اليوم، إجازة بالبنوك والبورصة بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    ترامب يبرم اتفاقا يلزم أوروبا بدفع ثمن معدات عسكرية لإرسالها إلى أوكرانيا    الصحة العالمية: جوع جماعي في غزة بسبب حصار إسرائيل المفروض على القطاع    حديثه عن حب النادي طلع مدهون بزبدة، هذا ما يخطط له أليو ديانج للرحيل عن الأهلي    نجاح فريق طبي بمستشفى الفيوم في إنقاذ مريض مصاب بتهتك وانفجار في المثانة بسبب طلق ناري    من «البيان الأول» إلى «الجمهورية الجديدة»| ثورة يوليو.. صانعة التاريخ ومُلهمة الأجيال    بينهم عمال غابات.. مصرع 10 أشخاص في حريق هائل بتركيا- صور    القوات الإيرانية تُحذر مدمرة أمريكية في خليج عمان.. والبنتاجون يعلق على التحذير    بمناسبة ثورة 23 يوليو.. اليوم الخميس إجازة مدفوعة الأجر    في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب.. «قاهرة ابن دانيال» زاوية مجهولة من «العاصمة»    رجال غيّروا وجه مصر.. ما تيسر من سيرة ثوار يوليو    ترامب: أمريكا ستقود العالم في الذكاء الاصطناعي    الخارجية الأمريكية: روبيو بحث مع الصفدي اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا    استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال في بلدة الخضر    رئيس محكمة النقض يستقبل وزير العدل الأسبق لتقديم التهنئة    علاء نبيل: احتراف اللاعبين في أوروبا استثمار حقيقي    رياضة ½ الليل| إقالة سريعة.. سقوط المصري.. السعيد فرحان بالزمالك.. وفحص الخطيب بباريس    منتخب 17 عامًا يفوز على العبور وديًا ب8 أهداف    إخماد حريق في محطة وقود بالساحلي غرب الإسكندرية| صور    الاكتتاب في سندات الخزانة العشرينية الأمريكية فوق المتوسط    مخرج «اليد السوداء»: نقدم حكاية عن المقاومة المصرية ضد الاحتلال    بأغنية «يا رب فرحني».. حكيم يفتتح صيف 2025    راغب علامة: مصر هوليوود الشرق.. وقبلة الفنان مش جريمة    وزير الزراعة: الرئيس السيسي مُهتم بصغار المزارعين    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    بمستشفى سوهاج العام.. جراحة دقيقة لطفلة مصابة بكسر انفجاري بالعمود الفقري    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل سلطة التونة بالذرة    بعد أنباء أزمة عقده.. ديانج: «لم أكن أبدًا سببًا في أي مشكلة»    أليو ديانج يحكي ذكرياته عن نهائي القرن بين الأهلي والزمالك    محافظ قنا يطمئن على مصابي حادث سقوط مظلة تحت الإنشاء بموقف نجع حمادي.. ويؤكد: حالتهم مستقرة    نشرة التوك شو| توجيه رئاسي بشأن الطلاب محدودي الدخل.. وخالد أبوبكر يتعرض لوعكة صحية على الهواء    «الجبهة الوطنية» يكرّم طالب من أوائل الثانوية العامة بمؤتمر الجيزة ضمن مبادرة دعم المتفوقين    صاحب مغسلة غير مرخصة يعتدي على جاره بسبب ركن سيارة بالإسكندرية    إصابة شخصين في تصادم بين سيارة وتوكتوك بطريق التل الصغير بالإسماعيلية    إصابة شخصين في حادث انقلاب بطريق الإسماعيلية    بالأسماء.. إصابة ووفاة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بمحور ديروط فى أسيوط    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الخميس 24 يوليو 2025    ترامب: سنفرض رسومًا جمركية على معظم دول العالم ونعزز صفقات الطاقة مع آسيا    «الناصري» ينظم ندوة بالمنيا احتفالًا بذكرى 23 يوليو    موعد تنسيق الجامعات الأجنبية 2025 لطلاب الثانوية والشهادات المعادلة    «مبنحبش نتصادم».. كيف تحدث أحمد فهمي عن علاقته ب أميرة فراج قبل الانفصال؟    