22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    منزل جمال عبد الناصر، منارة ثقافية بحي باكوس في الإسكندرية    تراجع سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 23 مايو 2023    هل ترتفع أسعار الشقق بعد بيع قطع أراض لجهات أجنبية، الحكومة تجيب (فيديو)    تفاصيل المجلس الوطنى لتطوير التعليم فى حلقة جديدة من "معلومة ع السريع".. فيديو    تموين سوهاج: ارتفاع توريد القمح إلى الشون والصوامع ل 96 ألف طن    فوز ناصر تركي وحسام الشاعر بعضوية اتحاد الغرف السياحية عن الشركات    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن غارات على شرق مدينة رفح الفلسطينية    ضياء رشوان للجزيرة: التلويح بالانسحاب من مفاوضات غزة لا يعني التخلي عن القضية    أستاذ علوم سياسية: تقرير «cnn» محاولة فاشلة لتوريط مصر    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    إعلام عبري: إسرائيل تدرس إغلاق سفارتها بأيرلندا بسبب اعترافها بدولة فلسطينية    حسين لبيب: الإعلام الأهلاوي قوي وأرفض الانتقام من الزمالك    تأكيدًا لانفراد «المصري اليوم».. الزمالك يبلغ لاعبه بالرحيل    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    رد قاطع من حسين لبيب على "البند الصادم" بعقد زياد كمال    لبيب: جوميز مستمر مع الزمالك الموسم المقبل وسنفعل بند شراء شحاتة    وزير الرياضة: أتمنى مواجهة الأهلي ل الزمالك في السوبر الإفريقي    تريزيجيه: أنا تحت أمر الأهلي.. وعقدي مع طرابزون مستمر لعامين    أحمد سليمان: تم تمديد عقد جوميز..وسنفعل بند شراء محمد شحاته    هُنا بوابة الفجر لاستخراج نتيجة الشهادة الاعدادية بالاسم 2024 في محافظة القاهرة.. ترم ثاني الصف الثالث الاعدادي    «هؤلاء هم المتهمون الحقيقيون».. والدة السائق المتهم بالتسبب في حادث «معدية أبو غالب» تخرج عن صمتها    الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة اليوم الخميس    ناجية من حادث معدية أبو غالب تكشف تفاصيل الواقعة    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    محمد الغباري ل"الشاهد": اليهود زاحموا العرب في أرضهم    بسبب التجاعيد.. هيفاء وهبي تتصدر التريند بعد صورها في "كان" (صور)    نجوى كرم تتحضر لوقوف تاريخي في رومانيا للمرة الأولى في مسيرتها الفنية    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    أستاذ طب نفسي: لو عندك اضطراب في النوم لا تشرب حاجة بني    الولايات المتحدة.. إنفلونزا الطيور تصيب الأبقار وتحذيرات من "عواقب وخيمة" إذا انتقلت للبشر    هيئة الدواء: نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين عند رفع أسعار الأدوية    ضبط 53 شيكارة دقيق بلدي مدعم بماكينة طحين بدسوق    طالب يشرع في قتل زميله بالسكين بالقليوبية    انتشال 3 جثث جديدة لفتيات ضمن واقعة غرق ميكروباص من أعلى معدية أبو غالب    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى مستهل التعاملات الصباحية الاربعاء 23 مايو 2024    عمرو سليمان: الأسرة كان لها تأثير عميق في تكويني الشخصي    محمد الغباري: العقيدة الإسرائيلية مبنية على إقامة دولة من العريش إلى الفرات    باحث في الشؤون الإسرائيلية: بيان «CNN» ليس جديدًا وهدفهم الضغط على مصر    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 23 مايو.. «أجواء إيجابية تحيط بك»    رسميا.. انطلاق فيلم "تاني تانى" فى دور العرض اليوم    حسن شاكوش التريند الرابع على اليوتيوب    بمناسبة الاحتفال بالذكرى 248 لاستقلال أمريكا.. السفيرة «هيرو » تؤكد أن مصر شريك لا غني عنه لتحقيق الاستقرار    "وطنية للبيع".. خبير اقتصادي: الشركة تمتلك 275 محطة وقيمتها ضخمة    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    رغم فارق السنّ.. «آلاء» والحاجة «تهاني» جمعتهما الصداقة و«الموت غرقًا» (فيديو)    "جوزي بيحب واحدة متجوزة".. رسالة من سيدة ورد حاسم من أمين الفتوى    هل يجوز بيع جلد الأضحية؟.. الإفتاء توضح    الوفد: حريصون على توعية العمال بدور الدولة في الحفاظ على حقوقهم    لينك نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني    أمين الفتوى يوضح أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة: هذا اليوم صيامه حرام    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤرخ: القوات المسلحة انتصرت على «الإخوان» بسلاح التاريخ
الدكتور محمد عفيفى أستاذ التاريخ يتحدث ل«الشروق» عن كتابة تاريخ ثورة 25 يناير..
