تشترى تليفونا جديدا، تقع فى حبه من أول نظرة ولا تستطيع فراقه حتى تنام، تستخدمه كساعة ومنبه وتطلع منه على تحديثات فيسبوك وتويتر، وتدردش عن طريقه مع اصدقائك وتتابع بريدك الالكترونى وتلتقط صورا ومقاطع فيديو، ويمر الوقت ربما عام أو عامان، ثم لا يلبث هذا السؤال أن يقفز إلى رأسك، متى علىَّ حقا أن أغير هذا التليفون، صحيح أنه يعمل بشكل جيد ويؤدى كل ما أحتاجه ولا أحتاجه، ولكن ثمة الكثير من التليفونات الأحدث والأكبر والأقوى والأجمل التى ظهرت بعده، فهل هذا وقت التضحية بتليفونك القديم، أم أن الأمر يستحق مزيدا من التفكير؟ مع ظهور كل جيل جديد من التليفونات المحمولة الذكية، فإن قدر الزيادة فى الجودة والإمكانيات يكون أقل من ذى قبل، المنافسة قوية والمستويات متقاربة، ولكن الشركات الصانعة للتليفونات تريد أن تكسب أكثر وتبيع أكثر، ولهذا تحاول دائما أن تبتكر لنا أسبابا وجيهة لشراء التليفونات الأحدث، وهو فكرة رأسمالية بحتة، ومع صعوبة ذلك وزيادة نسبة التشبع والرضا من التليفونات الذكية لدى الناس، إلا أن تلك الشركات تدهشنا كل يوم بأفكار وإمكانيات أكثر وأكثر، ولكن السؤال هل نحتاج فعلا لكل تلك الإمكانيات؟ إنهم يحاولون إقناعنا تعمل شركات التكنولوجيا على خلق الاحتياج والطلب على ما تنتجه من تليفونات، من قبل حتى خروجها للنور، وتحاول إقناع الزبائن بأن ما يتمتع به التليفون المقبل لا يمكن الحياة بدونه، وبالرغم من أنه ربما لديها الكثير من التقنيات والاضافات المهمة التى تحتفظ بها للمستقبل، فلا توجد شركة تريد أن تحرق كل ما لديها بسرعة، فقط تضيف تحسينات بسيطة مثل السرعة أو مساحة التخزين أو جودة الشاشة أو عمر البطارية، ولكن كل هذا لا يعنى أن التليفون الذكى الذى اشتريته قبل عامين لا يمكنه فعل كل ما تريد من مهام اساسية مثل تصفح الانترنت والاطلاع على البريد الالكترونى ومشاهدة الفيديو ولعب الألعاب وبالطبع الاتصال وارسال الرسائل، ولكن الأمر تخطى مسألة ما نحتاجه فعليا إلى ما نريده أو نتطلع إليه أحيانا. الشىء الآخر الذى تتأثر به قرارات الناس لاقتناء اجهزة جديدة هو الموضة وطريقة الحياة، فبعض التليفونات تمثل رمزا لحالة الأشخاص وذوقهم وتطلعاتهم، وبعض العلامات التجارية ترتبط بمستويات معينة من طرق ومستويات الحياة، والحقيقة أن هناك آلة جبارة من حملات الإعلانات وطرق التسويق التى ينفق عليها مليارات الدولارات لتوصيل هذه الأفكار وتثبيتها لدى الناس، كما أن الشركات تحاول استهداف فئات بعينها بتليفونات ذات مواصفات خاصة، كتلك التى تتميز بكاميرا قوية أو مقاومة للماء والصدمات وتلك الملونة بألوان زاهية وغيرها. وبالرغم من وجود عدد ضخم جدا من الوظائف والامكانيات الموجودة فى التليفونات الذكية، إلا أن العديد من الناس يستخدمون القليل جدا منها، وحسب دراسة بريطانية نشرت العام الماضى، فإن مستخدمى التليفونات الذكية يقضون ساعتين يوميا مع تليفوناتهم فى المتوسط، منها 25 دقيقة فى تصفح الإنترنت و17 دقيقة فى تصفح فيسبوك وغيرها من الحسابات الاجتماعية، و14 دقيقة فى لعب الألعاب، كما أن التليفون الذكى بدأ يحل محل أشياء اعتدناها لوقت طويل مثل الساعات وأجهزة التنبيه، فحوالى نصف المبحوثين قالوا إنهم باتوا يعتمدون على تليفوناتهم بدلا من تلك الاجهزة. ولكن فى الواقع ستجد أن كثيرا من مستخدمى التليفونات الذكية لا يلعبون الألعاب أبدا، ولا يشاهدون الأفلام على التليفون، ولا يتصفحون الانترنت ولا يستخدمون الخرائط أو نظام تحديد المواقع GPS ولا يصورون مقاطع فيديو، وما تفعله شركات التقنية والمتاجر هو إجادة فن البيع بإقناع المستخدمين بمدى حاجتهم لأجهزة لا يحتاجونها أبدا فى الواقع، فما معنى أن يكون هناك