصدر قرارا بتشكيل لجنة مدة عملها عام لتعديل لائحة اختيار البطريرك، لكن الأحداث السياسة أخرت تنفيذ الوعد البابوي ليتم تحقيقه أمس. وسجلت أزمة التعديل مواقف وأدوارا لعبها رجال الكنيسة، بداية من عهد البابا شنودة الراحل مرورا بالانتخابات وحتى الانتهاء من التعديل.. بفنتيوس أسقف سمالوط صاحب أشهر كتاب كنسى «حتمية النهوض بالعمل الكنسى» والذى ينتقد فيه العديد من الأمور الكنسية منها لائحة 57 لاختيار البطريرك، وشن بفنتيوس هجوما شرسا على عملية «القرعة الهيكلية» التى تنص عليها المادة 16 من لائحة انتخاب البطريرك، وقال فى كتابه: إن اسم «القرعة الهيكلية» مُختلَق ولا أساس له لاهوتيا ولا يوجد نص قانونى كنسى يُبرر إجراء مثل هذه القرعة. وأكد بفنتيوس أن اللائحة خلت من المطالبات القانونية الكنسية التى يجب توافرها فى شخص المرشح للكرسى البابوى، واكتفت بذكر شروط بسيطة بديهية مثل أن يكون مصريا قبطيا وعمره فوق 40 سنة ومدة رهبنته تزيد على 15سنة. بيشوى سكرتير المجمع السابق الرجل الثانى فى عهد البابا شنودة الثالث لعب دورا كبيرا فى تعديل اللائحة الجديدة، على الرغم من دفاعه عن القديمة، قائلا إنها جاءت للكنيسة بالبابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث، ورفض بيشوى حديث بفنتيوس عن إلغاء القرعة حيث استخدمها الرسل الأحد عشر، حينما أرادوا أن يختاروا رسولا بدلا من يهوذا الإسخربوطى، الذى باع المسيح وانتحر، فألقوا القرعة ما بين متياس وبرسابا الملقب بيسطس، فوقعت القرعة على متياس، ويتزعم بيشوى معسكر المدافعين عن حق أساقفة الإيبراشيات فى الجلوس على الكرسى البابوى وهو محل خلاف فى الأوساط القبطية وبين الأساقفة والقساوسة، حيث ترشح فى الانتخابات البابوية لكن لجنة الترشيحات استبعدته. سرابيون أسقف لوس أنجلوس صاحب أول بيان صريح يهاجم فيه مسألة ترشيح أساقفة الإيبراشيات أثناء الانتخابات البابوية، وأكد أن قوانين الكنيسة تمنع نقل أسقف من إيبارشية إلى أخرى، وحذر الكنيسة وقتها من ذلك قائلا «لقد جربنا فى القرن العشرين الاستثناء من هذه القاعدة القانونية التى حافظت عليها الكنيسة منذ تأسيسها تعلمنا من فشل التجربة، حكمة الكنيسة وقوانينها المقدسة فى عدم اختيار البطريرك من بين أساقفة ومطارنة الإيبارشيات». ولعب معلم البابا تواضروس دورا رئيسيا فى الانتخابات البابوية حيث ترك إيبراشيته فى لوس أنجلوس ومكث أغلب الوقت فى مصر حتى انتهت الانتخابات البابوية خوفا أن تشوبها مخالفات. بولا أسقف طنطا وتوابعها رجل تنظيمى لعب دورا مهما فى الانتخابات البابوية، وكلفه البابا تواضروس بوضع تعديلات للائحة استغلالا لخبرته فى إدارة الانتخابات البابوية. بولا قاد ثورة التصحيح على مراكز القوى داخل الكنيسة ولم يضع فى حساباته أن معلمه الأول الأنبا بيشوى وشارك، الأنبا باخوميوس فى استبعاد الأنبا يؤانس وبيشوى أهم مركزى قوى داخل الكنيسة من قائمة المرشحين لانتخابات البابا الماضية. روفائيل سكرتير المجمع المقدس كان من ضمن المرشحين الثلاثة على الكرسى البابوى، وصاحب أعلى أصوات فى الانتخابات البابوية، وبالرغم من عدم اختياره بطريرك بسبب القرعة الهيكلية، فإنه رفض إلغاءها معتبرا إياها وسيلة إلهية لمعرفة البابا القادم. باخوميوس والقائم مقام سابقًا قائد الكنيسة فى أدق وأصعب مراحلها وقائم المقام السابق، تجربته فى الانتخابات البابوية وإدارته لها دفعت البابا تواضروس إلى تكليفه برئاسة لجنة التعديلات، حتى يفصل ويسيطر على الصراعات والخلافات بين أساقفة الكنيسة حول بنود اللائحة، بما يتمتع به من صفات الحزم والشدة والذكاء فى التعامل مع الآخرين.