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 01 - 2014

- لو فاز السيسى بالرئاسة فهو نابليون الثورة المصرية.. سيحقق الاستقرار ولن يقف ضد الديمقراطية.
- على كل حاكم أن يدرك أن شباب مصر هم أغلبية هذا الشعب ولن يهدأوا حتى تتحقق أهداف الثورة.
- المدرسة التاريخية المصرية قديمة وغير مؤهلة لكتابة تاريخ الثورة.
- 25 يناير من أعظم الثورات فى العالم لكن المصريين لا يشعرون بذلك وهذا قدر من يعيش أثناء الثورات.
- المبادرات الحكومية لكتابة تاريخ الثورة نافقت الثورة وتلاشت مع تغيير المسئولين.
منذ فجر التاريخ والمصرى مغرم بالتأريخ.. بالتوثيق.. مشغول دائما بسؤال المستقبل.. وكيف ستبدو صورته أمام أبناء هذا المستقبل.. فاهتم بالتدوين.. فسجل بطولاته وأمجاده.. أفراحه وأتراحه.. على كل جدار اعتقد أنه سيصمد أمام الزمن وعوامل التعرية.. حسم مبكرا خياراته.. فلم يكن شغله الشاغل مرتبطا فقط بحاضر يعرف أنه زائل.. ولكن بمستقبل كان يوقن أنه قادم.. فلم يترك لنا قصورا بل ترك لنا قبورا.. اعتقد أن فيها مستقبله.. فدون عليها ماضيه.. راجيا أن يتلمس فيها من يأتى بعده حكمة أو عبرة.. أو حتى إجابة عن سؤال يخص مستقبله.
يحتفل أبناء المحروسة هذه الأيام بالعيد الثالث لثورتهم الكبرى (25 يناير)، التى لا يزال دخان حوادثها ماثلا للعيان.. وما يزال أبناؤها يتطلعون لتحقيق أهدافها وأمانيها الكبرى من عيش وحرية وعدالة اجتماعية.. لكن وسط هذه الحوادث المتلاحقة والمتدفقة.. لا يزال المصريون مهمومين بذلك التاريخ الذى يصنعونه بأيديهم.. ويرونه بأعينهم.. يريدون أن يحتفظوا به للمستقبل.. لأجيال ستأتى بعدهم.. لكن فى هذه المرة لا تسجيل على مقبرة ينفع.. أو بناء هرم جديد يشفع.. ولا حتى إقامة نصب تذكارى للشهداء فى ميدان الثورة الأشهر يفى بالغرض.. الأمر يحتاج إلى علم يتناسب مع ما وصل إليه التقدم الإنسانى.. حتى لا يضيع تاريخ وطن.. أحبه هذا الجيل.. فصنع مجده فى الشوارع والميادين.
فى الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير حاورت «الشروق» الدكتور محمد عفيفى، المؤرخ المعروف ورئيس قسم التاريخ فى آداب القاهرة، فى محاولة للتعرف على موقع 25 يناير بين الثورات المصرية والعالمية، فضلا عن توقعاته بشأن مستقبلها.. والأهم الجهود المبذولة لكتابة تاريخها.. أو حتى أرشفة مادتها الخام لجيل سيأتى محاولا البحث عن حقيقة ما جرى فيها.
أصر الدكتور عفيفى على أن نبدأ من تصحيح مفهوم خاطئ ترسخ فى الذهنية العربية لعقود وهو «أن التاريخ يعيد نفسه»، مصححا ذلك بقوله «نحن لا نقرأ التاريخ بشكل جيد.. ولذلك نقول إن التاريخ يعيد نفسه.. والحقيقة أننا نعيد ونكرر أخطاءنا فنصل لنفس النتائج الفاشلة.. العرب بشكل عام غير قارئين للتاريخ.. ولذلك يكررون نفس أخطائهم.. وأعنى بالعرب هنا الشعوب والحكام ومستشارو هؤلاء الحكام على السواء».
