"الاقتراحات والشكاوى" بالنواب تبحث تحسين خدمات الصرف الصحي بعدد من المحافظات.. غدًا    في حوار خاص مع "الفجر".. وكيل وزارة التموين بالفيوم يكشف مستجدات توريد القمح واستعدادات عيد الأضحى    ألمانيا: قلقون للغاية إزاء المعاناة الإنسانية في غزة    وزير المالية الألماني يبدي تفاؤلا حذرا حيال إمكانية حل النزاع الجمركي مع واشنطن    المبعوث الأمريكي إلى سوريا: زمن التدخل الغربي في الشأن السوري انتهى    صلاح: هذا أفضل مواسمي في الدوري الإنجليزي مع ليفربول    تقرير يكشف مفاجأة بشأن مشاركة النصر السعودي في دوري أبطال آسيا للنخبة    هاتريك من مقاعد البدلاء.. سورلوث يكتب التاريخ مع أتلتيكو مدريد    "لا ينقص سوى موافقته".. رئيس نابولي يعلق على مفاوضاته مع دي بروين    عمرو أديب: عائلة الدجوي منكوبة.. والقصة لها علاقة باتفاقات وتداخلات    ضبط شقيقتين بحوزتهما مخدرات مختلفة الأنواع في «طوخ» بالقليوبية    عرض المصنع على مسرح الأنفوشي ضمن موسم قصور الثقافة    فضل صيام يوم عرفة.. يكفر سنة مضت    صراع أوروبي على حارس إسبانيول.. وبرشلونة يضعه في صدارة أولوياته    وزارة السياحة: لجان ميدانية على مدار 24 ساعة لخدمة حجاج السياحة بالمشاعر المقدسة    حارس أتلتكو مدريد: تركيزنا الآن على كأس العالم للأندية    وزير الأوقاف ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام يبحثان التعاون المشترك    انطلاق العرض الخاص لفيلم ريستارت بعد قليل    قريبًا.. انطلاق برنامج "كلام في العلم" مع دكتور سامح سعد على شاشة القناة الأولى    «الصابرة المحتسبة».. شيخ الأزهر يُعزِّي الطبيبة الفلسطينيَّة آلاء النجار في استشهاد أبنائها التسعة    "عبدالغفار" يستعرض الفرص الاستثمارية للقطاع الصحي خلال منتدى قادة السياسات بين مصر والولايات المتحدة    "بعد عودته للفريق".. ماذا قدم محمود تريزيجيه خلال رحلته الاحترافية؟    هل السجود على العمامة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح الأفضل شرعًا    «نصيحة هامة على الصعيد المالي».. حظ برج الأسد في الأسبوع الأخير من مايو 2025    بدء تشغيل العيادات الخارجية ب المستشفى الجامعي في السويس    قبل أيام من قدومه.. لماذا سمى عيد الأضحى ب "العيد الكبير"؟    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    مدبولي: حريصون على جعل مصر مركزًا إقليميًا لصناعة الحديد    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    تقارير تكشف.. هل يرحل ماريسكا عن تشيلسي إذا لم يتأهل إلى أبطال أوروبا؟    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    الهيئة العربية للاستثمار توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لدعم التحول الرقمي في الزراعة    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    المئات يشيعون جثمان القارئ السيد سعيد بمسقط رأسه في الدقهلية    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    الكشف عن مبني أثري من القرنين السادس والسابع الميلادي بأسيوط    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    وكيل تعليم الوادى الجديد يتابع أعمال امتحانات صفوف النقل ويتفقد امتحانات فصول الخدمات    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    «بني سويف الأهلية» تناقش مشروعات طلاب المحاسبة والتمويل الدولي.. والجامعة: نُعد كوادر قادرة على المنافسة العالمية    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    أول رد من «الداخلية» عن اقتحام الشرطة لمنزل بكفر الشيخ ومزاعم تلفيق قضية لأحد أفراد العائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهمية تطوير العلاقات المصرية الروسية

تعرّضنا فى مقالنا السابق «العلاقات الخارجية المصرية أين كانت وأين يجب أن تكون» إلى خصوصية التفاعل بين الوضع الداخلى والعلاقات الخارجية لمصر، وأنه على الرغم من أن ترتيب البيت من الداخل يحتل الأولوية فى المرحلة الحالية إلا أن تلك الخصوصية تتطلب تحركا متوازيا واعيا وسريعا فى مجال السياسة الخارجية يدعم عملية الاستقرار الداخلى.
