● بعد 50 عاما من التعاون الاستخباراتى بين إسرائيل وتركيا، يبين كشف هوية عملاء الموساد فى إيران من جانب تركيا العمق العميقة الذى تدهورت إليه علاقات الدولتين فى ظل الزعامة الإسلامية الاستبدادية لرئيس الحكومة رجب طيب أردوغان. ● يسعى أردوغان إلى خلق الوهم بأنه يمثل نموذجا يحتذى به للإسلام المستنير الذى يندمج بصورة إيجابية مع الديمقراطية. لكن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة، فأردوغان إسلامى متشدد ومتعصب مقيت يكيل الثناء للإخوان المسلمين و«حماس» وحزب الله. ● لقد استخدم أردوغان الديماغوجيا للفوز بثلاث معارك انتخابية، واستغل منصبه لترهيب وسائل الإعلام وضرب المعارضة، وقام بتطهير الجيش من الضباط العلمانيين وقمع حرية التعبير. ● ومنذ هجومه الديماغوجى ضد شمعون بيريز فى دافوس سنة 2009، بدأ موقف أردوغان إزاء إسرائيل بالتدهور، وهو يصف إسرائيل ب«الدولة الإرهابية» التى «تقتل الأطفال» و«تعرف جيدا أسلوب القتل». وخلال السنة الأخيرة استقبل زعيم «حماس» خالد مشعل ثلاث مرات. ● برز نزق أردوغان بصورة خاصة فى قضية مرمرة «سفينة المساعدات التركية إلى غزة التى هاجمها الجيش الإسرائيلى سنة 2010». فبعد التحقيق الدولى فى الحادثة، طالب أردوغان إسرائيل بالاعتذار عن مقتل تسعة ناشطين أتراك على صلة بالقاعدة كانوا على متن السفينة. وعندما تصرفت إسرائيل وفقا لقرار الأممالمتحدة وصرحت بأنها غير ملزمة بالاعتذار، استدعى أردوغان سفيره من إسرائيل. ● فى مارس 2013 حض أوباما نتنياهو على الاعتذار من تركيا ودفع التعويضات إلى عائلات الإرهابيين الأتراك، فاستجاب نتنياهو لطلبه بهدف ترميم العلاقات بين البلدين. لكن فى المقابل لم يرد أردوغان على ذلك، وأعلن نيته القيام بزيارة إلى غزة، وطالب برفع الحصار البحرى الذى تفرضه إسرائيل ضد «حماس». ● وبعد مرور ستة أشهر، لم يقدم أردوغان على ترميم العلاقات الدبلوماسية وهو يواصل الوقوف ضد انضمام إسرائيل إلى حلف شمال الأطلسى. لكن على الرغم من هذا كله، لا تزال الولاياتالمتحدة تعتبر تركيا حليفة لها. ففى السنة الماضية أطلقت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون ووزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو «المنتدى الدولى للارهاب»، وهى منظمة تضم 20 عضوا مؤسسا، إسرائيل غير ممثلة فيها. ● وفى سبتمبر 2013 قامت الولاياتالمتحدة وتركيا بدعم هذه المبادرة وأقاما مشروعا مشتركا كلفته 200 مليون دولار لمحاربة التطرف وسط الشباب المسلم. وهنا تبرز المفارقة، فالمواطن الأمريكى الذى يدفع الضرائب يمول منظمة تحارب الارهاب بالتعاون مع زعامة إسلامية تدعم «حماس» والإخوان المسلمين وتتنصل من الارهاب الإسلامى. ● قد تواصل الولاياتالمتحدة التمسك بوهم أن أردوغان زعيم مستنير، لكننا نراه على حقيقته: على أنه إسلامى مستبد. وطالما بقى أردوغان فى منصبه، فإن العلاقات الإسرائيلية التركية ستبقى باردة، على الأقل فى المجال السياسى.