رئيس جامعة قناة السويس يتفقد سير امتحانات الميدترم بكلية الحاسبات والمعلومات    جامعة أسيوط تختتم فعاليات مهرجان "نغم الثالث" لاكتشاف المواهب الطلابية وتكرم الفائزين    تكريم رئيس البورصة المصرية في الملتقى السنوي السابع للتأمين وإعادة التأمين    9 نوفمبر 2025.. البورصة تقفز وتحقق مستوى تاريخي جديد    خبيران: الارتفاعات القياسية للبورصة تشجع على انطلاق الطروحات العامة والخاصة    مكتب نتنياهو يعلن تسلم رفات الجندي الإسرائيلي هدار جولدن من الصليب الأحمر في غزة    محاضرة فنية أخيرة من عبد الرؤوف للاعبي الزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر    تموين الإسماعيلية يضبط 2 طن ونصف دقيق بلدي مدعم بأحد المخابز بهدف التربح والبيع بالسوق السوداء    توقيع مذكرة تفاهم بين التعليم العالي والتضامن ومستشفى شفاء الأورمان لتعزيز التعاون في صعيد مصر    انطلاق فعاليات اختبارات الائمه لمرافقة بعثة الحج بمديرية أوقاف المنوفية    استمرار التصويت الخاص بانتخابات البرلمان العراقى    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    البابا تواضروس يترأس صلوات تدشين كنيسة العذراء في أكتوبر    بمشاركة نخبة من الخبراء.. منتدى مصر للإعلام يناقش تحديات ومستقبل الإعلام في يومه الثاني    الداخلية تكشف حقيقة فيديو ادعاء سرقة هاتف بالجيزة    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    هيئة المتحف المصري الكبير تكشف وسائل وطرق حجز تذاكر دخول قاعات العرض    حفل أسطوري .. أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" بألمانيا    مهرجان القاهرة يعلن عن القائمة النهائية للبانوراما المصرية خارج المسابقة    جناح بيت الحكمة فى الشارقة الدولي للكتاب يعرض مخطوطات نادرة لأول مرة    خلال منتدى مصر للإعلام.. يوسف الأستاذ: الحرب الحقيقية بدأت في غزة بعد وقف إطلاق النار لإعادة الإعمار    وزير الصحة يبحث مع ممثلي شركة ميريت توطين صناعة المستلزمات الطبية في مصر    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و151 ألف فرد منذ بداية الحرب    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    استخرج تصاريح العمل خلال 60 دقيقة عبر "VIP إكسبريس".. انفوجراف    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    عاجل- مئات المتظاهرين العرب يحتجون أمام مكتب نتنياهو بسبب موجة العنف في المجتمع العربي    القاهرة تحتضن منتدى مصر للإعلام بمشاركة نخبة من الخبراء    تركتهم في الشارع، النيابة تتدخل لإنقاذ ثلاثة أطفال من إهمال الأم في الزقازيق    «صرف الإسكندرية»: فرق طوارئ ومتابعة ميدانية استعدادًا لانتخابات مجلس النواب    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    «أكبر خيانة».. ما هي الأبراج التي تكره الكذب بشدة؟    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    تعليم القليوبية تحيل واقعة تعدي عاملة على معلمة بالخصوص لتحقيق    صرف تكافل وكرامة لشهر نوفمبر 2025.. اعرف هتقبض امتى    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    «سكك حديد مصر» تشارك في نقل القضاة المشرفين على انتخابات النواب    بين السياسة والرياضة.. أحمد الشرع يثير الجدل بلقطة غير متوقعة مع قائد أمريكي (فيديو)    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    نهائي السوبر وقمة الدوري الإنجليزي.. تعرف على أهم مباريات اليوم    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. تعرف على لجنتك الانتخابية بالخطوات    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    بعد مسلسل كارثة طبيعية، ما مدى أمان الحمل بسبعة توائم على الأم والأجنة؟    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية تداول المعلومات والأمن القومى فى الدستور الجديد
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 11 - 2013