سألنا الدكتور عفيفى عن موقع ثورة 25 يناير فى بازار الثورات المصرية، فأكد على أن «لهذه الثورة ميزة مهمة بالرغم من اختلاف كل ثورة عن الأخرى، وهى أنها قريبة الشبه بثورة 1919.. من جهة أنها ثورة شعبية، رغم اختلاف أهداف الثورتين.. فثورة 1919 كان الهدف منها جلاء الاحتلال البريطانى ونيل الاستقلال الوطنى، فيما ثورة 25 يناير 2011 كان الهدف منها تحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية».
ومن المشتركات المهمة بين هاتين الثورتين برأى الدكتور عفيفى أن «الشعب المصرى شارك فيهما بكل طوائفه.. وغطت الاحتجاجات والمظاهرات فيهما معظم الأراضى المصرية، وهذا لم يحدث فى الثورة العرابية، بالنظر لطول الفترة التى جرت فيها أحداث هذه الثورة، حيث بدأت فى 1875 إلى 1882، وغير موجود فى ثورة 23 يوليو 1952، لأنها بدأت بانقلاب عسكرى أيده الشعب فيما بعد».
وبالرغم مما سبق إلا أن أستاذ التاريخ الحديث يؤكد أن «ثورة 25 يناير فيها أشياء مشتركة مع ثورة 23 يوليو، أهمها أنهما شهدا شهر عسل مبكر بين القوات المسلحة وجماعة الإخوان المسلمين فى أول سنتين من قيامهما.. لكن شهر العسل هذا لم يستمر طويلا؛ لأن القوات المسلحة مؤسسة صارمة وعالية التنظيم، والإخوان يغلب على تنظيمهم الطابع شبه العسكرى.. وهذا يرفع منسوب احتمالات الاختلاف بينهم». من أوجه التشابه بين ما جرى فى ثورة 23 يوليو وثورة 25 يناير على صعيد علاقة القوات المسلحة بالإخوان يلتقط الدكتور عفيفى تشابها نسبيا بين شخصية اللواء محمد نجيب، أول رئيس للجمهورية بعد سقوط الملكية، والمشير محمد حسين طنطاوى، القائد العام السابق للقوات المسلحة ورئيس المجلس العسكرى الذى حكم البلاد منذ سقوط مبارك حتى انتخاب الرئيس المعزول محمد مرسى فى 30 يونيو 2012، وفى هذا يقول « كلاهما قال تقريبا عبارة واحدة عندما تم سؤالهما عن حرية الحركة التى منحت للإخوان بعد هاتين الثورتين.. فقد سأل بعض الناس اللواء محمد نجيب عن حرية الحركة الكبيرة التى كانت ممنوحة للإخوان بعد ثورة 23 يوليو فرد قائلا: الإخوان منتشرون فى ربوع الوطن ولديهم أسلحة وأنا خائف على البلد منهم» وتقريبا هو نفس ما قاله المشير طنطاوي.
التشابه الأكبر بين ثورة 23 يوليو و25 يناير يقول الدكتور عفيفى إنه يتمثل فى «أن الإخوان لم يقرأوا التاريخ، فكما دخلوا فى صدام مع كل القوى الوطنية فى أعقاب ثورة 23 يوليو، وانتهى بهم الحال للصدام مع المؤسسة العسكرية فى 1954، كرروا نفس الأمر بعد 25 يناير، وظنوا أنهم القوى الوحيدة فى هذا البلد، ولم يقرأو التاريخ فاصطدموا مرة أخرى بالجيش فى 2013وفسروا كل شىء، وكان هناك بيان هام جدا أصدره «أدمن المجلس الأعلى للقوات المسلحة على فيس بوك»، قبل انتخابات الرئاسة دعا فيه الإخوان ل«التعلم من دروس التاريخ»، وكان يشير فى ذلك لما حدث للإخوان فى 1954، حيث تم حل الجماعة، لكن الإخوان لم يعتبروا، ولم يفهموا إشارة وتحذير القوات المسلحة.