وقد جاءت ثورة يناير 2011 وموجتها الثانية فى 30 يونيو الماضى لتؤكد أهمية صياغة إطار حاكم للسياسة الخارجية طالما افتقدته مصر لسنين طويلة مستمدّ من ثوابت الأمن القومى المصرى، ليكون إطاراً تقدميّاً للتوجّه يتسّق مع مبادئ ثورة يناير «الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية» ومرتكزاً على ثلاثة محاور: بناء نظام عربى قوى وفعّال، الالتزام بنهج مستقل بعيداً عن تحالفات القوى الكبرى وأخيراً التركيز على الدبلوماسية متعددة الأطراف. وفى هذا الصدد أودّ أن أعبّر عن ارتياحى الشديد من أن مصر بعد 30 يونيو بدأت تتحرك بخطاً ثابتة فى هذا الاتجاه.
•••
ومن هنا تأتى أهمية إعادة رسم علاقاتنا بالدول الفاعلة على الساحة الدولية ومنها روسيا التى يزداد الحديث عن ضرورة تقويتها والتى يجب أن تسير بشكل مستقل عن علاقاتنا بالدول الأخرى، وأن ننظر إليها من زاوية المصالح المشتركة وعناصر الجذب والتشابه والجذور التاريخية والعوامل الجغرافية التى تُقرّبنا بها.
فعلاقاتنا بروسيا كانت ويجب أن تظلّ إحدى الدعامات الرئيسية التى يجب أن تقوم عليها سياستنا الخارجية. والمبررات لذلك كثيرة، إلا أننا يمكن إيجازها فى عدة عناصر مختصرة على الأصعدة الثقافية والإنسانية والتاريخية والإستراتيجية، فبداية لا يمكن إنكار أن موسكو من أكثر عواصم العالم فهماً للمنطقة العربية ولطبيعة شعوبها، فعوامل الاتساق والتشابه التى تجمع الشعبين المصرى والروسى ومن ذلك مثلا ما تحتله الأرض السوداء بخصوبتها وبما تحمله من عناصر خير تُثرى الحياة وتنمّيها من معانٍ للفلاح فى كلا المجتمعين، لذا نجد كلاهما شديد الوطنية. الأمر الذى تجسّد فى أبلغ صوره عندما قبِل الشعب الروسى تفكك الاتحاد السوفييتى للحفاظ على الوطنية الروسية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لفظ الشعب المصرى المشروع الإخوانى تشبثاً بالوطنية المصرية.
على صعيد آخر، فإن علاقاتنا بروسيا علاقات قوية يمتزج فيها التاريخ بالمواقف السياسية الشجاعة والتحديات الإقليمية. فلا ننسى لروسيا مواقفها التاريخية، كما لا ننسى أن علاقاتنا الإستراتيجية بروسيا فى مرحلة ما جعلت جزءاً كبيراً من تسليحنا روسى المصدر على الرغم من أن مرور عقود طويلة أدّت بنا إلى الانفتاح على الغرب وتنويع مصادر تسليحنا بالاعتماد على السلاح الأمريكي. إلا أن الأمر لا يقتصر على الماضى ولا على الاعتبارات الثقافية والأدبية، بل يتجاوز ذلك إلى اقتحام روسيا للواقع السياسى الحالي، فإن أياً من التحديات التى تواجه منطقة الشرق الأوسط والتى تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومى المصرى يمكن أن تجد حلولاً بعيداً عن مساهمة إيجابية من قبل موسكو، فلا يمكن تصور حل الأزمة السورية أو الملف النووى الإيرانى وما يرتبط بذلك من أمن الخليج بالإضافة الى قضايا نزع السلاح وعدم الانتشار ومكافحة الإرهاب دون دور روسى واضح.
