سعر القمح يبدأ رحلة صعود عالمى مع تراجع الإنتاج الأرجنتينى وزيادة الطلب المصرى بسبب مشاكل الإنتاج فى بعض الدول، وزيادة الطلب خاصة من مصر، بدأت اسعار القمح العالمية موجة ارتفاع، والتى يتوقع محللون فى الأسواق العالمية أن تكون مرهونة خلال الفترة المقبلة بهذه الضغوط. وقد تزامن اعلان مصر عن عزمها شراء كميات كبيرة من القمح يوم الجمعة الماضى مع اول قفزة لسعر القمح فى الأسواق الأمريكية بنسبة تجاوزت 2% فى نهاية تعاملات الاسبوع الماضى، مقارنة بالأسبوع السابق، ليبلغ نحو 7 دولارات للبوشل للمرة الأولى منذ يونيو الماضى. واستكملت أسعاره الصعود فى بداية تعاملات الاسبوع الحالى يوم الاثنين ليرتفع البوشل إلى 7.1 دولار للعقود التى سيتم تسليمها فى ديسمبر المقبل، وهو اعلى مستوى له فى عام وفقا لمواقع اسعار السلع العالمية. واشار محللون فى الاسواق العالمية إلى ان الاسباب الرئيسية لموجة صعود القمح، بعد عدة اشهر من الانخفاض المتواصل من ديسمبر 2012 إلى مايو 2013 ثم استقرار السعر حتى نهاية الاسبوع الماضى، هو الهبوط المتوقع لإنتاج الأرجنتين. فبحسب موقع «Agrimoney»، المتخصص فى تحليل أسعار السلع الزراعية، فإن التراجع المتوقع فى إنتاج الارجنتين قد يدفعها إلى منع صادراتها من القمح بشكل كامل، وهو ما يؤدى إلى الضغط على السوق العالمية، خاصة ان هذا يأتى فى ظل تلف نحو 4 ملايين طن من إنتاج روسيا بسبب الامطار الخريفية، «ولا يمكن التعويل على إنتاج الدول التى تحصد فى الربيع لان محصول هذا الموسم يكون اقل عادة من الخريف». ويعتبر زيادة الطلب من بعض الدول وعلى رأسها مصر التى تعد اكبر مستورد للقمح فى العالم، ثانى الاسباب الرئيسية لموجة الصعود، وقد يكون اعلان وزير التموين، محمد ابوشادى، فى تصريحات صحفية عزم القاهرة شراء 4 ملايين طن من القمح لتلبية احتياجات العام القادم، سبب بداية رحلة الصعود المتوقعة التى كان قد اشار لها تقرير البنك الدولى فى وقت سابق. ووفقا لتقرير البنك «فإن المشاكل السياسية ووضع الاقتصاد الاليم فى مصر سيؤثر على زيادة الطلب، فواردات القمح المصرية التى تعد الاكبر فى العالم تعد مسألة هامة جدا للاستقرار السياسى كونه يساهم فى برنامج ضخم لدعم الحكومة للخبز»، واضاف تقرير «Agrimoney» امس ان اضطرابات دول شمال افريقيا ستدفع سوق القمح إلى حالة من عدم الاستقرار. وكثيرا ما يؤدى اعلان مصر عن شراء كميات من القمح إلى صعود اسعاره فى الاسواق العالمية، لذلك كان بعض المسئولين فى اوقات سابقة يحرصون على عدم نشر خطة الاستيراد، وكان واحدا من هؤلاء المسئولون، قد صرح ل(الشروق) فى وقت سابق، ان هيئة السلع التموينية، وهى الهيئة التابعة للوزارة والمسئولة عن شراء مستلزمات البطاقات التموينية من السلع المختلفة المدعمة، تحرص على عدم الإعلان عن الكميات التى تعتزم شراءها من القمح حتى لا تؤثر سلبا وتؤدى إلى ارتفاع اسعاره، مما يرفع تكلفة الشراء، خاصة انها تقوم باستيراد نحو 10 ملايين طن سنويا. «نعم تؤثر واردات القمح المصرية على اسعار الاسواق العالمية كونها اكبر مستورد له فى العالم، لكن لا يعنى أنه من المؤكد ان تصريحات ابوشادى كانت سببا فى ارتفاع الاسعار» بحسب هانى جنينة، رئيس قطاع البحوث فى بنك الاستثمار فاروس، الذى أوضح ان هناك شركات متخصصة فى جمع كل المعلومات اللازمة عن سلع مختلفة ومنها القمح لتمد الأسواق بها، ولن تكون واردات مصر من القمح المتوقعة سرا بالنسبة لهذه السوق. ويرى جنينة ان ارتفاع سعر القمح بشكل مفاجئ قد يعود إلى مضاربات فى السوق العالمية، بعد تصريحات ابوشادى مستغلة هذه البيانات، لكن سوق القمح كبيرة جدا، وتستطيع مصر ان تنوع مصادرها وتحصل على سعر افضل. وادت مبالغة وزارة التموين فى الحكومة السابقة، بشأن كميات القمح التى سيوردها المزارعون المحليون إلى الهيئة إلى عجز فى كميات القمح المتوفرة، والتى يجب ان تغطى 6 اشهر قادمة من الاستهلاك، واضطرت الحكومة اللاحقة فيما بعد إلى دخول مناقصات عالمية عديدة ومتكررة لشراء كميات من القمح لتغطية هذا العجز فى مدة وجيزة. وكانت هيئة السلع التموينية، قد اعلنت يوم الخميس قبل الماضى، إنها ألغت مناقصة لشراء القمح للشحن بين 21 و30 نوفمبر المقبل، بسبب الارتفاع الشديد فى الأسعار. وكان أرخص عرض لتوريد 60 ألف طن من القمح الرومانى بسعر 274.64 دولار للطن. وكانت هذه المناقصة ستكون المناقصة الدولية الحادية عشرة التى تطرحها مصر منذ فبراير والعاشرة منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسى فى الثالث من يوليو الماضى. واضطر ممدوح عبدالفتاح، نائب رئيس الهيئة مطلع الاسبوع الماضى إلى نفى ما تردد عن أن سبب الغاء المناقصة هو عدم قدرة مصر على تمويل الاستيراد. وكان تاجر كبير قد تكهن فى تصريحات لوكالة رويترز بأن مصر تحتاج إلى استيراد ما بين مليون و1.5 مليون طن من القمح بنهاية العام الحالى، مضيفا أن ذلك ليس من أجل التخزين بل بسبب نقص القمح فى البلاد، فى حين ان ابوشادى قال ان مصر لديها مخزون من القمح يكفى حتى شهر فبراير المقبل.