5 أبراج «فاهمين نفسهم كويس».. يعشقون التأمل ويبحثون عن الكمال    عبارات تهنئة مؤثرة ومميزة لطلاب الثانوية العامة 2025    السيد القصير يوجه 7 رسائل بمؤتمر الغربية: ندعم القيادة السياسية.. ومرشحينا معروفين مش نازلين بباراشوت    لو مجموعك أقل من 90%.. قائمة الكليات المتاحة ب تنسيق الثانوية العامة 2025    «محدش قالي شكرا حتى».. الصباحي يهاجم لجنة الحكام بعد اعتزاله    «أحمد فتوح بينهم».. جون إدوارد يسعى للإطاحة بثلاثي الزمالك (تفاصيل)    لا ترمِ قشر البطيخ.. قد يحميك من مرضين خطيرين وملئ بالفيتامينات والمعادن    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    ارتفاع البتلو وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    الأوراق المطلوبة للاشتراك في صندوق التكافل بنقابة الصحفيين    حماس تسلم ردها على مقترح وقف إطلاق النار بقطاع غزة إلى الوسطاء    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبوظبى يتحدى .. عشرة أيام تكفى لعام سينمائى .. «مثير ومدهش»
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 10 - 2013

• المهرجانات أصبحت تفضل القصص المأساوية.. الأفلام تفجر اليأس.. والجمهور ينتفض للأمل
• وحدها الأفلام الجيدة تكتب شهادة النجاح لأى مهرجان
التحدى الأكبر لمهرجان أبوظبى السينمائى فى دورته السابعة هذا العام هو أنه استطاع أن يختزل أهم وأجمل أفلام العام السينمائى فى عشرة أيام، تلك الأفلام التى حازت جوائز مهرجانات العالم الكبرى مثل «كان وبرلين وفينسيا وتونتو»، بالإضافة إلى نوعية أخرى من الأعمال الجديدة تبنت شاشة المهرجان طرح رؤى وأفكار مبدعيها وتوجهات مخرجيها المثيرة للإعجاب والجدل.
واقع الأمر أنه كانت هناك حيرة فى المشاهدة والاختيار كان صعبا للغاية، أفلام مهمة تستحق أن تراها تزامن موعد عرضها مع أفلام أخرى لا تقل أهمية، حيث اعتمد المهرجان على أفلام جيدة فى كل أقسامه دون النظر لبريق سجادة حمراء أو نجوم. جاءت أفلام هذا العام لتشكل صدمة لمشاهديها ليس لطفراتها الإبداعية، فالإبداع لا يصدم، ولكن بتبنى معظمها نظرة سوداوية لمجتمعاتها وأوطانها ومواطنيها التى أظهرتهم فى شبه معاناة، وكشفت عن حجم العنف والفساد وتفكك الأسر والتشدد الدينى والعرقى، وإدانات متلاحقة على الشاشة للحكومات والناس الذين صمتوا ولا يبوحون بالحقيقة.. وقد خلت معظم تلك الأعمال من قصص العلاقات الانسانية المعهودة المفعمة بالأمل وهو ما جعل جمهور بعض الأعمال ينتفض على صناعها ويتساءل عن الأمل.. أين الأمل.. أين الحلم فى مستقبل أفضل، مثلما حدث عقب عرض الفيلم الرائع سينمائيا «السطوح» للمخرج المثير للجدل مرزاق علواش وكان هو الفيلم العربى الوحيد الذى شارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان فينسيا الأخير، هنا فى قاعة العرض قالت بعض المشاهدات إن الجزائر ليست بهذا السوء والعنف والضياع والقهر والفساد.. هناك جزائر مفعمة بمشاريع الأمل وهنا رد المخرج: «أنا لم أصنع أعمالا للترويج السياحى بل أطرح هموم وطنى كما أراها فلننظر بواقعية لأنفسنا ولانغلاق مجتمعنا، ومن جانبى أحاول منذ ثلاثة أفلام أن أرى هذا المجتمع الجزائرى الذى يعانى من أمراض حقيقية».
