هل يمكن أن تصدق أن 100 يوما كافيا لعبور المحيط الهادي ب«عوامة»، تحديدا من جمهورية «بيرو» بغرب أمريكا الجنوبية، إلى مجموعة جزر «بولينيزيا»، المنتشرة على المحيط؟ لقد فعلها «كون تيكي» قبل أكثر من 1500 عام، بواسطة «عوامة من خشب البلسا»، وقت أن كانت هذه الأخشاب أقصى اختراع توصلت له البشرية. ولكن لم يصدق أحد أن هذا قد حدث بالفعل، وأن البيروفيين هم أول من اكتشفوا «بولينيزيا» لأنه من الصعب أن يعبر أحد 8000 كم عبر المحيط الهادي في وقت لم يعرف فيه المراكب، ولكن إصرار «ثور» على إثبات هذا الأمر جعله يخوض الرحلة بنفس الوسيلة ونفس الإمكانيات. «ثور» الباحث والمغامر، في فيلم «كون تيكي»، من إنتاج إنجليزي نرويجي مشترك، تقدم بنظرية تثبت أن شعب البيرو هم أول من اكتشفوا «بولينيزيا»، وبرفقة مجموعة من المغامرين، ترك كل شيء وراءه حتى زوجته وأولاده من أجل إثبات نظريته. الأدوات المطلوبة للرحلة.. حتى تعبر المحيط الهادي بسلام، لا تنس أن تأخذ معك الأدوات التي استعملها «كون تيكي» و«ثور». 1- عوامة من خشب البلسا. 2- جهاز راديو لمراسلة الصحافة في بلدتك وإعلامهم بآخر أخبار الرحلة. 3- «بالونة» لتحديد اتجاه الرياح. 4- أسلحة حادة مثل السكين لمواجهة أسماك القرش وما يقابلك من مخاطر في المحيط 5- طعام مجفف 6- «كاميرا» لتوثيق الرحلة، فكما قال «ثور» لطاقم العوامة، «الشعب يريد أن يرى العوامة في قلب المحيط». 7- قوارب نجاة، استخدموها فيما بعد في تصوير الرحلة من خارج العوامة. 8- حبال قوية، لربط قارب النجاة بالعوامة. 9- خرائط لتحديد موقعك من بيرو إلى بولينيزيا. ولا تنس أدواتك المعنوية.. 1- روح المغامرة التي يمتلكها «ثور والمغامرون الخمسة» الذين يمثلون طاقم العوامة 2- «تحل بالإيمان»، شعار ثور طوال الرحلة، فإيمانه فيما يفعل كان الدافع الوحيد في مواجهة المخاطر التي واجهها. 3- «قبل 1500 عام كان المحيط وسيلة تواصل وليس عائقا»، فكان ثور مقتنعا بأنه جزء من الطبيعة، وأن الطبيعة ليست عائقا في طريقك. «ثور والمغامرون الخمسة».. 5 مغامرين خاضوا الرحلة مع «ثور»، مؤمنين بنظريته، ولكنهم أيضا تركوا احتمال الفشل والغرق نصب أعينهم، في حال فشلوا في السير مع التيار. «هيرمان».. بائع «الثلاجات» الذي وجد في ثور المنقذ له من هذه المهنة، والدخول في مغامرة هي الأولى بالنسبة له وقد تكون الأخيرة، ولكن في تخصصه «الهندسة»، فقام بالمشاركة في بناء العوامة بشكل يجعلها تسير مع التيار.. وخلال الرحلة كان هيرمان مسؤولا عن قياسات الأرصاد الجوية والمائية، وساعد في مواجهة مشكلات الرحلة. «كونت».. المسؤول عن عملية التواصل بين الرحلة والصحافة وهيئة الأرصاد في أمريكا، قبل رحلته مع «ثور» كان كونت متخصصا في هذا المجال وشارك من خلال تخصصه مع الجيش النرويجي. كونت هو صاحب «البغبغان» الذي لازم المغامرين الرحلة حتى منتصفها تقريبا، حيث ابتلعته سمكة قرش في المحيط. «تورستين رابي».. مساعدا لكونت خلال الرحلة في إرسال الإشارات والرسائل إلى الصحافة في أمريكا عبر الراديو. «إريك».. الملاح الوحيد في رحلة «الكون تيكي»، وكان مسؤولا عن حركة العوامة واتجاهها وتحديد موقعهم على الخريطة. وأخيرا «بنجت» صاحب الفضل في توثيق الرحلة بالصوت والصورة منذ بداية بناء العوامة الخشبية حتى وصول الرحلة إلى «بولينيزيا»، بواسطة كاميرته البدائية. «تحل بالإيمان» إذا أردت في هذا القرن أن تعبر 8000 كم عبر المحيط بعوامة خشبية، ومصدقا أنك ستصل بأمان، فلابد أن تكون ذا قدرات خارقة. كانت قدرات «ثور» الخارقة، تتمثل في كونه «لا يستطيع العوم نهائيا»، ولا يملك سوى أوراق دوّن عليها نظريته، وجملة واحدة يرددها طوال الرحلة «Have Faith» أو«تحل بالإيمان»، في الترجمة العربية، هو شعار ثور طوال الرحلة.. فمع كل مشكلة تواجهه منذ تقديم نظريته والاستهزاء بما يقوله، إلى الصخرة التي وقفت فاصلة بين عوامته و«بولينيزيا»، كان يذكر نفسه ورفاقه بهذه الجملة. «الطبيعة ليست عائقا في طريقك» آمن «ثور» بأن المحيطات قبل 1500 عاما كانت وسيلة للتواصل، ولم يشعر سكان العالم وقتها أنها عائقا أمامهم، كما نشعر نحن الآن، رغم أنهم كانوا لايملكون عشر ما نملك من إمكانيات عالية تجعلنا نعبر المحيط في يوم واحد دون التعرض لأي خطر. وفي إحدى المرات التي تعرضت فيها العوامة لخطر الغرق، رفض ثور أن يستخدم الحبال القوية للتحكم في العوامة أكثر، مصمما أن «هكذا كانت عوامة كون تيكي وستصل عوامتنا مثلها». وعلى الرغم من كل ذلك.. لم يكن إيمان ثور دائما موضع فخر، فرغبته هذه دفعته إلى ترك كل شيء وراءه حتى زوجته وأولاده، الذي قرر حتى ألا يودعهم للمرة الأخيرة. وخلال الرحلة سقط «هيرمان» من على العوامة، لم يحاول ثور إنقاذه، خوفا من عدم قدرته على العوم، وأنقذه «كونت».. وفي المقابل قبل أن تستقر العوامة أمام الجزيرة ببضعة أمتار، قفز «ثور» من أعلاها ليثبت لنفسه أن إرادته تمكنه من فعل أي شيء حتى العوم الذي لا يعرف عنه شيئا وليكون أول من وصل إلى «بولينيزيا» على طريقة «كون تيكي»، وبالفعل وصل ثور إلى أرض «بولينيزيا» أولا قبل رفاقه. تخيل أهم المشاهد.. · المشهد الأول هاجمت أسماك القرش العوامة كثيرا، ولكنهم استطاعوا الإفلات منها في كل مرة، إلا في مشهد واحد.. قامت سمكة القرش بابتلاع «البغبغان» الذي رافقهم طوال الرحلة، ولحزن صاحبه «كونت» وارتباطه بهذا البغبغان، قام باصطياد القرش وجذبه إلى العوامة، وطعنه كثيرا.. كان المشهد شديد الدموية، ولكنه كان من أشد اللحظات إثارة في الفيلم. حذر هيرمان من أن دماء سمكة القرش سوف تجذب المزيد من القروش إليهم، وهو ما حدث بالفعل، ولكن ذكاء المغامرين، جعلهم يرمون «لحم» القرش المذبوح في الماء، فتلهو القروش الأخرى بأكلها حتى تعبر العوامة. · المشهد الثاني قبل وصول العوامة بلحظات قليلة، فاجأ «ثور» المغامرين الخمسة بأنهم أمام عائق صخري يمنع وصولهم إلى «بولينيزيا».. هنا تدخل أحدهم بنظرية «الموجة 13». «تمر الموجة ب13 مرحلة، المرحلة الأخيرة (الثالثة عشر) هي أعلى نقطة للموجة.. إذا سنثبت العوامة بحبل في الصخرة حتى تعبر الأمواج كلها، وعند الموجة 13 نقطع الحبل وتحملنا الموجة إلى ما بعد الصخرة». كانت هذه الفكرة جيدة والحل الوحيد المتاح لديهم- رغم خطورته- فنفذوها بالفعل، ورغم أن الحبل قطع تلقائيا عندالموجة 9، إلا أن علو هذه الموجة سمح لهم بالعبور إلى الجزيرة. · المشهد