سجلت أسعار الذهب انخفاضًا في نهاية السنة الجارية للمرة الأولى منذ العام 2000، وذلك بسبب تراجع المخاوف التضخمية والأزمة في منطقة اليورو، وتدني الاستهلاك الهندي. وسجل سعر الذهب تراجعًا نسبته 28 بالمائة مقارنة ببداية السنة، وقد وصل في آخر جلسات الأسبوع الجمعة إلى 1187,13 دولار للأونصة الواحدة، لذلك يفترض أن ينهي 2013 بالتراجع بعد اثنتي عشرة سنة من الارتفاع المتواصل وهو أدنى مستوى لسعر الذهب منذ 28 يونيو، عندما بلغ 1180,50 دولار، أدنى سعر منذ ثلاث سنوات. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال ماتيو تورنر، المحلل المختص بالمعادن الثمنية لدى ماكوري "ثمة عنصران مترابطان وراء تراجع سعر الذهب". وأضاف أن العنصر "الأول هو بالتأكيد هروب المستثمرين الماليين"، فيما تخلص صندوق الاستثمار المدعوم بمخزونات الذهب مما يفوق 800 طن من الذهب في 2013، أي ما يساوي حوالى ثلث ما تنتجه المناجم سنويًا من المعدن الأصفر. وأوضح تورنر، أن نفور المستثمرين من الذهب "ناجم على ما يبدو عن تضافر" عوامل، منها "النهاية المنتظرة لدعم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للاقتصاد الأمريكي، وهدوء الأسواق المالية والارتفاع الكبير للأسهم وتبدد الأزمة وتراجع التضخم في عدد من البلدان". ويقول محللو ناتيكسيس في مذكرة، إن السياسة النقدية الاستيعابية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كانت في الواقع مع الأزمة المالية، أحد أبرز أسباب ارتفاع أسعار الذهب منذ 2008، لأنها "أفضت إلى نسب فائدة متدنية تدنيًا غير طبيعي، حملت على التخوف من توترات تضخمية على المدى القصير وانخفاض قيمة الدولار". وعادة يعتبر الذهب الاستثمار الآمن بامتياز، وسيلة حماية من التضخم وتراجع أسعار العملات الصعبة، لكن ارتفاع أسعار الاستهلاك لم يتجسد حتى الآن في كبرى الاقتصادات الغربية، فيما حذر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مسبقًا السوق من أنه ينوي خفض تدابيره للمساعدة الاستثنائية، فهذا التحذير الذي أطلقه البنك المركزي الأمريكي في يونيو، هو الذي أدى إلى تراجع سعر الذهب إلى 1180،50 دولار للأونصة الواحدةِ، وهو أكبر تراجع خلال ثلاث سنوات. وانتقال الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من الأقوال إلى الأفعال، الأربعاء، حمل السعر على تسجيل مزيد من التراجع إلى مستوى أدنى منذ حوالى ستة أشهر وطمأن تراجع الأزمة في منطقة اليورو وانتعاش الاقتصاد العالمي في 2013، المستثمرين وسحب منهم الذرائع التي كانت تحملهم على التعامل بالذهب على نطاق واسع. والعامل الثاني لتراجع المعدن الثمين "الذي لم يلفت الأنظار، كان ضعف العناصر الأخرى للعرض والطلب" على الذهب، كارتفاع إنتاج المناجم وتراجع مشتروات المصارف المركزية وأيضًا التدابير الحكومية للحد من استيراد الذهب في الهند، كما قال تورنر وسعيا منها إلى خفض العجز الخارجي الكبير للبلاد، اتخذت الحكومة الهندية في الواقع عددًا من التدابير للحد من عمليات دخول الذهب إلى البلاد، فتراجع الاستهلاك الهندي للمعدن الأصفر (-52% بين الفصلين الثاني والثالث، كما قال المجلس العالمي للذهب). وادى الارتفاع الكبير للطلب الصيني الذي يفترض أن يفوق الألف طن هذه السنة، إلى تعويض جزء من هرب المستثمرين وضعف الطلب الهندي وبذلك انتزعت الصين من الهند لقب المستهلك العالمي الأول. وتوقع محللو كومرسبنك، أن "يكون مستوى الطلب على الذهب في الصين مماثلا في 2014، بفضل ارتفاع الرواتب ونمو طبقة متوسطة وانعدام البديل للاستثمار". وفي أعقاب التراجع في 2013، من المتوقع أن يستعيد سعر الذهب مستواه العام المقبل، بفضل الطلب الأسيوي والمخاطر التي ما زالت تشكلها السياسات النقدية الاستيعابية المطبقة حاليًا في الولاياتالمتحدة وأوروبا واليابان، كما يعتبر الخبراء الاقتصاديون في البنك الألماني. في المقابل، يعول محللو البنك الوطني الأسترالي على تراجع لسعر الذهب إلى 1050 دولارًا للأونصة الواحدة أواخر 2014، بسبب تحسن النمو في أبرز الاقتصادات المتطورة وازدياد طلب المستثمرين على أنشطة أخرى.