ويفسر أستاذ التاريخ الحديث سلوك الإخوان الذى لم يعتن بقراءة التاريخ بأن «هذه الجماعة ليس لديها مؤرخون.. وحتى ما يسمونه تاريخا عندهم فهو مقدس وغير قابل للنقد أو المراجعة من جانبهم، ولذلك فهم يكررون نفس الأخطاء بفداحة».
على العكس تماما من الإخوان يقول الدكتور عفيفى: تأتى القوات المسلحة، «التى تقرأ تاريخها بعناية.. وتهتم أكثر من أى مؤسسة أخرى فى مصر بحفظ وثائقها وارشفتها وسرعة استدعائها، وبجانب ذلك لديها مراكز استراتيجية عالية الكفاءة، وهو ما جعلها تستدعى تجربتها مع الإخوان بعد ثورة 1952 وقامت بدراستها جيدا، وكل ذلك ساعدها بقوة على اللعب بحرفية مع الإخوان المسلمين، الذين لم يقرأوا حتى تاريخهم، ولو قرأوه جيدا لما كرروا أخطاءهم التى انتهت بهم إلى تكرار سيناريو 1954، كما سبق وأشرت».
الثورة فى السياق العالمى
وضع الثورة المصرية فى سياق الثورات العالمية الكبرى مثل الثورة الفرنسية والثورة الروسية وغيرها سؤال ما زال الجيل الذى قاد ثورة 25 يناير يبحث له عن إجابة، وهنا أكد الدكتور عفيفى «إن ثورة 25 يناير عظيمة، لكن المشكلة تتمثل فى أن أن المصريين أنفسهم لا يعرفون قيمتها.. وهذه عادة الشعوب فى أوقات الثورات.. لا تشعر بحجم الإنجاز الذى قامت به، لكن الأجيال التالية ستشعر بعظمة من شارك فى هذه الثورة، وهذا حدث مع من عاش أحداث الثورة الفرنسية والثورة الروسية (1917) والثورة الإيرانية (1978 1979) ». ثورة 25 يناير أضافت متغيرات جديدة سيوقف أمامها تاريخ الثورات فى العالم يضيف الدكتور عفيفي لقد أعطت هذا الفرع فى علم الثورات دروسا مهمة جدا، فعلى سبيل المثال، مصر معروف أنها دولة الفرعون.. أى دولة مركزية قوية جدا.. وفى ظل هذه المعطيات أن يقوم هذا الشعب المصرى الثائر بوضع رئيسين فى أقل من 3 سنوات فى القفص لمحاكمته هذا حدث سيوقف أمامه تاريخ الثورات طويلا؛ لأن هذا شىء جديد فى تاريخ الثورات.. أضف إلى ذلك أن التغيرات فى أحداث الثورة المصرية سريعة جدا، ترهق أى متصد للتوقع أو التحليل، ودائما ما تأتى بمفاجآت من خارج الحسابات».
ويشدد على أن ثورة 25 يناير ثورة كبيرة؛ ومشاركة الشباب فيها بهذه الأعداد الهادرة يمثل ظاهرة جديدة، أعطاها زخما الاستخدام الأمثل لوسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الإجتماعى فى الحشد، ويضاف ذلك أن الثورة المصرية ستلعب دورا فى إحداث متغيرات إقليمية وعالمية، إقليميا ما يحدث أن الدرس المصرى ينعكس على العالم العربى، فبرغم أن الثورة التونسية قامت قبل الثورة المصرية، لكن بمجرد قيام ثورة 25 يناير سمعنا صداها فى ليبيا وسوريا واليمن، وما جرى فى 30 يونيو 2013 أحرج جماعات «الإسلام السياسى» فى العالم العربى كله، وخارج العالم العربى كما فى الحالة التركية، الأمر الأهم إن ما حدث فى 30 يونيو أجهض «سايكس بيكو» جديدة فى العالم العربى.
الدكتور عفيفى لا يحب الفصل بين 25 يناير و30 يونيو، فيرى أن «الثورات الكبرى مثل الثورة الفرنسية والثورة البلشفية (1917) تشهد موجات ثورية متعددة، و30 يونيو هى موجة فى إطار ثورة 25 يناير». ويؤكد أنه «إذا لم يتم تحقيق أهداف ثورة 25 يناير وموجتها الأولى فى 30 يونيو من المتوقع أن نشهد موجة ثورية ثالثة، لأن الموجات الثورية تحدث فى حال عدم تحقيق أهداف الثورة الأم، ولذلك أنا أرى أن 25 يناير انتفاضة وليست ثورة، لأن الثورة يجب أن تكتمل وتحقق أهدافها وهذا ما لم يتحقق حتى الآن».