والفيلم قد شرح المجتمع الجزائرى من خلال خمس فئات من البشر عبر خمسة أسطح دون أن تنزل الكاميرا على الأرض.. فتلك السطوح تشكل أزمة ومخاض المجتمع الجزائرى الذى بدا وقد فقد كل شىء جميل، وإدانة صريحة لتشوه ينخر فى جسد المجتمع طارحا أمراضا مستعصية مثل العنف والتطرف الدينى والقتل وقهر المرأة والشذوذ فى مساحة زمنية واحدة من الفجر حتى العشاء، حيث الدعوة إلى الصلاة تتكرر خمس مرات بإيقاعها اليومى، وبين دعوى وأخرى يمكن للشخص أن يقتل ويسرق ويغتصب حقا دون أى مشكلة، وبات السطوح هو العنصر السردى المشترك التى تتجمع به كل الخيوط فى الفيلم والحقيقة أننى لا أبرئ الارتباط بأوقات الصلاة باعتبارها فقط اختيارا سريا بل هى تحمل فى طياتها توجها وفكرا أيديولوجيا للمخرج. ففى السطح الأول هناك رجل مقيد بسلاسل فى قفص لا نراه بل نسمع صوته فقط ونعلم أنه أخ لرجل متدين قام بسجنه ونسمع عن حكايته أيام النضال وسط انفعالات مجنونة أخرى هذا الرجل المتدين الذى يجلب جماعة لأداء الصلاة على السطح ويخطب فيهم ممتدحا العقيد القذافى لتبنيه شيخا صغيرا.
وفى السطح الثانى نجد حكاية فرقة موسيقية تقودها شابة تعشق الغناء تتعاطف مع فتاة تراقبها من سطح آخر وتتبادل معها رسائل توحى بميول مثلية بينهما، وفى سطح ثالث نرى أناسا كثيرين، نرى شيخا يستخدم غرفته الخاصة للقاء امرأة منتقبة متزوجة ليخرج لها الجن عن طريق ضربها، وسطحا آخر نرى فيه أشخاصا يقومون بتعذيب رجل لصالح ثرى، وفى السطح الخامس نرى امًا تعيش مع ابنتها المريضة نفسيا وابنها الصبى المدمن وعندما يأتى صاحب العمارة لإبلاغهم بإخلاء السطح بعد حكم المحكمة تقوم الأم بضرب الرجل على رأسه ويموت، وهنا نرى تواطؤا لرجل الشرطة الذى بدلا من أن يستجوب الأم ينصحها بأن ترمى الجثة فى البحر.
حاول علواش أن يقدم صورة للجزائر المهمشة وقد بدا رغم براعة كاميراته الواقعية صريحا برغبته فى قول كل شىء وهو ما كسى شخصياته بعدا سياسيا أكثر منه واقعيا وحياتيا، أى تفاصيل كثيرة اختفت.
الفيلم الثانى الذى أوجع قلوب مشاهديه وصدمهم فيما يطرحه من مأساة انسانية هو «فصل من حياة جامع خردة» للمخرج البوسنى دانيس تالوفيتش والذى فاز من خلاله بجائزة الدب الفضى وهى الجائزة الكبرى للجنة تحكيم مهرجان برلين هذا العام كما نال بطله الرائع نازيف مويتس جائزة أفضل ممثل.
والفيلم تكمن قوته بالاضافة للغته السينمائية الواقعية البديعة، لموقفه التحريضى ضد الظلم الاجتماعى وعدم تحقيق العدالة والتسلط والتفرقة، فهو يجعلك تشفق على تلك العائلة الغجرية أب وأم وابنتان، فهم محاصرون بحق فى شقة صغيرة ودنيا تفتقد أبسط شروط الحياة ومتطلباتها فالأم يوشك جنينها الجديد أن يموت وفى رحلة البحث عن مستشفى يموت الجنين وتتعرض الأم للخطر نتيجة الصدام بالبيروقراطية الطبية الوحشية فهم يطلبون منه غطاء تأمينيا لمصاريفها، والزوج لا يملك، فيضطر لأن يبحث عن أى خردة ويبيعها فى عمل روتينى شبه يومى لكنه لا يستطيع أن يفى بالمطلوب، فالفيلم يطرح مفهوم المساواة وحدودها وأيضا مدى اختراقاتها.. والرجل الذى حارب يطرح الجملة «أيام الحرب كانت أفضل» ومن ثم يطرح السؤال: هل تخلى الوطن عن عنصرية بعد الحرب وهل تخلى عن نبذ غجره الفقراء وأبنائهم، بالقطع لا.