أعتقد أن أحد المواد الأكثر أهمية فى الدستور الجديد هى المادة 50 والمتعلقة بحرية تداول المعلومات. ولا أقول ذلك من منطلق الاهتمام المهنى بقضية إنتاج وتداول المعلومات ولكن أقول ذلك لأن الوصول إلى تداول حقيقى للمعلومات فى مصر سيكون هو بوابة التحديث لمصر صاحبة أقدم حكومة. وهذه الحكومة التى يرجع تاريخها إلى آلاف السنوات أرست مفاهيم وفرضت تقاليد للعلاقة بينها وبين المواطن تكرس أبوية الحكومة. وخلال العقود الستة الأخيرة تلاشت الحدود بين مفهوم الحكومة ومفهوم الدولة وأصبحت الحكومة هى الدولة، وساعد على ذلك مناخ أدى إلى إضعاف الأحزاب والحد من حرية حركة مؤسسات المجتمع المدنى وتأميم النقابات وتلاشى الفصل بين السلطات لتتوحد كل مؤسسات الدولة فى شخص الرئيس «الإله».
فى ظل هذا المناخ ومع التهديدات الخارجية التى واجهت مصر خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات نما الحس الأمنى وتبلورت فكرة الحفاظ على الأمن القومى وهو شىء محمود فى دولة كانت طرفاً مباشراً فى أربع حروب خلال ربع قرن (حرب 48 وحرب 56 وحرب 67 وحرب 73). إلا أن مصطلح الأمن القومى تغلغل فى ثقافة المصريين بشكل مبالغ فيه وتسلل من ثم وعلى نطاق واسع إلى مفرداتهم. وتم إلصاق وصف قضية أمن قومى بكثير من التحديات التى تواجه مصر مثل البطالة، والتعليم، والمياه، والطاقة، والإكتفاء الذاتى من القمح، والبلهارسيا ثم بعد القضاء عليها فيروس سى، وتنمية سيناء، ومشروع الضبعة، وتوفير رغيف الخبز، والزيادة السكانية، وتعمير الصحراء، وتعاطى المخدرات. وتمتد القائمة لتشمل قضايا فرعية ولا ترقى لمستوى الظاهرة مثل بضع زيجات تتم بين شباب مصرى وفلسطينيات من عرب 48 اللاتى يحملن الجنسية الاسرائيلية.

أتحدث عن هذا الموضوع بمناسبة الحوارات الدائرة حول المادة 50 من الدستور الجديد الخاصة بحرية تداول المعلومات والتى يرى البعض ضرورة الإشارة فى الدستور إلى أن الإتاحة يجب أن تكون مقيدة باعتبارات الأمن القومى. والبعض الآخر يرى عدم النص على ذلك فى الدستور وتناوله فى القانون المنظم لتداول المعلومات. وأود أن أشرح مبررات الفريق الثانى الذى لا يقل وطنية عن الأول ولا يرغب بطبيعة الحال فى حدوث ما يمس الأمن القومى. وجهة النظر الثانية تنطلق من أن الأصل فى المعلومات هو الإتاحة والاستثناء هو الحجب، وأن هناك حالات تستوجب عدم إتاحة المعلومات أهمها اعتبارات الأمن القومى. ويرى هذا الرأى أن إعتبارات الأمن القومى ليس المبرر الوحيد للحجب، حيث هناك حالات أخرى تستوجب الحجب منها حجب البيانات الشخصية حفاظا على الخصوصية، والحفاظ على سرية المعلومات المتصلة ببراءات الاختراع حفاظا على حقوق الملكية الفكرية، والحفاظ على الأسرار التجارية. وأن أسباب الحجب قد تتغير مع تغير الزمن ومن ثم فإن محلها القانون وليس الدستور، كما أن النص على اعتبارات الأمن القومى دون غيرها يعطى رسالة خاطئة لاسيما فى ظل تعريف فضفاض لاعتبارات الأمن القومى كما سبق أن أشرنا.

هذا التوسع فى استخدام كلمة الأمن القومى أفقد الكلمة معناها وجعل الكثيرين لا يأخذوا الكلمة مأخذ الجد حتى وإن صدرت عن الأجهزة المسئولة عن حماية الأمن القومى، والتى ربما توسعت فى المفهوم بشكل لا يخلو من مبالغة تضر أكثر مما تنفع. والأهم من ذلك أن مفهوم الأمن القومى لم يطرأ عليه تطور يضاهى التغير فى طبيعة المخاطر التى تواجه مصر ولا فى الأدوات التى تهدد الأمن القومى ليس فى مصر وإنما عالمياً. فغنى عن البيان أن مفهوم الأمن القومى الذى كان مناسباً للستينيات لم يعد مناسباً الآن وهو ما يدركه بالطبع خبراء الأمن القومى وخبراء الدراسات الاستراتيجية المصريين. فالخطر الذى كانت تتعرض له مصر كان يتمثل بالدرجة الأولى إلى اعتداء خارجى من خلال حرب تقليدية تلعب فيها الطائرات والدبابات الدور الرئيسى، أما الآن فالأمر مختلف والمعلومات التى كانت سرية فى الستينيات أصبحت فى متناول لوحة مفاتيح جهاز الحاسوب لأى هاو فما بالنا بأجهزة مخابرات الدول المعادية أو المنافسة.