ولا يعنى ذلك أن تنشيط علاقتنا بروسيا هو بديل للعلاقة مع الغرب، بل إن الإثنين يجب أن يسيران بشكل متوازٍ ، فكما ظلت روسيا عبر العقود بمثابة الحليف لمصر، فإن علاقات مصر بالغرب ستبقى متبادلة ولن تنقطع، فلا مصر تستطيع أن تتعامل بمعزل عن هذه القوى، ولا الأخيرة يمكنها إغفال الدور المصرى فى منطقة الشرق الاوسط، ومن ثم فإن تجاهل أى طرف للآخر سيعدّ خسارة مؤكدة لأى منهما. فالمطلوب هو نظرة شاملة وعميقة تحقّق التوازن فى علاقات مصر الخارجية بما يحقّق الأمن القومى المصرى بأبعاده المختلفة.
•••
وعلى الرغم من أهمية تكثيف وتنويع علاقاتنا مع روسيا فعلينا أن نعى أن العلاقات الروسية بالغرب مهمة للغاية فهى علاقات إستراتيجية قوامها رغبة روسيا فى تحديث اقتصادها وتضييق الفجوة التكنولوجية الشاسعة بينها وبين الغرب والرغبة فى الإنخراط فى النظام الإقتصادى والسياسى والإستراتيجى الدولى الذى يُراد إعادة تشكيله وليس أدلّ على ذلك من دخول روسيا فى مجموعة الثمانية. فموسكو تريد أن تستعيد دورها كقطب دولى يحسب العالم له حساب، ولديه مصالحه التى لا يمكن إغفالها، وأن تؤكد أن باستطاعتها التضييق على الولايات المتحدة بالنسبة لحلفائها التقليديين فى المنطقة بحيث تحافظ على نفوذها فى مناطق المصالح الروسية، ومن هنا جاء الإصرار على الموقف الروسى من سوريا وإحباطها عدة محاولات غربية للتدخل، ومن هنا أيضا تأتى المعارضة الروسية للموقف الغربى من التطورات الأخيرة فى الشأن المصرى ضمن مغازلة روسيا للغرب وكتلويح بقدرتها على كسب حليف قوى له فى المنطقة كمصر.
أما قضايا التسليح فينبغى النظر إليها أيضا بشيء من التوازن فلا يجوز المناداة باستبدال السلاح الأمريكى بالروسى على خلفية تجارب الماضى لأن عملية الاستبدال هذه هى عملية طويلة الأمد لن تتحقق بين عشية وضحاها. وهنا يجب التذكير من أن المساعدات العسكرية الروسية لمصر فى الستينيات والسبعينيات وخاصة فى فترة حرب الإستنزاف وحرب أكتوبر لم تكن فقط بدوافع مثالية تتعلق بالحق والعدل وإنما جاءت فى إطار «صراع التنافس على التسليح» الأمريكى الروسى فى المنطقة وسعى روسيا للتأكيد على أن سلاحها لن يهزم من نظيره الأمريكى.
•••
من ناحية أخرى فإن سعينا لدفع العلاقات مع روسيا لا يجب أن يُنسينا أن لروسيا أهدافاً استراتيجية فى المنطقة تتمثّل فى حماية نقاط الضعف والحفاظ على الأمن الروسى خاصة فى المناطق ذات الأغلبية المسلمة بجنوب البلاد والتى ذاقت موسكو ويلات مما قامت به الجماعات الجهادية المحلية وحلفاءها الوافدين من الخارج.
وبمعنى آخر، فإن دفع تقاربنا مع روسيا يجب ألاّ يكون على حساب أيّ طرف وألا يتأثر بالتوجه شرقاً أو غرباً بل أن يُقام على أساس أهمية تنويع علاقاتنا بكل الدول وبأن تكون هذه العلاقات قائمة بذاتها غير معتمدة على التفاعلات الإقليمية أو الدولية هنا أو هناك.
يجب أن نتحلّى بالواقعية والموضوعية فى إدارة علاقاتنا الخارجية، ففى الوقت الذى يجب ألاّ نحمّل طرفاً ما لا يستطيع تحمّله، فإنه من الأهمية بمكان عدم الارتماء فى أحضان قوى أو أطراف مما يحدّ من هامش التحرّك المطلوب لتحقيق مصالحنا القومية.
فالأفضل دائما هو تنويع علاقاتنا مع دول العالم كافة شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وألاّ ننسى فى ذلك إقامة أسس نظام عربى قوى ومتكامل وتنشيط العلاقات مع الاقتصاديات البازغة واستعادة العلاقات مع أفريقيا والانفتاح على آسيا وأمريكا اللاتينية.
سفير سابق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.