الفيلم الذى بدا وثائقيا لانه قدم اناسا طبيعيين يمارسون حياة روتينية من أجل قوت اليوم وسط جو من الصقيع البارد لا يمكن أن تعتبره مجرد حكاية لأسرة تعيسة تستدر عطفك بل هى تكشف وتستدعى مأساة والمخرج عبر الفيلم يوجه اتهاما سينمائيا للجميع.
وكان لابد أن نقف أيضا أمام الفيلم البوسنى «لهؤلاء الذين لا يبوحون بالحكايات» سيناريو وإخراج باسميلا جبانيتش المولودة عام 74، والذى فاز فيلمها «كرافيتسا» بجائزة الدب الذهبى عن مهرجان برلين وفيه سجلت أثار الاغتصابات التى جرت خلال الحرب.
وهى هنا تواصل الرحلة لكن لا تحكى عن الحرب بشكل مباشر، ففى الأول طرحت مصائب اغتصاب المقاتلين الصرب للنساء المسلمات فى موجة من موجات الجريمة.
دماء نساء إحدى القرى الجميلة، فبطلتنا امرأة استرالية «كيرى فيركوى» قدمت نفسها كسائحة عبرت المسافات لتعيد إلى الأذهان كيف حدثت تلك المذبحة العرقية التى ارتكبت فى التسعينيات خلال الحرب مع الصرب وراح ضحيتها 3 آلاف امرأة مسلمة تعرضن للاغتصاب والتصفية فى بلدة فيشجراد، تلك المنطقة التى وصفت بأنها أجمل بقعة لقضاء ليلة رومانسية ثم سبحت بالدماء.
السائحة تحاول الوصول إلى الحقيقة وتكاد تكون أقرب إلى اليقين ونحن معها أن جميع من فى هذا البلد شاركوا فى الجناية، بصمتهم وتجاهلهم ما حدث وعدم حكى الحكايات القاسية وأخبار العالم بها وكأنهم جزء من الطبيعة التى طمست آثار الجريمة بدورها.
السائحة التى تحولت إلى متهمة من قبل السلطات الأمنية التى تراقب خطواتها وزيارتها وأسئلتها الفضولية ليوجهوا لها تهمة الجاسوسية ثم يفرجون عنها ولم تجد أمامها سوى الزهور التى جمعتها من أرجاء البلدة لتواسى بها الضحايا والترحم عليهم فى مشهد رائع وهى تجلس على سرير إحدى غرف الفندق الذى شهد المأساة وتعد وردة لرقم 1و2 و3 و4.. وهكذا حتى اقتربت من عدد الضحايا، وفى مشهد آخر أكثر ابداعا فى صوته وأدائه نراها تنضم لأحد الأشخاص الذى يظهر من حين لآخر من بداية الفيلم وهو يرقص رقصا جنونيا ساخرا فى الشارع وسط المارة على ايقاع الموسيقى، نراها تنضم وترقص معه نفس الرقصة وكأنها تفضل ألا تحكى هى الأخرى طالما الجميع يصم أذانه.
إنها نماذج لأعمال مدهشة سينمائيا مثيرة فكريا.. مقلقة للمشاعر والأحاسيس.. ويبدو أن المهرجانات باتت تفضل هذه النوعية من الأفلام التى تعطى فرصا للقصص المأساوية لأفلام تصدر اليأس على حساب الأمل.. وتبقى الابداعات الجميلة لتتحمل كل هذه الأعباء وهنا تعفو عن تلك النظرات التى أرقتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.