الثورات القريبة
لا يرى الدكتور عفيفى أن الثورة المصرية ستلقى نفس مصير الثورة الرومانية (1989) أو الثورة الأوكرانية (2004 2005) وهو الفشل، بل يرى أنها ستحقق أهدافها وستكتمل فى نهاية المطاف، لأن كل المعطيات فى مصر تؤدى إلى نجاح هذه الثورة، وأهم هذه المعطيات المعطى الديمجرافى (السكاني) ذلك أن الشباب يمثل نحو 60% من تعداد السكان فى مصر الآن، وهذا لمن يريد أن يقرأ الخريطة بشكل جيد مهم جدا، لأنه سيجعله يؤمن أنه لا مفر من تحقيق أهداف الثورة؛ لأن الشباب لن ينهزم أو يتقهقر، وسيصر على تحقيق أهداف الثورة.
ويرى المؤرخ المعروف أن السلطة فى مصر وفى كل البلدان العربية «يجب أن تكون مدركة أن التغيير فى النظام السياسى وتحقيق الديمقراطية هو الضمانة الحقيقية لتجنيب هذه البلاد مخاطر التقسيم».
وفى هذا السياق يشدد على أن الجيل المصرى والعربى الجديد «كسر عصا الخضوع والطاعة، لم تعد نظرة هذا الشباب للأب والاستاذ والحاكم هى نفس نظرة الأجيال السابقة، وبالتالى فأفضل الطرق لاحتوائه هو تحقيق أهداف الثورة، لأن ثقافة هذا الشباب مختلفة عن ثقافة من يحكمه».
المستبد العادل
يرى البعض فى الآونة الأخيرة التى شهدت اضطرابات واسعة فى مصر بعد خروج الشعب على الرئيس المعزول محمد مرسى حاجة أم الدنيا إلى نمط «المستبد العادل» لتستقيم أمورها، وبشأن هذا الطرح قال الدكتور عفيفى إن «مثل هذه الأفكار يسوقها الغرب.. الذى ينظر إلينا على أننا شعوب غير ديمقراطية، وبالتالى لا يمكن السيطرة عليها إلا من خلال (المستبد العادل) أو (الحكم باسم الدين)، ولذلك الغرب كان متصالحا جدا مع الأنظمة التقليدية على استبداها قبل 25 يناير، ثم بعد سقوط المستبدين لجأوا للبديل الثانى وهو متمثل فيمن يرفعون شعارات دينية، وبالتالى لم يجدوا مشكلة فى التحالف أو التعامل مع حركات «الإسلام السياسي» لضمان نفوذهم ومصالحهم فى بلادنا.
ويؤكد أن نظرية «المستبد العادل»، والحكم باسم الدين انتهيا من التاريخ، ومن يقولون «إن الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى حال ترشحه للانتخابات الرئاسية وفوزه بها يعتبر (مستبدا عادلا) كلام غير دقيق، لأنه لا بديل عن الديمقراطية، وفى حال ترشح وفاز الفريق السيسى عليه أن يستعين بفريق استشارى على أعلى مستوى من المستشارين المدنيين، وعليه أن يتحلى بمرونة كبيرة فى التعامل مع المتغيرات التى تطرأ على المجتمع». ويمضى الدكتور عفيفى موضحا: «علينا أن نعرف أنه فى فترات معينة من الثورات نحتاج إلى التقاط الأنفاس بعد فترة عانى فيها المجتمع من عدم الاستقرار الذى يصاحب الثورة، وهذه الفترات تحتاج إلى نموذج (نابليون) فى الثورة الفرنسية، حيث جاء هذا القائد ليمنح فرنسا هدنة لالتقاط الأنفاس، لكن نابليون لم يعرقل تطور المجتمع الفرنسى، أو حدوث ارتداد إلى عالم ما قبل قيام الثورة الفرنسية، وأعتقد أن الفريق السيسى مؤهل للعب هذا الدور».