شخص يتصفح الانترنت عبر الكمبيوتر ويكتب ملفات ويرسل رسائل بريد الكترونى ثم يقتنى تليفونا محمولا بسرعة 2,4 جيجاهرتز بمعالج رباعى النواة، و8 جيجابايت رام، بالطبع لن يحتاج كل ذلك. وكذلك الأمر ان كنت فى الغالب تقوم بالمكالمات التليفونية وترسل الرسائل القصيرة وتعرف كم الساعة من تليفونك، فبالتأكيد لن تحتاج جهازا متقدما مثل جالاكسى إس 4 أو آى فون 5، فهذه أجهزة تحمل امكانيات أكثر بمراحل من هكذا مهام، ولا أقول لك لا تشترى تلك التليفونات الحديثة، فهى رائعة بالطبع، وبعض إمكانياتها يستحق النقود وأكثر، ولكن كل ما أقوله إنك ستنفق مبلغا لا بأس من المال عليها، فعليك أن تعرف ماذا تحتاج ومتى تحصل عليه. أسباب وجيهة للتغيير إليك بعض الأشياء التى قد تجدها سببا كافيا للترقية لتليفون جديد، من ضمنها أن يكون التليفون الذى تريد شراءه يحتوى على ميزة غير موجودة تماما فى تليفونك، مثل نظام التشغيل، فبعض التليفونات الذكية لا يمكن ترقيتها لأعلى من نسخ معينة، وبما أن أنظمة التشغيل تتطور بسرعة وتصنع فارقا كبيرا فى إمكانيات التليفون وسرعته، فقد تحتاج يوما ما للقيام بهذه التضحية من أجل الاستمتاع بنظام التشغيل فى أحدث نسخة. كذلك يمكنك التفكير فى تليفون جديد إن كنت غير مرتاح للكتابة على شاشة لمسية أو الكتابة على لوحة مفاتيح حقيقية، أو إن كان عمر البطارية فى تليفونك الحالى قصيرا بطبيعته، وانت تريد تليفونا عمر بطاريته طويل، كذلك الامر بالنسبة لجودة الكاميرا إن كنت تعتمد عليها بشكل دائم، أيضا إن كان لديك مشاكل بالنظر، وشاشة تليفونك الحالى غير واضحة او صغيرة، فمن الممكن شراء تليفون بشاشة أكبر وأوضح. أسئلة قبل الشراء إليك بعض الاسئلة التى تحتاج لإجابتها قبل التفكير فى تليفون جديد، اسأل نفسك ان كان تليفونك الحالى يمكن ترقية نظام التشغيل الخاص به أم لا، فالترقية إلى النسخة الأعلى من نظام التشغيل سواء أندرويد أو آى أوه إس أو غيرها من شأنها أحيانا أن تجعلك تشعر بأنك تحمل تليفونا جديدا تماما. كذلك اعرف عيوب تليفونك وان كان يمكن تصليحها بميزانية محدودة مثل تغيير البطارية بأخرى جديدة، أو تغيير غطاء التليفون الخارجى، أو اضافة مساحة تخزين اضافية عليه، أو تزويده بتطبيقات جديدة وملفات صور وموسيقى وغيرها. من المهم أن تقرر قبل استبدال تليفونك بتليفون جديد ما الذى ينقصك فى التليفون القديم وتريد تعويضه فى الجديد، لا تشتر تليفونا فقط لأن شكله يعجبك، أو أن أحدهم أخبرك أنه ممتاز، بالاضافة لكل هذا يجب أن تعرف جيدا عن امكانيات التليفون الذى تفكر فى شرائه وأن تقارنه بتليفونات أخرى ليمكنك تقرير أيها أفضل لك من حيث الامكانيات والسعر والشكل. توجد أيضا تليفونات جيدة فعلا وتستحق الاقتناء، ولكنها قد تكون غير منتشرة كفاية، مما قد يسبب لك المتاعب عند صيانتها أو شراء مستلزماتها، فلا بأس من الشعور بالتميز، ولكن صدقنى لن تشعر بأى تميز وأنت تبحث عمن يخبرك لماذا لا يعمل تليفونك أو وأنت تشترى بطارية بنصف ثمن تليفون جديد. كذلك يجب أن تضع فى اعتبارك حجم التليفون، فالتليفونات ذات الشاشة الكبيرة (الفابلت) شائعة الانتشار الآن، ولكنها بالإضافة لسعرها المرتفع نسبيا، ليست الخيار الأفضل للبعض ممن لا يحتاجون شاشات بهذا الحجم، أو لن يكون مريحا لهم التحرك بها وحملها فى جيوبهم، فالمزايا والعيوب تختلف من شخص لآخر. إن كنت من الساعين للكمال، فيجب أن تعلم أن هذا شىء غير ممكن فى عالم التقنية، فلن يمكنك اقتناء أحدث الأجهزة لوقت طويل، حيث تظهر دوما وسريعا أجهزة أخرى أحدث وأفضل، وسيكون صعبا عليك ملاحقة شىء كهذا طوال الوقت. لمعرفة خصائص وامكانيات اى تليفون محمول يمكنك زيارة هذا الموقع: www.gsmarena.com