أسوأ شعور فى الدنيا، أن يشعر المرء بالظلم، ومعه العجز عن كشف ورد هذا الظلم. قبل أيام تلقيت اتصالا من سيدة من مركز يوسف الصديق فى محافظة الفيوم تقول إن أجهزة الأمن اعتقلت زوجها أحمد عبدالتواب محمد محمد البنا منذ 7 ديسمبر الماضى، ووجهت له النيابة تهما كثيرة منها التحريض وسرقة أسلحة والاعتداء على مركز الشرطة. لمدة 15 دقيقة تقريبا لم تتوقف الزوجة عن البكاء والقسم بأغلظ الأيمان أن زوجها ليس إخوانيا ولم يشارك فى أى مظاهرة، بل إنه كان عضوا بالحزب الوطنى والمجلس المحلى وكل نشاطه أنه شارك فى تأسيس جمعية لتنمية المجتمع لمساعدة كبار السن فى الحصول على المعاشات أو توزيع أنابيب البوتاجاز دون مقابل. الرجل يعمل وكيلا لمدرسة المشرك القبلى الإعدادية بيوسف الصديق وطبقا لزوجته فإنه كان بالمدرسة أثناء مهاجمة قسم الشرطة وهناك شهادة مسجلة من زملائه تؤكد ذلك، لم يعتد بها، ورفضت النيابة ضم كشف الحضور والانصراف بالمدرسة. الزوجة تقول إن زوجها لايزال ثابتا فى الحجز لكنها لم تعد قادرة على تحمل الظلم أو رعاية أولادها الأربعة وأكبرهم فى الثانوية. الحالة الثانية للدكتور جودة اللبان أستاذ الباطنة والكبد بكلية طب جامعة قناة السويس، هو أيضا مقبوض عليه ومتهم بالتحريض على العنف وتمويله. اللبان يعانى من أمراض متعددة وذهب إلى قسم القلب ثم أعيد إلى سجن المستقبل مرة أخرى. أقارب الدكتور يقسمون بأنه ليست له أى صلة بالإخوان أو بغيرهم، ولسوء حظه فإن أحد أقاربه إخوانى معروف، وتم القبض عليه. بطبيعة الحال يندر وجود أسرة تعتقد أن قريبها متهم، لكن يصعب أيضا فى الوقت نفسه أن يتمكن شخص من إخفاء ميوله السياسية لسنوات طويلة، وحتى لو أخفى ذلك فيصعب إخفاء نشاط مثل المشاركة فى المظاهرات والتمويل والتحريض. لا أستطيع الحكم بمدى براءة الحالتين السابقتين من عدمه، لكن القصص والتفاصيل التى سمعتها على الحالتين جعلتنى أشعر بأن هناك شيئا ما خطأ. مبدئيا ليس من حق أجهزة الأمن اعتقال أى شخص دون وجود تهم حقيقية حتى لو كان إخوانيا. لكن المشكلة أن الحديث عن معتقلين أو مقبوض عليهم بدأ يتزايد، ليس فقط للمتهمين بأنهم إخوان بل لفئات أخرى بعضها ينتمى لليسار وبعضها لا ينتمى لأى تيار. مخلصا أقول للحكومة والمشير السيسى واللواء محمد إبراهيم وقبلهم للرئيس عدلى منصور: انتبهوا هناك مشكلة كبيرة بشأن المقبوض عليهم. بالنسبة لى لا توجد مشكلة إذا كان هناك مليون معتقل طالما انهم ارتكبوا جرائم محددة ويتم حسابهم بالقانون، لكن وجود اعتقالات عشوائية قائمة على الظن أو الشك والارتياب أو الكيدية أو الانتقام، فتلك هى بداية النهاية لأى نظام مهما كان عنيفا أو قويا. اعتقال شخص برئ يعنى أن أسرته وأقاربه ومعارفه سوف يتحولون فى الاتجاه المعارض للحكومة. أتمنى أن يتم تفعيل وعد أو توصية المستشار عدلى منصور بمراجعة أوضاع المقبوض عليهم أو المعتقلين. لا نطالب بالإفراج عن مجرم أو مخالف للقانون. نطالب فقط بالتحقق من عدم وجود أبرياء داخل السجون. لو صحت هذه الروايات وغيرها الكثير المتداول على مواقع التواصل الاجتماعى فالمؤكد أن هذه أسوأ بداية للجمهورية الجديدة.