مع استمرار أزمة نقص البنزين فى محطات الوقود، وتزايد الاشتباكات داخلها حول أولوية الحصول عليه، يعيش أصحاب محطات البنزين حالة من الرعب، فى ظل غياب أمنى تام، وتطور الاشتباكات استخدام الأسلحة النارية فى عدد من الأماكن، حيث أصيب سائق بطلق نارى بالقدم، فى مشاجرة مع أحد العاملين بمحطة وقود فى مدينة نصر، فيما أشعل سائق إحدى سيارات النقل النار فى محطة بكفر الشيخ بعد فشله فى الحصول على الوقود، وهو ما أسفر عن إصابته بحروق. «الشروق» قامت بجولة فى عدد من محطات الوقود، رصدت خلالها غيابا أمنيا ملحوظا، مع تزايد أعمال العنف من جانب سائقى سيارات الأجرة، التى أدت إلى اشتباكات مع سائقى سيارات الملاكى، الذين تصدوا لهم.
سيارات تغلق الشارع، وآلات تنبيه لا تنقطع، وسط سخط وانزعاج سائقى السيارات، الذين أعربوا عن غضبهم من نقص الوقود باستخدام «الكلاكسات» والمشادات الكلامية.. كان هذا هو المشهد الأول فى إحدى محطات الوقود بمنطقة العجوزة فى الجيزة، التى استمر العاملون فيها يتنقلون بين السيارات، قبل أن يأتى أحد الأشخاص المخالفين، فى محاولة للحصول على الوقود، فيتصدى له العامل، بدعم من السائقين الآخرين، الذين يحتجون بإطلاق «الكلاكسات»، وأحيانا بالدخول فى مشادات كلامية مع المخالفين.
التقت «الشروق» مدير المحطة، سيد محمود، الذى أكد أن المشاجرات أصبحت أمرا طبيعيا داخل المحطة فى هذه الأيام، وأنه اعتاد عليها، موضحا أن «المحطة تشهد يوميا أكثر من 50 مشادة كلامية ومشاجرة بين العاملين والسائقين، ومعظمها من جانب أشخاص مخالفين يريدون ملء سياراتهم قبل الآخرين، وفى هذه الحالة يحاول العاملون تهدئة الأوضاع قبل تأزمها، لكنها تصل أحيانا إلى الاشتباك بالأعيرة النارية.
ويقطع حديث مدير المحطة أحد العاملين بها، يبدو على ملامحه الإجهاد، ويمسك فى يده عصا خشبية، قائلا «السائقون يبلطجون، ويريدون الدخول بالقوة، تعالى لترى»، وفى نفس الوقت شاهدنا محاولة من بعض سائقى الأجرة لإلقاء الحواجز الحديدية، للدخول إلى المحطة من جهة منفذ الخروج، وهو ما أدى لدخول عدد من المواطنين فى مشاجرة معهم، وبعد 15 دقيقة من المشادات، تم إقناع سائقى الأجرة بالتراجع حتى لا يتم تعطيل خروج السيارات، وقال مدير المحطة «هذا هو حالنا يوميا، نحتاج إلى عناصر من الشرطة لحماية المحطات».
وفى مركز أبوالنمرس بالجيزة، رفعت إحدى محطات الوقود لافتة «خارج الخدمة للإصلاحات»، حيث قال صاحبها، الذى فضل عدم ذكر اسمه، إنه فضل إجراء إصلاحات على المحطة، مع بداية أزمة البنزين والسولار، خوفا من الاشتباكات التى تحدث عادة فى تلك الأزمات، موضحا «فى أوقات نقص الوقود، تحدث مشاجرات كثيرة، تسفر أحيانا عن سقوط قتلى، وهو ما عانينا منه كثيرا، خاصة مع غياب الأمن الذى لا يظهر لتنظيم وإدارة وحماية المحطات فى تلك الأوقات، لذلك فضلت عدم تسلم حصة المحطة، والإصلاحات لن تنتهى إلا بانتهاء الأزمة، وعودة الأمور إلى طبيعتها».
ومن جهته، طالب الخبير الأمنى العميد محمود قطرى، بأن تخصص وزارة الداخلية أفرادا مدربين لتأمين محطات الوقود، ومنع الاشتباكات وتنظيم عملية التعبئة بها، والحد من عمليات البلطجة التى تحدث داخلها، موضحا «فى أى مكان يوجد فيه المواطنون، لابد أن توجد الشرطة لحمايتهم والدفاع عنهم، وهو أحد مبادئ العلوم الشرطية، فلابد أن تلبى الشرطة حاجات المواطنين للحماية والتأمين، وعدم رفع يدها عن المسئوليات المكلفة بها».
وأشار قطرى إلى أن «الشرطة من مهامها منع الجريمة قبل وقوعها، وتأمين المناطق التى يوجد بها المواطنون بكثرة، ومعرضة لوقوع اشتباكات»، مطالبا كل قسم شرطة بأن تخصص قوات نظامية لحماية المحطات الواقعة فى دائرتها.