قالت رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم د. مايسة فاضل، إن الوزارة أخطأت حين لم تستثمر اللحظات الثورية، التى مر بها الشعب المصرى مرتين خلال السنوات الثلاثة الماضية؛ لإحداث تغيير جذرى فى نظام التعليم. وذكرت أيضا عن أنها تحاول أن تدفع ابنها طالب الثانوية العامة للحضور للمدرسة؛ تنفيذا لقرارات الوزير، وأن ما تراه فى المدارس الآن، يجعلها تتمنى لو صدر قرار بإيقاف الدراسة لمدة عام، حتى تخصص هذه السنة لتربية التلاميذ، وإعادة الأخلاق إلى بيئة المدرسة، وبالتالى للمجتمع. وعن تفاصيل هذه الأمنية والفرص الضائعة للوزارة، والسنوات الثلاثة القادمة، التى ترى أنه سيتلوها شعورا بالرضا عن التعليم فى مصر، كان هذا الحوار. هل ستحقق الاستراتيجية الجديدة للتعليم الثورة التى انتظرتها كل الأسر المصرية فى التعليم؟ - الخطة الاستراتيجية الجديدة، ستتضمن بنودا لتمويل برامجها، وستشمل كل عناصر منظومة التعليم، بناء على ثلاثة أسس رئيسية، أولها إتاحة مكان، لكل طفل بلغ سن التعليم الإلزامي؛ لأن هذا هو حقه الدستورى والاجتماعى، ولتحقيق هذا لهدف نحتاج 10 آلاف مدرسة خلال السنوات «2014-2017»، لهذا ستوجه كل المنح الأجنبية والمشاركة المجتمعية لبناء المدارس فى المقام الأول، وسننتهى من بناء 3 آلاف مدرسة هذا العام. كما ستعتمد الخطة على محورى جودة التعليم، التى كانت غائبة لفترة طويلة، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، التى بدأناها بالفعل، مع تطبيق تجربة التابلت التعليمى، التى بدأت هذا الأسبوع بمدارس المحافظات الحدودية الست، لطلاب الصف الأول الثانوى؛ تمهيدا لتعميمها بعد ذلك. هذا بالإضافة إلى المبادرات الثلاثين التى طرحتها ورش عمل كلية التربية مع خبراء التربية من مختلف الجامعات، والتى تعتبر بمثابة خطط قصيرة الأجل، لعلاج مشاكل تعليمية، لكن للأسف مجتمعنا الآن ليس مهيأ لتقبل تغيير جذرى فى نظام التعليم، رغم أننى من مؤيدات التغيير الجذرى. لكن المجتمع كان متشوقا لحدوث ثورة فى التعليم بعد الثورات التى ممرنا بها؟ -هذا صحيح، لكننا للأسف أخطأنا حين لم نستثمر فترة الأجواء الثورية فكريا وسياسيا، لتطبيق هذا التغيير، فقد كان الرأى العام فى لحظة تاريخية مهيئة لتقبل التغيير، أما الآن فنحن فى مرحلة ترضية الجميع، حتى لو كان على حساب المصلحة العامة، مثل الرضوخ لبعض المطالب الفئوية، رغم أنها هى من حق أصحابها، لكنها تضغط على ميزانية الوزارة، فى الوقت الذى تترجم فيه الخدمة التعليمية لموارد مالية. لكن على كل حال ستلمس الأسرة المصرية تأثير الخطط التى نضعها الآن، بعد 3 سنوات. وماذا عن قانون الثانوية العامة الذى تردد الانتهاء منه؟ - تطوير قانون الثانوية، ضمن مبادرات كلية التربية، وكل ما تردد حوله ليس صحيحا؛ لأنه لم يتم الانتهاء منه بعد، وإن كان الوزير محمود أبو النصر، يركز على أهمية أن يعتمد على الجذع المشترك، بين طلاب التعليم الفنى والعام، فى بعض المواد، بحيث يكون لدى طالب التعليم الفنى مواد تؤهله لسوق العمل، ويقلل النظرة التقليدية للتعليم الفنى، الذى يعتبر قاطرة التنمية التى أنعشت الكثير من البلاد، ظروفها كانت مثل ظروفنا. ومع العلم أننى لن أكون رئيسا لامتحانات الثانوية العامة هذا العام، لكن الوزارة ستخصص هذا العام لجانا لمراقبة جودة التصحيح فى الثانوية العامة؛ لتطبيق معايير الجودة فى الامتحانات؛ ليشمل عمل هذه اللجان مراجعة إجابات الطلاب فى كراسة الإجابة، وليس فقط مراجعة جميع درجات الأسئلة، كما كان معمولا به من قبل؛ ليعايش المراقب روح الإجابة فى الأسئلة كلها، وليس الالتزام الحرفى بنموذج الإجابة، ليمكنه أن يقرر حصول الطالب على درجة سؤال ما، إذا لم تكن متطابقة مع نموذج الإجابة، خاصة فى الأسئلة التى تحتمل أكثر من إجابة. وسيقوم بهذه المهمة عضو فى لجنة الإدارة بالامتحان، تحت اسم مراقب الجودة، ويراجع 5 كراسات إجابة من كل ظرف يحتوى على 50 كراسة، أى بنسبة 10% من كل ظرف، وهى التجربة التى بدأت العام الماضى، وقللت نسبة التظلمات من النتائج، بالمقارنة بالأعوام السابقة. الكثير من خبراء التربية والمعلمين يرون حصول المدارس على الجودة «تستيف ورق» فما رأيك؟ عملت فى الهيئة القومية لجودة التعليم والاعتماد، ومن المتحمسين لتطبيق الجودة، وشاركت فى وضع معايير الجودة وتطبيقها، لكن كان هناك فجوة بين الهيئة والوزارة؛ لأن الوزراء كانوا ينظرون إليها على أنها هيئة رقابية، فى حين أنها بيت خبرة، "يرى العمل فين وإحنا فين"، أما الآن فالوزير محمود أبو النصر على اتصال فعال مع د. مجدى قاسم، رئيس الهيئة، وبدأ العمل الفعلى لهذا التعاون الآن، من خلال مشاركة الهيئة فى إنتاج الكتاب المدرسى، قبل وأثناء وبعد إنتاجه. وحتى لا نظلم الكثير من المدارس، فلازال هناك أعداء لتطبيق الجودة، لا ذنب لهم فيها، مثل الكثافة المرتفعة فى الفصول، وهناك مدارس تحصل على الجودة، ثم تتكاسل فى استمرار التطبيق؛ لقلة الحوافز، ودائما ما أقول للمدرسين لا يمكن أن أجزيكم بالمال نظير عملكم. هل ترضين عن طريقة تقييم المعلمين التى تحصل فيها الغالبية على امتياز؟ - حق المعلم على الوزارة وعلى البلد أن تضمن له دخلا كريما يرضيه، لكن الحديث الشريف يقول "أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه"، وأنا أريد أن أرى هذا العرق، من خلال الجودة، وأن ينعكس هذا فى التقارير العالمية التى ترصد حال التعليم فى مصر، ونتيجة مصر فى المسابقات العالمية، ودائما ما أقول لهم "عملى هو اللى هيجيب فلوس مش مطالباتى". القياس الحقيقى لأداء المعلم هو ما يمارسه الطالب فعلا، وليس ما يعرفه، ولهذا سنطور أساليب تقييم المعلم، لتشمل تقارير الكفاية مدير المديرية ومدير الإدارة ومدير المدرسة، فى علاقتها بالمنتج التعليمى، وبالتوازى سنوفر للمعلم الأدوات والوسائل التى تسهل له هذه المهمة. لازالت أيضا الأنشطة المدرسية حبر على ورق فى الكثير من المدارس بسبب قلة الإمكانيات؟ - إهمال ممارسة الأنشطة داخل المدرسة، أدى للكثير من المشاكل التى نعيشها، وجعل بالإمكان لأى جهة أن تملأ عقل الطالب، ونعمل الآن على حل هذه المشكلة من خلال الشراكة مع وزارات الشباب والثقافة والرياضة، لتكامل الخدمات التعليمية والرياضية والثقافية للطلاب، وندرس فى الاستراتيجية، تخصيص درجات للحافز العلمى الاجتماعى والثقافي، أسوة بالتفوق رياضيا. أكد الوزير فى بداية العام الدراسى على تدريس كتاب للأخلاق للطلاب فأين هو؟ تم الانتهاء من تأليف كتاب الأخلاق بالفعل، وهو الآن فى طور المراجعة من الأزهر والكنيسة ووزارة الأوقاف، وسيطبق فى الفصل الدراسى الثانى، ليس كمادة رسوب ونجاح، لكن كدليل للمعلم على تدعيم القيم الأصيلة من خلال الدروس فى المواد المختلفة، وليس مادة بعينها. والتغييرات الجذرية التى كنت اتمنى تطبيقها فى التعليم، تبدأ بأن تتوقف الدراسة لمدة عام؛ لالتقاط الأنفاس، لكن لا نغلق المدارس، بل تخصص للتربية، فقط، والتدرب على السلوك الجيد والأخلاق ومهارات الاتصال، سنة للتربية "عشان نطلع إنسان متربى، عاوزين أرضية سليمة عشان نبنى بناء سليما ولدى أفكار لهذا البناء"، ونستغلها فى محو الأمية. هل يلتزم ابنك طالب الثانوية العامة بالحضور للمدرسة تنفيذا لقرار الوزير؟ ابنى طالب عادى فى الثانوية العامة فى مدرسة تجريبية، وتخصص فى علمى رياضة، وأحاول دفعه للذهاب إلى المدرسة، لكنه يتفق هو وزملاؤه على الحضور فى أيام بعينها؛ لأنهم مرتبطون بالدروس الخصوصية، ويحرصون على الذهاب فى الأيام التى يحاضر فيها معلمون متميزون، والملاحظ أن ارتفاع نسب الغياب فى الصف الثالث الثانوى، فى المحافظات كبيرة العدد، وبدأت الظاهرة تزحف على طلاب الصف الثالث الإعدادى، ولن تحل مشكلة الغياب فى هذين الصفين إلا بالقضاء على الدروس الخصوصية.