تعاون بين «التعليم العالي» و«الروس آتوم» الرائدة في التكنولوجيا النووية    شروط القبول ببرنامج نظم المعلومات الأثرية ب«آثار القاهرة»    ميناء دمياط يستقبل 38 سفينة متنوعة    مسئول أمريكي: بايدن على استعداد لإعادة فتح مخزون النفط حال استمرار ارتفاع أسعار البنزين    "تموين الإسكندرية": غرفة عمليات لمتابعة الأسواق خلال عيد الأضحى    الآن.. سعر الدولار اليوم الإثنين 17 يونيو 2024 مقابل الجنيه في مصر    الصين تتهم الفلبين بتعمد انتهاك مياهها الإقليمية    «يونيو» أسود على جيش الاحتلال الإسرائيلي.. قتلى بالجملة على جبهتي غزة ولبنان    الإنفاق على الأسلحة النووية يرتفع مع تصاعد التوترات العالمية ليبلغ 91 مليار دولار    نائبة الرئيس الأمريكي: أمتنا محظوظة بكونها موطنًا لملايين المسلمين    الجمهور سيزين المدرج.. رحلات مجانية من الأهلي والاتحاد السكندري إلى برج العرب    إقبال كثيف على مراكز شباب المنيا في ثاني أيام عيد الأضحى    عاجل.. مفاجأة في تشكيل الزمالك المتوقع أمام المصري    نابولي يصدر بيانا شديد اللهجة بشأن رحيل نجمه    تحرير 253 محضرا تموينيا بالمنوفية    الداخلية توجه ضربات أمنية لضبط حائزي المواد المخدرة ب9 محافظات    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    فسحة للقناطر بالأتوبيس النهرى والسعر على أد الإيد.. فيديو    تخطى حاجز ال18 مليون جنيه.. "ولاد رزق" يحقق أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما المصرية    «بطل مسلسل إسرائيلي».. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    غدا.. عزاء الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز في مسجد النزهة بمدينة نصر    أدعية أيام التشريق.. «الإفتاء» تحدد عددا من الصيغ المستحبة    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    عميد طب القاهرة ومدير مستشفى الطوارئ يتفقدان مستشفيات قصر العينى    ب 400 جنيه إسترليني.. علماء يطورون سماعة رأس لعلاج أعراض متلازمة «صدمة الحب»    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    كيف تتجنب المشكلات العائلية خلال أيام العيد؟.. خبير التنمية البشرية يجيب    الغردقة تتألق صيفًا بنسب إشغال قياسية وإجراءات سلامة مشددة على الشواطئ    روسيا: لن نسمح بإعادة آلية فرض قيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    اعرف آخر وقت لتقديم الأضحية ودعاء النبي وقت الذبح    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    مسؤولون بغزة: قوات الاحتلال قتلت أكثر من 16 ألف طفل خلال الحرب على القطاع    نصيحة في كبسولة.. الخطوات اللازمة لتجنب الإصابة بأمراض القلب    محافظ المنوفية: إطلاق مبادرة "الأب القدوة" ترسيخا لدور الأب    وزير الإسكان: جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعا    مصرع وإصابة 4 في حادث أسفل محور عدلي منصور ببني سويف    7 معلومات عن الطيار حسن عدس المتوفى بعد الهبوط في جدة.. «مكملش 40 سنة وغير متزوج»    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    بدء دراسة كبيرة حول التغذية النباتية في البلدان الناطقة بالألمانية    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    مدير مجازر الإسكندرية: استقبلنا 995 ذبيحة في أول أيام عيد الأضحى.. والذبح مجانًا    حسم موقف سيرجو روبيرتو من الرحيل عن برشلونة    مصرع طفل صعقا بالكهرباء خلال شرب المياه من كولدير في الفيوم    بعد قرار كولر.. الأهلي يفتح باب الرحيل أمام أليو ديانج للدوري السعودي    إسرائيل تبحث اتخاذ خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية بينها الاستيطان    جندي إسرائيلي يتخلص من حياته بعد عودته من الحرب في غزة    أسعار الخضراوات اليوم 17 يونية في سوق العبور    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    الجونة يستضيف البنك الأهلي لمداواة جراحه بالدوري    فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما المصرية    الدولار يسجل 47.75.. أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه اليوم    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    «زي النهارده».. وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوى 17 يونيو 1998    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة الببلاوى ومداخل إصلاح مالية الحكومة المصرية
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 07 - 2013

يعد تردى الوضع المالى للدولة المصرية أحد أهم التحديات التى تواجه حكومة الببلاوى. فالعام المالى المنصرم (2012/2013) شهد زيادة فى عجز الموازنة العامة للدولة ليصل إلى 11.5% من الناتج المحلى الإجمالى، فى حين تعدى إجمالى الدين العام المحلى والأجنبى 85% من الناتج المحلى الإجمالى.
