تحول محيط منطقة وسط البلد إلى ما يشبه «كماشة» للمتظاهرين الذين دعوا إلى التظاهر اليوم أمام نقابة الصحفيين، حيث حُوصر المتظاهرون بين قوات الأمن وبين مسيرات مؤيدة للسيسي كانت تتحرك في شوارع منطقة وسط البلد، حتى وصلت ميدان التحرير، للمشاركة في الاحتفال بذكرى الثورة وعيد الشرطة الذي تنظمه الدولة في التحرير. وكانت 23 حركة ثورية، على رأسها حركة جبهة طريق الثورة، وحركات 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين، قد دعت للتظاهر اليوم في ميدان مصطفى محمود بالمهندسين، وأمام نقابة الصحفيين، لإحياء ذكرى ثورة 25 يناير، والتأكيد على تحقيق مطالبها الأساسية في العيش والحرية والكرامة الإنسانية، ورفض نظامي الإخوان المسلمين وحكم العسكر. لكن مظاهرة ميدان مصطفى محمود فرقتها الشرطة بعد دقائق من تجمعها بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، لتعيد جبهة طريق الثورة بعدها النداء إلى المشاركين في المسيرة بالتوجه إلى نقابة الصحفيين للمشاركة في الفعالية الأساسية للجبهة. وانطلقت المسيرة من أمام نقابة الصحفيين بهتافات «يا اللي بتسأل إحنا مين إحنا بتوع خمسة وعشرين»، و«هما اتنين ملهمش أمان العسكر والإخوان»، «يا اللي بتهتف مرسي وسيسي ولا ده هيرجع ولا ده رئيسي»، «الداخلية بلطجية». لكن قوات الأمن سريعاً ما هاجمت المسيرة في شارع شريف بإطلاق قنابل الغاز، ورصاصات الخرطوش، وطلقات صوت، لفض المتظاهرين الذين تفرقوا في الشوارع الجانبية. بينما شهد شارع شريف معركة بالحجارة استمرت لما يقرب من ساعة بين بعض المتظاهرين، وبين قوات الأمن وعدد من الأهالي وأصحاب المحال في الشارع، تبادلا فيها التراشق بالحجارة، والكر والفر، فيما قبضت قوات الأمن على عدد من المتظاهرين. دعت جبهة طريق الثورة أعضاءها والمشاركين في المسيرة، تلبية لدعوتها إلى مغادرة الشارع وإلغاء الفعاليات، لعدم ملائمة الوضع الأمني، الأمر الذي كان يصعب تنفيذه فعلياً بعد أن وقع المتظاهرون في فخ الكماشة بين قوات الأمن، ومؤيدي السيسي الذين كانوا يتجولون في الشوارع بحثاً عن أعضاء 6 أبريل والإخوان، للاعتداء عليهم وتسليمهم للشرطة. رائحة الشوارع معبئة بالغاز، والمتظاهرون يفرون في الشوارع الجانبية، يجمعون العشرات منهم في كل شارع، يقفون للهتاف لدقائق قبل أن تهاجمهم الشرطة بإطلاق قنابل الغاز. وفي شارع صبري أبو علم، وبالقرب من مقاهي البورصة، بعد أن أطلقت قوات الشرطة الغاز لتفريق المتظاهرين الذين يهتفون ضد حكم العسكر والإخوان، تجمعت مسيرة أخرى لمتظاهرين يحملون صور السيسي، يتقدمها ضابط في الشرطة، تهتف «شرطة وشعب وجيش إيد واحدة». وأمام مقاهي البورصة صاح أحد المتظاهرين «6 أبريل بيقعدوا هنا الإرهاب بيقعد هنا» لِيَهُمّ بعض المتظاهرين بالاعتداء على القهوة، إلا أنه تمت السيطرة عليهم، بعد إقناعهم بأن ليس لأصحابها أي ذنب، ليمضي مؤيدو السيسي في مسيرتهم، وهم يتوعدون أي شخص من 6 أبريل. وفي شارع محمود بسيوني وأمام مطعم القزاز، تجمعت من جديد مظاهرة تهتف ضد حكم العسكر والإخوان، بدأت بأفراد لا يتجاوز عددهم العشرات، إلا أن الهتاف جمع بقايا مظاهرة نقابة الصحفيين المفرقة، ليتزايد عدد المتظاهرين إلى ما يقرب من مائة متظاهر يهتفون ضد الحكم العسكري، وحكم الإخوان ومؤيديهم، ويطالبون بإسقاط النظام. وعلى مقربة من تلك المظاهرة تجمعت مسيرة لمؤيدي السيسي في ميدان طلعت حرب، وما هي إلا دقائق قليلة حتى بدأت الاشتباكات، بتراشق الحجارة وإطلاق الألعاب النارية، ثم حالة كر وفر بين الطرفين استمرت أكثر من ساعتين، وقع فيها المتظاهرون من الرافضين لحكم العسكر والإخوان في كماشة حقيقية بين قوات الشرطة التي تحاوط أغلب شوارع وسط البلد، وبين مؤيدي السيسي الذين يُبْرِحون ضرباً أي شخص يقع في أيديهم ظناً منهم أنه تابع للإخوان أو 6 أبريل قبل أن يسلموه لقوات الشرطة، التي تطارد ما بقي من متظاهرين بإطلاق قنابل الغاز لتفريقهم.