حاولت إسرائيل على المستوى الرسمي منذ الأول من يوليو الماضي، وغداة خروج الملايين من المصريين إلى الشوارع مطالبين بإسقاط نظام الرئيس المعزول محمد مرسي، الابتعاد عن الصراع الدائر في مصر، فأمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزراء حكومته، بعدم الإدلاء بتصريحات صحفية تتعلق بالوضع في القاهرة". لكن أوامر نتنياهو لم تحل بالطبع دون نشر تحليلات سياسية لكثير من المسؤولين الأمنيين السابقين أو المعلقين المختصين بالشأن المصري، بعضهم وثيق الصلة بالمؤسسة الحاكمة، لما يحدث في مصر. وتراوحت هذه التعليقات بين اعتبار عزل مرسي خسارة كبيرة لإسرائيل، في مقابل آخرين نظروا لما جرى بأنه عودة لعهد الرئيس الأسبق حسني مبارك عبر انقلاب عسكري، وهو في مصلحة إسرائيل". في الوقت نفسه، لم يخف بعض المحللين الإسرائيليين سعادتهم بحالة الانشقاق التي يعيشها المجتمع المصري، والإنهاك الذي يعاني منه الجيش الذي يواجه الجماعات الإرهابية في سيناء، إضافة للإخوان سياسيًّا. ووصل الأمر بأحد المتخصصين في الشأن المصري إلى القول: إن «الجيش المصري في طريقه إلى التفكك، وأن مصر ستتحول إلى سوريا أخرى». لكن في المقابل بدا أن كلًّا من طرفي الصراع في مصر يحاول استغلال كراهية المصريين لإسرائيل في صالحه، فبدأ في «فبركة» أخبار منسوبة إلى وسيلة إعلام إسرائيلية أو تحريفها، بهدف تشويه الطرف الآخر، واتهامه بأنه حليف إسرائيل ويخدم مصالحها. لم يلجأ الإعلام المؤيد للثورة لهذا الأسلوب إلا نادرًا، في الوقت الذي أسرف فيه الجهاز الإعلامي المتعاطف مع الإخوان في استخدامه. قبل عدة أيام نشرت إحدى الصحف على موقعها خبرًا، بأن مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي جاكي حوجي، موجود داخل اعتصام الإخوان في ميدان رابعة العدوية، وأنه بث تقريرًا من داخل الاعتصام، وأن مراسل صحيفة «معاريف» جدعون كوتس، موجود هو الآخر في ميدان رابعة والتقى بجهاد الحداد، المتحدث باسم الإخوان. وبمراجعة الخبر المنشور على موقع الجيش الإسرائيلي تبين أن جاكي حوجي لم يفعل سوى نقل ما ذكره الإعلام المصري عن تضارب أعداد القتلى في أحداث طريق النصر، وأن الخبر ليس فيه إشارة واحدة إلى وجوده في القاهرة، وهو ما دفع الصحفي الإسرائيلي إلى إصدار بيان نفى فيه وجوده في مصر، ودعا وسائل الإعلام المصرية إلى تحري الدقة فيما تنقله. كما تبين أن مراسل «معاريف» دخل مصر بجواز سفر فرنسي، وليس بجواز سفره الإسرائيلي، بعد أن اعتقل أثناء تغطيته لأحداث ثورة يناير. وعلى الجانب الآخر كانت الآلة الإعلامية للإخوان أو المتعاطفين معهم أكثر استخدامًا لأسلوب «فبركة الأخبار»، ومما يبعث على الدهشة أن محللًا معروفًا للشؤون الإسرائيلية اشتهر بكتابة تحليلاته في المواقع الإسلامية كان أكثر من لجأ إلى هذا الأسلوب. ومن الأخبار المكذوبة «الإذاعة الإسرائيلية: السفير الإسرائيلي في القاهرة اتصل بوزير الزراعة المصري أيمن أبو حديد، وهنأه بتوليه لمهام منصبه، مؤكدًا أن شعب إسرائيل ينظر لعبد الفتاح السيسي على أنه بطل قومي ليس لمصر فقط، وإنما لدى كل اليهود في إسرائيل». وأيضًا: «إذاعة الجيش الإسرائيلي: رئيس المخابرات العسكرية أفيف كوخافي يبحث في زيارته لواشنطن سبل تقديم العون لقادة الانقلاب العسكري في مصر».