فى الوقت نفسه فإن هيكل الموازنة العامة للدولة لا يتيح هامشا مناسبا لإجراء تعديلات جوهرية فى السياسة المالية، وهو ما يعود بالأساس إلى زيادة معدل الالتزامات المالية التى لا تستطيع الحكومة التخلص منها فى الأجل القصير، وهى بالأساس رواتب العاملين فى أجهزة الدولة وفوائد الدين العام وفاتورة الدعم الحكومى، وتمثل هذه الالتزامات مجتمعة ما يقارب 81% من إجمالى الإنفاق الحكومى وفقا لموازنة العام المالى 2013/2014.
كذلك فإن الوضع الاقتصادى العام لن يساعد الحكومة الجديدة فى التعامل مع قضية العجز فى الموازنة العامة للدولة من خلال الآليات التقليدية، فعلى الرغم من التوقعات بأن يحقق الناتج المحلى الإجمالى زيادة بمعدل 2.5% خلال العام المالى الحالى، فإن المؤشرات الخاصة بتوقع أداء قطاع الأعمال وإحصاءات التوظيف والدخول لا تشير إلى إمكانية كبيرة فى زيادة عائدات الحكومة من ضرائب الدخل والشركات.
كذلك فإن إعداد الموازنة على جانب الإيرادات شهد تضخيما فى العائدات المتوقعة من الضرائب العقارية وضرائب المناجم والمحاجر وضرائب المبيعات على افتراض أن مجلس الشورى الذى تم حله سيكون قادرا على إصدار التشريعات التى تمكن من تحقيق ذلك.
ولكون حكومة الببلاوى قد جاءت لتلبى العديد من المتطلبات الخاصة بالعدالة الاجتماعية إلى جانب العمل على تحفيز الاقتصاد، فإن التعامل مع الملف الضريبى سيكون تعاملا حذرا للغاية، كما أن إمكانية تقليص النفقات تبدو بعيدة المنال، حيث إن حكومة ما بعد الموجة الثانية من الثورة قد تجد نفسها أمام طوفان من الزيادة المتوقعة فى الإنفاق العام.

إصلاحات ممكنة
ورغم تعقد المشهد المالى والاقتصادى الحالى فى مصر، فإن هناك العديد من الإصلاحات التى يمكن للحكومة الجديدة تبنيها فيما يتعلق بالإدارة المالية الحكومية والتى قد تقود إلى تحسين أداء الموازنة وتقليص عجز الموازنة خلال السنوات المالية القليلة المقبلة وذلك على النحو التالى:
أولا: إن هناك حاجة ملحة لزيادة كفاءة الإنفاق العام وإحكام السيطرة على عمليات تنفيذ الموازنة العامة للدولة. فمن خلال المراقبين الماليين والوحدات الحسابية المنتشرة فى جهات الإنفاق المختلفة، تستطيع وزارة المالية إحكام الرقابة على تنفيذ الموازنة بحيث يتم تقليص تجاوز الربط فى الإنفاق على بنود الموازنة المختلفة ووضع نظام صارم ينظم إمكانية وحدود التجاوز إذا كان ذلك ضروريا. كذلك فإن وزارة المالية عليها المضى قدما فى مشروع ميكنة الموازنة العامة للدولة بشكل يقود إلى إحكام السيطرة بشكل أوتوماتيكى على تنفيذ الموازنة ويمنع التجاوزات.
ثانيا: إن هناك حاجة للتعامل مع قضية الصناديق والحسابات الخاصة سواء تلك المدرجة فى الموازنة العامة للدولة أو الحسابات خارج الموازنة. فمنذ ثورة يناير 2011 كانت هناك دعوات متكررة بضم الحسابات والصناديق الخاصة إلى الموازنة. إلا أن قضية الحسابات والصناديق تتطلب دراسة متأنية لكل نوع من أنواع الحسابات لمعرفة ما يجب الإبقاء عليه لأسباب موضوعية، وما يجب ضمه للموازنة، وما يجب إلغاؤه. فى الوقت نفسه لا بد من وضع خطة تنفيذية تأخذ فى اعتبارها الالتزامات الخاصة بأنواع الصناديق المختلفة مع صياغة قواعد حاكمة للوائح المالية لهذه الصناديق. إن إصلاح منظومة الصناديق والحسابات الخاصة، وليس اتخاذ قرار عشوائى بضمها أو إلغائها، سيؤدى إلى زيادة الموارد الحكومية والحد من الإنفاق العشوائى على نفس النشاط الحكومى من عدة مصادر.