من الملاحظ أن التقاطع بين اعتبارات الأمن القومى واعتبارات التنمية والنمو الاقتصادى يُحسم دائما من جانب المسئولين عن الأمن القومى لغير صالح التنمية والنمو الاقتصادى، وهنا أشير إلى بعض التفاصيل المهمة:
• إن إحداث تنمية حقيقية وتحقيق نمو مستدام للاقتصاد المصرى فى ظل نظام صارم لتحقيق العدالة الاجتماعية سيؤدى إلى تخفيض معدلات البطالة بشكل ملموس وسيؤدى إلى حالة من الاستقرار السياسى وسيشكل بيئة طاردة للتطرف والإرهاب وأظن أن ذلك هو حجر الزاوية فى تحقيق الأمن القومى المصرى وما مر بمصر فى الأشهر الماضية هو خير شاهد على ذلك.
• إن الاستخدام المبالغ فيه لاعتبارات الأمن القومى عطل كثيراً من المشروعات وأضاع أو أجل فرصاً لتحقيق نمو للإقتصاد المصرى بصورة غير مبررة، وأذكر فى هذا الخصوص تأخير الموافقة على تشغيل خدمة الهاتف المحمول وتأجيل إدخال خدمة ال جى بى أس والذى وصل لعدة سنوات حتى أصبحت مصر من الدول القليلة فى العالم التى لا يستخدم مواطنيها هذه الخدمة. والأغرب من ذلك تأجيل الموافقة على إدخال خدمة الدفع بواسطة الهاتف المحمول لأكثر من عامين. ومثل هذا التأجيل والذى يجعلنا دائما فى مؤخرة الدول بدون مبرر يُضيع على الوطن الاستفادة من فرص العمل التى يمكن أن تخلقها هذه المشروعات والضرائب التى ستدفعها الشركات العاملة فى هذا المجال للدولة، كما يُقلل من تنافسية مصر على المستوى العالمى والإقليمى، وهو بالتالى يضر بالأمن القومى أكثر مما يفيده.
• أشير هنا بالتفصيل إلى إدخال خدمة الدفع بواسطة المحمول والتى تأخرت لأكثر من عامين. وهذه الخدمة ليست مجرد وسيلة ترفية إضافية بدلا عن الدفع النقدى، وإنما حقق تطبيقها نجاحات موثقة فى كثير من الدول النامية فى توفير تمويل للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر للفقراء الذين عادة ما لا تتاح لهم فرص الائتمان المصرفى وتشكل السيولة النقدية لهم معضلة كبيرة. والتطبيق فى كينيا خير مثال على ذلك، والتى أدخلت هذه الخدمة قبل مصر بأكثر من خمس سنوات ولم يثبت أن هذه الخدمة أثرت على الأمن القومى فى كينيا بل ربما تكون قد خلقت فرصاً للعمل وساهمت فى التقليل من معدلات الفقر وهو ما لا أظنه يتعارض مع اعتبارات الأمن القومى.
• وإذا نظرنا للمستقبل، فهناك تخوف من أن تتحول التصريحات التى بدأت تظهر مؤخرا عن التهديدات التى قد تتعرض لها قناة السويس، إلى ذريعة للإبقاء على القناة كممر مائى. وتكتفى مصر بالنصيب الريعى فى الحصول على رسوم المرور ولا يتحول دورها من الدور السلبى لتلقى إيرادات ما ورثته عن الأباء إلى دور إيجابى فى تنمية منطقة للخدمات والصناعة حول هذا الشريان الفريد الذى حبى الله به مصر. وكلما أنظر إلى خريطة العالم وأرى موقع مصر وأرى الدخل الذى تولده مناطق مثل جبل على وجبل طارق أقول فى نفسى وبكل ألم لماذا تكون إدارة بلا موقع خير من موقع بلا إدارة.

أعلم أن حديثى هذا لن يلقى رداً من المسئولين عن الأمن القومى وهو موقف أفهمه وإن كنت لا أتفهمه، ولكن الأهم من الرد هو تأمل الرأى الآخر بقدر أكبر من المرونة والإستعداد النفسى لإحداث مراجعات ما دامت تصب فى صالح الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.