الثالث «طائر».. هتف بها أحدهم قرب وصول العوامة بعد 100 يوم إلى بولينيزيا.. وجود طائر في السماء كانت دليل لهم على أنهم على وشك الوصول إلى مكان مأهول بالكائنات الحية. · المشهد الرابع.. والأخير بعدما عبرت العوامة الأمواج، ووصلت إلى أرض «بولينيزيا»، انتقل المشهد هنا من العوامة إلى المحيط والشمس، لتوصيل فكرة الفيلم الرئيسية بأن «المحيط وسيلة تواصل وليس عائقا، وأن الإنسان جزء من الطبيعة، وأنها ليست عدوا له» فركز الفيلم على مشهد الغروب، واستمر تصغير الصورة حتى شملت الكرة الأرضية كلها، ثم الفضاء والنجوم التي كانت دليلهم إلى أرض «بولينيزيا» للتأكيد على أن الطبيعة ساعدتهم ولم تقف في طريقهم عن طريق النجوم التي اهتدوا بها وأمواج المحيط التي حملتهم إلى بولونيزيا. الموسيقى التصويرية ل«ثور» وحده الموسيقى التصويرية ل«جوهان سودركفيسك»، نقلت إحساس الخوف والترقب طيلة الرحلة أثناء الصراع مع الأمواج وأسماك القرش ونقلت إحساس «ثور» وطاقمه بالانتصار فور وصولهم «بولونيزيا» إلى أنها لم تنقل احساس اليأس الذي أصاب الطاقم بأكمله في مرحلة من الرحلة باستثناء ثور.. وكأن الموسيقى التصويرية للفيلم كانت المتحدث الرسمي باسم إحساس «ثور» وحده دون شريك.. إيمانه برحلته، ثباته، خوفه أحيانا، وإحساسه بالانتصار في اللحظات الأخيرة من الفيلم. «الجرافيكس والخدع السينمائية».. بطلان أساسيان في رحلة «كون تيكي» يمكن اعتبار الجرافيكس والخدع السينمائية في فيلم «كون تيكي» من الأبطال الأساسيين للعمل، حيث تم تنفيذها بمنتهى الاتقان لتبدو صراعات طاقم العوامة مع الأمواج وأسماك القرش وكأنها حقيقية. الماكياج يحكي معاناة «ثور» وطاقمه عندما تصل إلى الدقائق الأخيرة من الفيلم لابد أن تشعر بالتعاطف لما أصاب «ثور» وطاقم العوامة من إرهاق وإسمرار واتساخ لوجوههم وأجسامهم وإهمالهم حلق لحاهم وشواربهم.. هكذا نقل الماكياج إلى المشاهدين معاناة الطاقم بشكل تدريجي منذ انطلقوا من بيرو وحتى وصلوا إلى بولينيزيا ****** «كون تيكي»، الفيلم النرويجي السويدي، إنتاج مشترك عام 2012، يؤرخ لرحلة حقيقية حدثت عام 1947، لإثبات أن شعب البيرو هم أول من اكتشف «بولينيزيا». تدور الأحداث في 118 دقيقة، وتم عرض الفيلم في افتتاح بانوراما الفيلم الأوروبي يوم الأربعاء، بسينما جلاكسي بالمنيل. حصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية في مهرجان «بالم سبرنجز» السينمائى الدولى 2013، ورشح لجائزة الأوسكار أفضل فيلم أجنبى 2013، كما رشح لجائزة الجولدن جلوب لأفضل فيلم أجنبى 2013. «كون تيكي»، الفيلم الذي تم تصويره في قلب المحيط وليس على شواطئه، أنتجه «جيرمي توماس» عام 2012، وإخراج جواكيم رونينج، إسبن ساندبرج. «بال سفير هاجن»، في دور ثور، و«أندرس باسمو كرستنسن» في دور هيرمان، و«توبياس سانتلمان» في دور كونت، و«جوستاف سكارسجارد» في دور بنجت.. يمكنك أن تشاهد الفيلم من خلال.. الاثنين 2 ديسمبر بسينما جلاكسي بالمنيل- 10 ونصف صباحا. الثلاثاء 3 ديمسبر بسينما بلازا بمدينة 6 أكتوبر- 9 ونصف مساء. الخميس 5 ديسمبر بسينما سيتي ستارز بمصر الجديدة- 9 ونصف مساء. (الفيلم مترجم إلى العربية)