ثالثا: إن أحد إهم مداخل زيادة كفاءة الإنفاق الحكومى وتحقيق الوفورات المالية مع زيادة العائد من الإنفاق هو عملية إعداد الموازنة نفسها. فالموازنة فى مصر هى عملية شكلية بامتياز. فبداية كيف يمكن الحديث عن إعداد موازنة دون تحديد مبلغ معين لكل جهة من الجهات لإعداد موازنتها فى حدوده؟ وكيف يمكن الحديث عن موازنة وإنفاق لا يرتبط بنتائج ومؤشرات أداء محددة؟ وكيف يمكن مساءلة القيادات عن أدائها دون وضع قواعد شفافة تمكنها من النقل بين البنود والمجموعات المختلفة فى الموازنة؟ وأخيرا وليس أخرا، كيف يمكن الحديث عن مساءلة مع تدنى مستويات الشفافية والمشاركة المجتمعية فى إعداد الموازنات؟ إن التعاطى مع ملف إعداد الموازنة العامة للدولة والأدوار المختلفة للفاعلين لا بد أن يأخذ حيزا من اهتمام الحكومة الجديدة، وخصوصا مع كون الموازنة أداة سياسية ومجتمعية للمساءلة قبل أن تكون أداة مالية.
رابعا: تعتزم الحكومة إنفاق 30.7 مليار جنيه على السلع والخدمات، وإنفاق 63.7 مليار جنيه على الاستثمارات والصيانات الجسيمة وفقا لموازنة العام المالى 2013/2014. وتقوم الحكومة بالشراء وفقا للقواعد المنصوص عليها فى قانون المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية، إلا أن العديد من الدراسات والبحوث وتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات تشير إلى العديد من أوجه القصور التى تعترى نظم الشراء الحكومى المعمول بها والقواعد التى ينص عليها القانون. وبناء على ذلك تبدو مراجعة منظومة الشراء الحكومى قضية ملحة فى إصلاح المالية الحكومية.
خامسا: إن وزارة المالية عليها البدء فى تعزيز علاقاتها التكاملية والتنسيقية مع الوزارات والأجهزة ذات العلاقة المباشرة بإدارة المالية الحكومية. فعل سبيل المثال وليس الحصر، لابد لوزارة المالية التنسيق مع البنك المركزى لضمان التناغم بين السياسات المالية النقدية وتقليص تكلفة تمويل أنشطة الموازنة وعمليات الاقتراض الداخلى والخارجى. ويبدو هذا التنسيق أكثر أهمية فى ظل تحديد كيفية الاستفادة من الدعم المالى الخارجى الذى تتوقع مصر الحصول عليه من دول الخليج العربى والمؤسسات الدولية والجهات المانحة خلال الفترة الحالية. كذلك لا بد لوزارة المالية من توثيق التعاون مع الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة لإعادة هيكلة الباب الأول فى الموازنة والمتعلق بالأجور والتعويضات والذى يعانى من فوضى عارمة رغم أن هذا الباب يمثل 25% من إجمالى الإنفاق العام. فى الوقت نفسه فإن التعاون مع وزارتى التخطيط والتعاون الدولى بشأن تمويل الاستثمارات الحكومية، وتنسيق أعمال وأنشطة الجهات المانحة التى تعمل مع الوزارة، والتعامل الجاد والبناء مع الأجهزة الرقابية وعلى رأسها الجهاز المركزى للمحاسبات هى قضايا تكتسب نفس القدر من الأهمية.
وبشكل عام فإن الإصلاحات المقترحة تمثل مجموعة من الخيارات السريعة التى يمكن للحكومة الجديدة البدء فيها بشكل فورى لتحقيق نوع من الانضباط المالى وكفاءة الإنفاق والوفورات المالية التى قد تقلص من العجز فى الموازنة العامة للدولة، إلا أن إصلاح المنظومة الكلية للمالية العامة فى مصر يتطلب مجموعة أخرى من الإصلاحات الهيكلية تتعلق بقواعد المحاسبة الحكومية المعمول بها، ونظم التدقيق المالى الداخلى التى لا تمتلكها وزارة المالية، والأخذ بسياسات اللامركزية المالية التى تفتح آفاقا أوسع للكفاءة الاقتصادية وتدفق التمويل إلى المستويات المحلية، والتحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى، والتحول لموازنات البرامج وما يرتبط بها من أطر للإنفاق متوسط الأجل والموزانات متعددة السنوات.

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.