أكد وزير الدولة للتنمية الإدارية، المهندس هانى محمود، أن الجهاز الإدارى يعانى أزمات بالغة التعقيد أهمها جدول الأجور الذى وصفه بالمشوه، بسبب عدم وجود معايير واضحة لتحديد المرتبات بين الوزارات المختلفة، مشيرا إلى أن مليونى موظف استفادا من الحد الأدنى للأجور، بينما لن يتضرر من الحد الأقصى أكثر من 100 مسئول بالدولة، ليس من بينهم الوزراء. وأقر الوزير، فى حواره ل«الشروق»، بوجود إشكالية فى تطبيق الحد الأقصى على بعض القطاعات، التى تعمل فى إطار تنافسى، خوفا من هروب الكوادر ومن ثم تعرضها لخسائر، كما رفض تماما المطالب بتعيين نسبة من أبناء العاملين فى الحكومة لتعارضه مع مبدأ تكافؤ الفرص، وشدد على أن الاقصاء من الحكومة سيواجه كل من يثبت تورطه فى العنف أو الدماء. وإلى نص الحوار.. • ربط تطبيق الحد الأدنى للأجور بنسبة ال400%.. أثار بلبلة لدى الموظفين.. فلماذا لم يدرج بمبلغ محدد؟ اللجنة الثلاثية التى شكلها مجلس الوزراء، من وزارات الدولة للتنمية الإدارية والتخطيط والمالية، كلفت برفع الحد الأدنى لإجمالى أجر الموظف الحكومى من 700 جنيه ل1200 جنيه، أما اللائحة التنفيذية نفسها فقد تم إسنادها للمالية، دون تدخل فيها أو الاطلاع عليها، وكلف وزير المالية بألا يقل إجمالى استحقاقات أى موظف حكومى شهريا عن 1200 جنيه، وزيادة الحد الأدنى يتقاضاها الموظف مع الأجر الأساسى وليست منفصلة، وأى تأخير سيكون راجعا إلى المؤسسة نفسها. • كم أعداد المستفيدين من زيادة الحد الأدنى؟ مليونا موظف حكومى تقريبا، حسبما ورد إلينا من الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، الغالبية العظمى منهم فى المحليات. • ما هى أهم ملامح الإصلاح التى يحتاجها هرم الأجور الحكومى؟ هرم الأجور مشوه، لذلك سنعمل على توحيد بنود صرف الرواتب فى جميع المؤسسات الحكومية، لأن كل وزارة تعمل حاليا بمفردها، ويجب مساواة رواتب الموظفين الذين يؤدون نفس المهام الوظيفية بجهات مختلفة، لأن اختلاف قيمة الرواتب من دون معايير واضحة يولد أجواء سلبية بالعمل، وبدأنا بالفعل فى إعادة النظر فى تغيير نسبة الأساسى فى الراتب التى لا تتعدى 20%، ويقابلها نسبة متغيرة تمثل 80%، وذلك لعدم توازنها ما يؤدى إلى تشتت الموظف فى فهم مفردات راتبه، وتقرر الانتهاء من ذلك مطلع يوليو المقبل. • ماذا عن تطبيق الحد الأقصى للأجور على 8 آلاف من قيادات الدولة؟ هناك لغط كبير وسوء فهم أثير حول تفسير هذا الرقم، فما أعلن هو مراقبة صرف رواتب جميع مسئولى الحكومة، بداية من مدير عام إلى رئيس الجمهورية والمقدر عددهم بالجهاز الإدارى للدولة بنحو 8 آلاف مسئول، لمعرفة أى مبالغ يتقاضاها المسئول من أى جهة حكومية وضرورة ربطها بالرقم القومى، لأنه لا يمكن مراقبة 7 ملايين موظف حكومى، هذا لا يعنى أن ال8 آلاف مسئول سيطبق عليهم الحد الأقصى للأجور، المقرر متوسطه ب42 ألف جنيه شهريا، بل ستتم مراقبة صرف الرواتب فقط، لهذا فإنه من المتوقع ألا يزيد عدد المتضررين من الحد الأقصى على 100 قيادة من إجمالى الجهاز الإدارى للدولة، فراتب الوزير نفسه لا يتعدى 33 ألف جنيه تحت أى ظرف، والقانون يمنعه من حصول على أى مبالغ إضافية لذا لن يشمله تطبيق الأقصى للأجور. • ماذا عن آلية التطبيق نفسها؟ لم يقر القانون حساب الحد الأقصى شهريا، فقد يقل إجمالى ما يتقاضاه المسئول عن 42 ألف جنيه أو يزيد بعض الشىء، لذا أقر القانون بأن يكون هذا المبلغ متوسط ما يتقاضاه المسئول شهريا، على أن تسترجع خزانة الدولة أى مبالغ إضافية عن الحد للأقصى خلال سنة، وهو ما يعنى عدم حصول المسئول عن 504 آلاف جنيه سنويا. • وعلى من ستطبق المرحلة الثانية من الأقصى للأجور؟ ستشمل قطاع الشركات التى يساهم فيها المال العام، مثل شركات مصر للطيران والمصرية للاتصالات والبنك الأهلى، وندرس تطبيق هذا الحد عليها بما يتناسب مع طبيعة عملها كشركات تنافسية، ما يجبرنا على التعامل معها بحذر بالغ، حتى لا نواجه أزمة هروب الكوادر، ما قد يؤدى إلى خسائر للمؤسسة نفسها ويضر بالمال العام، لكننا لن نستثنى هذا القطاع وكل وزير يعرض تصوراته للتطبيق ومدى تأثيره على وزارته، حتى نتوصل إلى آلية مناسبة تحقق التوازن. • ماذا عن إقرار الحد الأدنى فى القطاع الخاص؟ مازلنا نواجه مشكلة فى هذا القطاع، ونحاول إيجاد حلول غير تقليدية بالتوافق مع رجال الأعمال، مثل إيجاد شريحة ثانية من تطبيق القانون عليهم أو وفق عدد العمال بالمشروع أو استثناء المشروعات المتوسطة والصغيرة، أو وضع حد مختلف، فالأجور فى القطاع الخاص تتراوح بين 300 و700 جنيه، ويهدد أصحاب العمل بإغلاق مؤسساتهم فى حالة إصرار الحكومة على رفع الحد الأدنى جبريا، الذى يرونه عبئا ماليا. • أليس لدى الحكومة أدوات ضغط على رجال الإعمال لإجبارهم على عدم إغلاق مشروعاتهم؟ لا يمكننا ذلك، نحن بلد اختار السوق الحرة، ولدينا استثمارات تعمل وفق هذه السياسة ولا يمكن الرجوع إلى الخلف باتخاذ قرارات تعسفية ضد رجال الأعمال، وإلا سنتعرض لتفريغ جميع الاستثمارات، كما أن الحكومة لا تستطيع أن تتولى مهام تشغيل هذه المشروعات. • ماذا عن أعداد المستشارين بالحكومة؟ انتهينا من حصر معظمهم بالمؤسسات الحكومية، وعددهم لن يزيد على 700 مستشار فى الجهاز الإدارى، فجميع الأرقام التى أعلنت مسبقا كانت مبالغا فيها، وأكثر من نصفهم يعمل كمستشار قانونى معار من مجلس الدولة إلى المؤسسة الحكومية لإبداء الرأى القانونى فيما يخص التعاملات الحكومية، ولا صحة للتلاعب بشأن الرواتب التى يتقاضونها حيث يحددها القانون ب60% من أجره فى مجلس الدولة كمكافأة، ولا يخضع راتبه لأى تقديرات شخصية، وسيعلن عن الأعداد كاملة فى الفترة القليلة المقبلة عقب عرضها على مجلس الوزراء. • ما الذى يعوق الحكومة فى تحسين أوضاع الموظف، التى وصفتها سابقا بغير المرضية؟ نعانى من تضخم فى أعداد موظفى الجهاز الإدارى، ففى حين نحتاج فقط إلى مليونى موظف، يضم الجهاز حاليا 7 ملايين موظف، وهذا سبب رئيسى فى عدم قدرتنا على منح مزايا مادية أو اجتماعية أكبر للموظفين، كما يفسر عدم تساوى إنتاج الموظف الحكومى مع مثيله فى القطاع الخاص، هذه الأزمة تفاقمت بسبب زيادة عدد التعيينات عقب الثورة، ونحرص حاليا على تقليل الأعداد التى ستلتحق بالقطاع الحكومى، مع عدم إغلاق باب التعيينات لحاجتنا لضخ دماء جديدة. • الإعلانات الوهمية عن التوظيف أفقدت المواطنين الثقة فى الحكومة.. فما تعليقك؟ هذا صحيح فهناك إعلانات وهمية لوظائف تعلنها بعض المؤسسات الحكومية، على الرغم من أن تلك المؤسسات قد حسمت الاختيار مسبقا، بتعيين المؤقتين أو أحد أفراد المؤسسة، وهذا خطأ كبير ويحد من مبدأ تكافؤ الفرص، ويقع أغلب الخطأ على أعضاء اللجنة المشاركين فى التقييم، لأنهم فى حال استجابتهم لاختيار رئيس اللجنة، دون تقييم أو معايير فى اختيار الأنسب للوظيفة من بين المتقدمين لها، يساند المؤسسة فى الإعلان الوهمى عن وظائفها لاختيار شخص بعينه معلوم مسبقا، وتكمن مشكلة اختيار الأنسب فى افتقادنا لمعايير ومقاييس محددة للأفضلية، ذلك أن نسبة المجاملات فى الجهاز الحكومى أعلى بكثير من القطاع الخاص الذى يحكمه تحقيق المكاسب دون النظر إلى أى نواحٍ أخرى، لذا ظهر اتجاه جديد فى أكثر من وزارة وهو ضم أعضاء فى لجان التعيين من خارج المؤسسة، لضمان الحيادية، والقانون لا يشترط أن يكون أعضاء اللجنة من الوزارة ذاتها. • وماذا عن تعيين أبناء العاملين؟ رفضت المبدأ تماما لعدم قانونيته، فى حين يظن بعض العاملين أنه حق مكتسب لهم، لكونهم أعطوا الجهاز الإدارى جهدهم ووقتهم طيلة سنوات، والحقيقة أنهم حصلوا فى المقابل على رواتب ومكافآت ومعاشات وغيرها، والعكس هو الصحيح فالحكومة هى التى قدمت خدمة للموظف بأن عينته فى جهازها، بينما لم تتح الفرصة لأشخاص آخرين، ومن ثم لا يحق لهم المطالبة بتعيين أبنائهم، فالوظيفة الحكومية لا تورث، والقانون يتيح لكل مواطن حق التقدم لشغل أى وظيفة وإجراء اختباراتها، وفى حال تفوقه على باقى المتقدمين، يحق له التعيين سواء كان من أبناء العاملين أم لا، نقطة أخرى فى قضية توريث الوظائف، فإذا صح مثل هذا المبدأ، فلماذا قامت الثورة ضد توريث جمال مبارك حكم مصر؟ فى الوقت الذى شغل فيه حسنى مبارك منصب رئيس الجمهورية لأكثر من 30 سنة. من هذا المنطلق ومن منطلق القانون فإن المطالبة بجعل 25% من أبناء العاملين هو مبدأ مرفوض بشدة ولا نية لدينا لإقراره أو الاعتراف به. • هل الحكومة قادرة على تأمين الانتخابات الرئاسية وسط هذه الاضطرابات الأمنية؟ نعم هى قادرة والدليل إجراء الاستفتاء على الدستور بشكل آمن، والظروف الأمنية حاليا لا تختلف كثيرا عن ذى قبل، فالتفجيرات وأعمال العنف كان من الممكن أن تحدث قبل الاستفتاء أو خلاله، ونكرر التأكيد على أن قوات الجيش والداخلية قادرة على تأمين الانتخابات الرئاسية، وأعمال العنف واردة، والانتهاء السريع من بنود خارطة الطريق هو الضمانة الوحيدة للقضاء على الإرهاب تماما. • وماذا عن تجربة التصويت فى لجان الوافدين؟ ما حدث مع تصويت الوافدين فى الاستفتاء يعد إعجازا، لأنه حدث فى وقت ضيق جدا، ولدينا حاليا بيانات بأعداد الوافدين، منذ الاستفتاء، لتفادى مشكلة التكدس فى الانتخابات الرئاسية، على أن تلغى فى الانتخابات البرلمانية. • ما رأيك فى المطالبات بإقصاء عناصر جماعة الإخوان من القطاع الحكومى؟ لا يمكننا إقصاء أى شخص بالشبهات، لكن ما تم الاتفاق عليه هو أن من يثبت تورطه فى دماء أو يثبت عليه أى أعمال عنف أو النشاط السياسى الهدام داجل الجهاز الحكومى سيقصى على الفور، حسب تعليمات رئاسة الوزراء. • لو انتقلنا إلى أزمة الدعم فماذا عن كروت البنزين والسولار؟ انتهينا من الجانب الفنى فى هذا المشروع، ولكن الجزء الإدارى وتوقيتات العمل بها مسئولية وزارة المالية مع وزارة البترول، وكان هناك اتجاهات للانتهاء من إصدار جميع الكروت فى مارس المقبل ليتم العمل بها فى مايو، لكن التوقيت النهائى لم يحسم بعد. • وماذا عن اتجاه الحكومة فى الاعتماد على الدعم المادى؟ الدول التى اتخذت هذا الاتجاه شهدت نجاحا هائلا، لكن فى مصر الأمر بالغ التعقيد، لذا تعاقدنا مع البنك الدولى لإمدادنا ببعض التجارب الناجحة، والتحول الكامل للدعم المادى ليس بالضرورة أن يطبق فى مصر الآن، لترشيد الدعم ووصوله لمستحقيه الحقيقيين، وسنبدأ الشهر الجارى دراسة بالتعاون مع وزارة التعاون الدولى، لإيجاد أفضل الطرق لإدارة منظومة الدعم بمصر، ولا نفكر فى المساس بالدعم مطلقا.