من يكتب تاريخ 25 يناير؟
وصلنا إلى السؤال الرئيسى فى هذا الحوار وهو: من يكتب تاريخ ثورة 25 يناير؟ وهنا أجاب الدكتور عفيفى بأننا فى البداية يجب أن ندرك حقيقة هامة وهى أن «ثورة 25 يناير لها خصوصة، وهى أنها كانت بمثابة (ثورة أون لاين)، معظم تفاصيلها كانت على الهواء مباشرة.. وهذا يعطى أبعادا جديدة للتأريخ، أهمها أن حقائق هذه الثورة ستظهر سريعا جدا، عكس الثورات السابقة التى كانت تأخذ أوقاتا طويلة كى تنجلى حقائقها للمؤرخين وللشعب على السواء، وبالتالى فإن المؤرخين أمام تحد كبير عكس ما اعتادوا عليه، وهو أن الحقائق تظهر أمامهم بأسرع مما ينتظرون وبالتالى سيلهثون فى عملهم. وبشأن استعداد المدرسة التاريخية المصرية للتأريخ لثورة 25 يناير، قال الدكتور عفيفى «للأسف إن هذه المدرسة غير مستعدة للقيام بهذه المهمة؛ لأنها غير متابعة للتطورات التى لحقت بعلم التاريخ فى الغرب بشكل جيد.. نحن ما زلنا متأخرين عن حركة التأريخ العالمية.. ما زلنا حتى اليوم نؤمن بأن التاريخ هو (علم الماضي)، وهذا انتهى من العالم المتقدم، من بعد ثورة الشباب فى أوروبا عام 1968، وأكثر بعد سقوط جدار برلين فى عام 1989». وأضاف قوله «أصبح لدينا تاريخ جديد يعرف ب(التاريخ الحاضر)،، وأصبح هناك مناهج علمية لدراسة هذا النوع من التاريخ، تقوم على دراسة الحاضر على ضوء الماضى.. فى الغرب هناك دراسات عن التاريخ الحاضر وكتابته، وأصبح هناك دوريات علمية متخصصة فقط فى هذا النوع من التاريخ». الأخطر بحسب الدكتور عفيفى أن العالم يعرف الآن ما يعرف ب«تاريخ المستقبل»، وتوجد دوريات ومركز بحوث متخصصة فى كيفية وضع سيناريوهات مستقبلية للتاريخ، على ضوء التاريخ الحاضر والماضى، وبالتالى حدثت تطورات هائلة فى علم التاريخ، وأصبح المؤرخون جزءا لا يتجزأ من مراكز البحوث التى تعين صناع القرار على اتخاذ القرارات الصحيحة أو الأقرب للصحة. ويواصل الدكتور عفيفى حديثه قائلا: «فكرة أنه لا يجب التأريخ لفترة زمنية إلا بعد مرور 50 سنة أو فترة زمنية طويلة بعدها، هذا انتهى كما سبق وأشرت، والأمر ذاته ينطبق على الوثائق، التى كان لا يتم الإفراج عنها فى المجتمعات الأوروبية إلا قبل 30 أو 50 سنة، هذا أمر عمليا بات من الصعب حدوثه، لأن فكرة السر قد سقطت، لم يعد العالم يعرف كلمة (أسرار)، وبالتالى على المؤرخين المصريين أن ينسوا أنهم يدرسون الماضى فقط، عليهم أن يعوا وأنا منهم أن دراسة الماضى تكون لأجل فهم الحاضر والمستقبل». هل هناك أمل فى تطور مناهج البحث التاريخى فى مصر؟ سؤال آخر طرحناه على الدكتور عفيفى فأكد على أن « التطورات الكبيرة والحادة فى عالم التاريخ حتى فى الغرب لا تبدأ من مجتمع الأكاديميين أو من الجامعات، لأنها بطبعها محافظة، لكن التطورات الكبيرة تأتى من علوم قريبة من التاريخ كما فى علم الاجتماع والأنثروبولوجى، التى أحيانا تكتب عن الأحداث المعاصرة بشكل تاريخى، وهو ما يشجع المؤرخين أو يستفزهم فيبدأون فى كتابة التاريخ الحاضر على سبيل المثال، ومن الذين يدفعون المؤرخين للكتابة عن الأحداث الحاضرة الصحفيون، لأنهم يلعبون دورا مهما فيما يخص (التاريخ الشفاهي)، وهو علم من علوم التاريخ التى تعتمد