أدانت منظمة هيومان رايتس ووتش، أحداث العنف التي حدثت صباح أمس السبت بمحيط ميدان رابعة وطريق النصر، والتي قتل على أثرها 74 على الأقل من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي. وقالت المنظمة، في بيان لها اليوم الأحد: إنه يجب على الحكومة المصرية المؤقتة والجيش إعطاء الأوامر فورًا لوقف استخدام الرصاص الحي إلا في حالات الضرورة القصوى للحفاظ على حياة الناس. وقامت منظمة هيومان رايتس ووتش، بالتحدث مع سبع شهود على الواقعة وراجعت العديد من الفيديوهات الخاصة به، وحسب بعض الأطباء الذين استعانت بهم المنظمة، فإن حالات القتل كانت عن عمد بسبب استهداف أماكن في الجسم تؤدي إلى القتل، حيث تم استهداف وقتل المتظاهرين على مدار 6 ساعات من الاشتباكات مع قوات الأمن المركزي. كما أخبر أطباء المستشفى الميداني، المنظمة بأن معظم الطلقات كانت في الرأس والرقبة والصدر، وقال أربع أطباء: إن زاوية إطلاق النار يبدو أنها كانت من الأعلى. وأعلنت وزارة الصحة، أن عدد الوفيات من المدنيين وصل إلى 74 قتيلًا، في حين أكد وزير الداخلية، في مؤتمر صحفي ظهر أمس، أن الشرطة لم توجه السلاح في صدر أي متظاهر على الإطلاق. وفي إطار ذلك، قال نديم حوري، مدير المنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إنه يستحيل أن يموت كل هذا العدد من الناس بدون وجود نية للقتل، أو استخفاف بأرواح الناس بشكل إجرامي على أقل تقدير. وحسب 7 شهود تحدثت معهم المنظمة، فإن المتظاهرين قاموا بإلقاء الحجارة وقنابل الغاز على الشرطة، وقال وزير الداخلية: إن ضباط شرطة أصيبوا بشكل بالغ من طلقات نارية. وذكر الشهود والأطباء الميدانيين، أن إطلاق النار على المتظاهرين بدأ في حوالي الواحدة صباحًا، ويقول الشهود: إنها استمرت حتى السابعة صباحًا. وحسب شهود العيان، فإن المواجهات بين المتظاهرين وبين الشرطة وأفراد بزي مدني معها، بدأت في حوالي الحادية عشرة مساءً، عندما تحرك مؤيدو مرسي نحو منزل كوبري 6 أكتوبر في طريق النصر، ثم قامت قوات الشرطة المتمركزة تحت الكوبري بإطلاق قنابل الغاز على الحشود، ولمدة ساعتين أشعل المتظاهرون النيران في السيارات وألقوا الحجارة، بينما أطلقت الشرطة الخرطوش والمزيد من قنابل الغاز. وأوضح أحد الأطباء المصاحبين للمسيرة، أنه بعد ساعتين بدأ إطلاق الرصاص الحي من موقع بدا مرتفعًا، ربما كان من مبنى قريب، وهو ما أكده شاهدان آخران واللذين أضافا أن الموقف كان مختلفًا عن أحداث الحرس الجمهوري، حيث كان إطلاق النار في معظمه عشوائي وليس من قناصة، أما هذه المرة فكان معظم القتل من قناصة وعن قصد. وتأتي هذه الأحداث مباشرة بعد إعلان وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم أن الوزارة تنوي فض اعتصام أنصار مرسي في رابعة والنهضة قريبًا وبطريقة قانونية، وقبلها كان الرئيس المؤقت عدلي منصور، في تصريح لقناة الحياة، أن الحكومة لا يمكن أن تقبل بتهديد الأمن وقطع الشوارع والكباري، ومهاجمة المنشآت العامة، وأن الدولة عليها فرض النظام بكل قوة وحسم. ويصف شهود العيان أصوات الطلقات