بعد ثلاث سنوات من خوض المخرجة الأمريكية المصرية جيهان نجيم بين الحشود فى ميدان التحرير لتوثيق الأحداث المبكرة للثورة تقول نجيم إن مصر لم تعد كما كانت برغم صعوبة الفترة الانتقالية. وسيعرض فيلمها «الميدان» الحائز على عدة جوائز على جمهور كبير لأول مرة الاسبوع القادم من خلال شركة نتفليكس التى تعرض الأفلام عن طريق الإنترنت ولها 40 مليون مشترك من المنتظر ان يتابع اغلبهم الفيلم. وربما كان الأكثر أهمية أنه أول فيلم وثائقى كبير تستحوذ عليه نتفليكس فى إطار استراتيجيتها لتكوين مجموعتها من البرامج الأصلية. وتبدأ نتفليكس عرض الفيلم فى جميع المناطق فى 17 يناير ووافقت على السماح بعرضه فى دور العرض السينمائى فيما يتراوح بين ثمانى وعشر مدن أمريكية. وسيتم توزيعه أيضا فى البلدان التى لا تعمل فيها نتفليكس. لكن من ناحية أخرى ثمة مكان واحد مهم لا يمكن فيه عرض الفيلم حتى الآن ألا وهو مصر. وقدم الفيلم إلى هيئة الرقابة على المصنفات الفنية وتنتظر نجيم التصريح بعرضه منذ ثلاثة أشهر تقريبا. وكان من المفترض ان يعرض الفيلم فى بانوراما الفيلم الاوروبى فى القاهرة ولكن حال دون ذلك عدم وصول المخرجة من امريكا ومعها نسخة الفيلم مما أدى لعدم عرضه حتى الآن لأن الرقابة منحته التصريح للعرض فى بانوراما الفيلم الاوروبى فقط ولم يحصل على التصريح لعرضه تجاريا. وقالت مخرجة الفيلم «أهم شىء بالنسبة لنا ولكل فريقنا من المخرجين المصريين هو أن يعرض هذا الفيلم فى مصر. لذلك سنفعل كل ما بوسعنا من أجل هذا». وتناول الجزء الذى عرض فى مهرجان صندانس سقوط مبارك وانتهى بانتخاب قيادى جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى رئيسا فى منتصف 2012. لكن بعد ذلك عاد المحتجون للشوارع فى مطلع 2013 وعزل الجيش مرسى فى يوليو. وقالت نجيم «كان مرسى يستخدم أدوات الديمقراطية ليصنع بالأساس ديكتاتورية أخرى، ديكتاتورية تعتمد هذه المرة على التلاعب بالناس بواسطة الدين». وهى ترى أن التحول فى الأحداث جعل القصة التى تريد روايتها أكثر تشويقا. وقالت «أصبح الأمر يتعلق بمكافحة الفاشية.. سواء أكان وجهها هو مبارك أم الاخوان المسلمون». وفى هذا الصراع وجدت جيهان سريعا مجموعة من الشخصيات فى ميدان التحرير من خلفيات مختلفة مما سمح لها بأن تبنى من البداية سردا قائما على الشخصيات. ويركز الفيلم على ثلاث شخصيات: أحمد حسن وهو رجل من الطبقة العاملة فى منتصف العشرينيات يتسم بالدهاء لكنه يواجه صعوبة فى الحصول على وظيفة وخالد عبدالله وهو ممثل بريطانى مصرى فى منتصف الثلاثينيات ويمثل جسرا بين النشطاء والاعلام الدولى ومجدى عاشور وهو عضو فى جماعة الاخوان المسلمين فى منتصف الأربعينيات تعرض للتعذيب فى عهد مبارك ويمر بأزمة ثقة بخصوص الثورة والاخوان. وقالت نجيم «عندما تصنع مثل هذه الأفلام لا تحصل على تمويل.. نحن نعمل بالأساس بأقل الامكانات.. نحن نتابع الناس لعامين أو ثلاثة أعوام»، وأضافت «لذا فمن الأفضل أن تشرك العالم فى معرفتك بأناس يستحقون المعرفة». وجمعت نجيم التى نشأت فى مكان يبعد عشر دقائق من ميدان التحرير طاقم العمل معها من الميدان مدركة أنه لا يمكنها الاستعانة بأناس من الخارج وتطلب منهم تحمل مخاطر التصوير فى وسط الثورة. وقالت «كل واحد من فريق فيلمنا إما طاردته الشرطة أو الجيش فى الشارع أو قبض عليه أو تعرض لإطلاق النار فى مرحلة ما». ووصف الناقد السينمائى بصحيفة لوس انجلوس تايمز كينيث توران الفيلم بأنه «نظرة ثاقبة من الداخل» وقال إنه «ما كان ليوجد لولا عزيمة المخرجة جيهان نجيم وحماسها». ونال «الميدان» جائزة الفيلم الوثائقى بمهرجان تورونتو السينمائى فى سبتمبر الماضى كما حصل على جائزة أفضل فيلم من الرابطة الدولية للأفلام الوثائقية الشهر الماضى وهو ضمن 15 فيلما وثائقيا تأهلت لقائمة مختصرة للمنافسة على جائزة الأوسكار قبل إعلان الترشيحات فى 16 يناير.