على الرواية الشفهية، ومعظم الدول المحترمة لديها أرشيفات ضخمة لهذا التاريخ». كما أن الصحفيين يواصل الدكتور عفيفي لعبوا دورا كبيرا فى كتابة التاريخ الحاضر، بشكل كبير جدا، وبعضهم يتحول إلى مؤرخ، يلهث خلفه المؤرخون التقليديون، ولدينا حالة الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل فى الواقع المصرى والعربى، هذا الرجل بكتاباته العميقة عن التاريخ الحاضر، نجح بشكل كبير جدا فى استفزاز ملكات المؤرخين، ودفعهم دفعا للاشتباك مع الحقب الزمنية التى تصدى لها بكتاباته، وجعل الكثير منهم يتخلى عن دراسة الماضى والاشتباك مع قضايا آنية أو تحدث فى الحاضر، وهذا حدث بالتحديد مع مؤرخين كبار مثل يونان لبيب رزق وعبدالعظيم رمضان وغيرهم. فيما يخص محاولات كتابة تاريخ 25 يناير للمؤرخين المعاصرين قال أستاذ التاريخ «أعرف أن الدكتور خالد فهمى له محاولة مستمرة فى هذا الصدد، وأنا أكتب شيئا اسمه (مذكرات مؤرخ فى الثورة) تشتبك مع فكرة كيف يكتب المؤرخ تاريخا عاشه لحظة بلحظة بانفعالاته، وهذه أقرب لفكرة محمد صبرى السوربونى عن ثورة 1919، وهو أول من سجل ذكرياته عن هذه الثورة، مشكلة المؤرخ أنه يتردد فى النشر.. ولكن تجربتى تدور حول كيف لك كمؤرخ أن تعيش ثورة وتكتب عنها؟ وسأدخل فيها تعليقاتى على «فيس بوك»، فيها حوار المؤرخ مع نفسه. ما يحزن مؤرخنا أن ما يبذل فى أرشفة وحفظ كل ما يمكن أن نعتبره وثائق 25 يناير ما زال «جهدا فرديا.. هذه أزمة مصر فى كل المجالات لا مجال التاريخ وحده، ليس لدينا نظام يضمن الاحتفاظ بتاريخنا لأجيال تالية.. العشوائية هى سمتنا، لكنى أتصور كل هذا سيتغير، ما يحدث الآن فى مصر هو أنها تتطهر من أخطائها.
مبادرات كتابة التاريخ
سألنا الدكتور عفيفى عن مبادرات عديدة تم الإعلان عنها لكتابة تاريخ ثورة 25 يناير، فأكد الرجل أن «المشكلة الحقيقية فى هذا الصدد تتمثل فى أن هذه المبادرات كلها مبادرات حكومية، وكانت فى غالبيتها تحاول التقرب أو إن شئت قل نفاق الثورة، ومع تغير الحكومات والوزراء تهدأ الأمور.. لابد أن يكون المجتمع واعيا بأهمية التأريخ». ما شدد عليه الدكتور عفيفى فى نهاية حوارنا هو أن «الكتابة التاريخية الآن أكبر من جهد مؤرخ فرد، وبالتالى لا مفر من مجموعات البحث فى كتابة التاريخ، ونحن الآن نحتاج إلى مبادرات أهلية لتوثيق وكتابة تاريخ ثورة 25 يناير، وذلك لن يقتصر فقط على المؤرخين، سيتم بمجموعات مختلفة من المؤرخين والصحفيين». وكشف الدكتور عفيفى عن اعتزامه عقد مؤائد مستديرة فى قسم التاريخ بآداب القاهرة بشأن كيفية كتابة تاريخ ثورة 25 يناير.. لمناقشة فكرة اعتماد مصادر جديدة للكتابة.. لأن اعتماد الوثيقة الرسمية فى الكتابة التاريخية فقط انتهى من العلم، سنعتمد على شهادات الفاعلين فى الثورة، ولن تضم هذه المؤائد المؤرخين فقط، بل سيحضرها صحفيون وعلماء سياسة واجتماع، وأخص بالذكر الصحفيين لأن الصحافة تلعب دورا كبيرا جدا فى كتابة الثورات. والصحفيون من أهم من كتبوا تاريخ الثورات. ونموذج المؤرخ الكبير عبدالرحمن الرافعى خير شاهد على ذلك، فقد مارس الصحافة قبل أن يتحول إلى مؤرخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.