المتتالية وتساقط الرجال، بينما أشار "إبراهيم" أحد الأطباء الميدانيين إلى أن "الساعة 11 مساء أطلقت الشرطة الخرطوش والقنابل المسيلة للدموع التي استمرت لفترة ثم بدأ إطلاق الرصاص الحي". وكشف الشهود أن المشهد كان مظلمًا والهواء مثقل بالغاز المسيل بشكل حجب الرؤية، وأن إطلاق النار كان من أماكن مرتفعة ومن الشرطة المتمركزة أمامهم، وبدءًا من الساعة الواحدة والنصف تقريبًا أخليت بنفسي خمسة رجال مصابين بطلقة في الرأس". وحوالي الساعة 1:45 وصل أول قتيل إلى مستشفى رابعة الميداني، وقال أربعة أطباء من المستشفى الميداني: إن القتلى والمصابين بدءوا في الوصول بشكل منتظم للمستشفى بدءًا من الثانية صباحًا تقريبًا، وحتى السابعة أو الثامنة صباحًا. كان ممثلو منظمة هيومان رايتس ووتش، قد وصلوا إلى مستشفى رابعة العدوية في حوالي الرابعة والنصف فجرًا ليجدوا أعدادًا منتظمة من المصابين تأتي للمستشفى، وخلال نصف ساعة دخل ثمانية رجال بطلقات نارية، منهم خمسة بطلقات نارية في الرأس والرقبة والصدر، وخلال الساعتين والنصف التاليتين شهد ممثلوا المنظمة ستة قتلى جاءوا من الخط الأمامي للمواجهات، منهم اثنان أعمارهم 22 و 17 عامًا تلقوا رصاصات في جباههم، والأربعة الآخرون بطلقات في الصدر والبطن. ويعلق حوري، قائلًا: "فتح النار لمدة ساعات ليس أسلوبًا للتعامل مع مدنيين قاموا أساسًا بإلقاء حجارة وقنابل غاز، ولو كان هذا ما تعنيه الإدارة الجديدة بالرد القانوني، فهذا يضعنا أمام أيام أكثر سوءًا قادمة". ولفت وزير الداخلية محمد إبراهيم في مؤتمره الصحفي أمس، إلى أن "المتظاهرين حاولوا إغلاق الكوبري ونجحنا في إعادتهم للخلف باستخدام قنابل الغاز فقط، وفي هذه اللحظة فوجئنا بإطلاقهم للرصاص الحي والخرطوش وإلقاء الحجارة على القوات، وهذا استمر لبعض الوقت، ثم جاء بعض المواطنين من مناطق قريبة لتشتبك معهم، واستمر الكر والفر معنا في محاولة للفصل بين الجانبين حتى ساعات الصباح". وأضاف الوزير "لدينا عدد كبير من الجرحى في صفوف الشرطة بالخرطوش والرصاص الحي، ربما يكون الأخطر إصابة بينهم ضابطين موجودين في مستشفى مدينة نصر حاليًّا، أحدهما تلقى في الرأس، بالإضافة لطلقات الخرطوش في معدته"، مؤكدًا أن الشرطة لم تطلق النار أبدًا على أي متظاهر. وخلال الأعوام الماضية قامت منظمة هيومان رايتس ووتش بتوثيق إطلاق الرصاص الحي والخرطوش من الأمن المركزي، بما فيها أحداث يناير 2011، نوفمبر 2011، وأحداث شارع محمد محمود التي خلفت 45 قتيلًا وأحداث يناير 2013 في بورسعيد والتي خلفت 46 قتيلًا. وحسب المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تنطبق على مصر في كل المرات السابقة، فإنه ينبغي على كل المسؤولين بحكم القانون اتخاذ خطوات مسؤولة لحماية الأرواح، خاصة عن العلم بتهديدات معينة، وأنه يجب تقنين استخدام القوة المفرطة في الحالات الضرورية فقط. ويظهر تكرار استخدام العنف المفرط من الشرطة وفشلها في تقليل الخسائر المدنية أهمية إعادة تشكيل القطاع الأمني وعلى مسؤوليته عن التجاوزات التي حدثت من الشرطة والجيش.