• تعمل لجنة الصناعة والطاقة على ملفات متعددة منذ تشكيل مجلس الشورى عقب ثورة 25 يناير.. إلا أنه حتى الآن لم يتم الإعلان عن قرارات ملموسة أو حلول نهائية تمس الصناعة او تحسن من أحوالها... بماذا تفسر ذلك؟ ورثنا تركة ثقيلة جدا من الملفات المعقدة والمتداخلة. المنظومة الصناعية بها تشوهات كبيرة، تراكمت على مدار السنوات، أهمها غياب العدالة الاجتماعية فى جميع الجوانب، فى علاقة صاحب المصنع بالعمال، وأنا هنا أقصد الطرفين، فكل منهما له دوره فى الخلل الموجود فى المنظومة الصناعية.
كما أن العدالة غائبة فى توزيع الطاقة وتفى توزيع الدعم. دائما ما كان هناك فئة قليلة تستأثر بالمزايا والدعم المقدم للمصنعين على حساب أغلبية صغيرة وضعيفة.ومعالجة كل هذه التشوهات ليس مهمة سهلة بل تحتاج إلى صياغة قوانين جديدة، والتفاوض مع جهات عديدة، ولا يجب هنا أن نغفل البيروقراطية وبطء الأداء، لا سيما مع عدم رغبة أى مسئول فى تحمل المسئولية تفاديا للمساءلة.
• وما هو دوركم فى اللجنة لمعالجة هذه التركة والنهوض بقطاع الصناعة؟
قررنا فى اللجنة أن نعمل على معالجة التشوه الموجود فى القطاع كله، فالترقيع ليس إلا حلا مؤقتا، لن يؤدى إلى النهوض بالصناعة. ولذلك قررنا حصر الهيئات المختلفة التابعة لوزارة الصناعة، والمهام المكلفة بها، ومدى نجاحها فى تحقيق مهامها.
ونقوم بدراسة كل ملف بكافة تفاصيله وجوانبه، من احتياجات الطاقة وحجم استهلاكها، والعاملين، والقوانين، ونسعى من خلال هذا التناول الجديد لتحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة منذ سنوات فى القطاع الصناعى. وكان عندنا ملف ملح جدا بعد الثورة، طالما تم إهماله، وهو وضع العمالة فى القطاع الصناعى، خاصة أن الثورة اندلعت بسبب غياب العدالة الاجتماعية.
الأسمدة والطاقة
• قطاع الأسمدة من الملفات الشائكة التى تتعامل معها اللجنة، لا سيما مع اتجاه بعض الشركات لمقاضاة مصر بسبب رفع سعر الغاز مخالفة للعقد المبرم بينها وبين الحكومة، فكيف تديرون هذا الملف؟
قامت الحكومة المصرية برفع سعر الغاز الموجه لشركات الأسمدة، شأنها شأن جميع المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، وهذا تصرف طبيعى فى هذه المرحلة الصعبة خاصة مع ارتفاع أسعار الغاز عالميا، ومشكلة نقص الطاقة التى تواجهها البلاد، لا سيما أن العقود المبرمة مع تلك الشركات تعد أحد بنود التركة الثقيلة التى ورثناها من نظام مبارك.
ولم يكن رد فعل سليم أن تتجه بعض هذه الشركات إلى التحكيم الدولى دون تفاوض، ولقد وصلنا هذه الرسالة إلى الشركات.نحن نريد تحقيق المعادلة السليمة لقطاع الأسمدة، وفض الاشتباك بين جميع الأطراف والذى يؤدى كل عام إلى أزمة سماد فى السوق.
كيف نحقق سعر عادل للغاز، ونوفر السماد للفلاح بسعر جيد، مع مراعاة سعر التصدير، وشركات قطاع الاعمال التى تمدنا بالجزء الأكبر من احتياجات السوق، والقطاع الخاص. إننا نريد للمستثمر أن يكسب، وللفلاح أن يحصل على الدعم، وللسوق المحلية أن تتوافر احتياجاتها، ونريد القضاء على السوق السوداء التى تنشأ بسبب امتناع شركات القطاع الخاص عن البيع لوزارة الزراعة نتيجة انخفاض الأسعار التى تشترى بها.
• وهل نجحتم فى تحقيق ذلك؟
قررنا أن نقوم بمزيج من فرض رسم صادر على ما تصدره الشركات من أسمدة وبين إعادة تسعير الغاز مرة أخرى لتحقيق المنظومة العادلة، والحقيقة أنا كنت مع فكرة تحرير أسعار السماد محليا، لكى يتم القضاء على السوق السوداء، وفى نفس الوقت نعطى الفلاح بدلا نقديا لدعم السماد، يحصل عليه حين يورد أى محصول، ويتم تحديد هذا البدل وفقا لنسبة استخدام السماد لكل محصول.
وفى الوقت نفسه، أعددنا معادلة تربط سعر الغاز بسعر اليوريا فى السوق العالمية، حيث تقوم الشركات بدفع ثمن مرتفع لشراء الغاز فى حالة ارتفاع سعر بيع اليوريا فى السوق العالمية، والعكس صحيح، حتى لا يمثل سعر الغاز عبئا على الشركات، ويتم تعويضه من ارتفاع أسعار بيع المنتج.
وهذه ليست بدعة وإنما يتم تطبيقها فى كل العالم. وهناك سيناريو آخر يجمع بين رسم الصادر، وتطبيق معادلة سعرية، أو تثبيت سعر الغاز بتدرج واضح، بحيث تتحقق المساواة فى السوق فى النهاية. نريد جميع الأطراف أن تكسب، وان يكون الفلاح هو الطرف الذى يحصل على الدعم.
• ومتى سيتم تطبيق تلك المنظومة؟
قريبا جدا، لقد عرضنا هذه المعادلة على الشركات وكلها أبدت مرونة تجاهها. ووافقت وزارة المالية ووزارة الصناعة على هذا المقترح. ولا يتبقى سوى موافقة وزارة الزراعة التى تبدى مقاومة رهيبة تجاه التحرير.
65 مليون دولار استثمارات بترولية جديدة
• تعمل اللجنة أيضا على التفاوض مع الشركاء الاجانب لحل أزمتهم مع هيئة البترول.. فماذا أنجزتم فى هذا الملف؟
نعمل حاليا على حل مشكلة الشركات الاجنبية التى تعمل فى مجال البحث والتنقيب، والتى قامت برفع 14 قضية تحكيم الدولى ضد الهيئة العامة للبترول، تطالب مصر بتعويضات كبيرة، فهذه كارثة تهدد مصر، ونحن فى حاجة ملحة إلى أى كميات جديدة تخرج من باطن الأرض، وتقلل فاتورة الاستيراد.
هناك مشاكل فى العقود، الهيئة تريد أن تسحب الآبار من بعض الشركات الأجنبية لعدم التزامها، والشركات ترى أن الثورة كانت السبب وراء التعطيل. ولقد تفاوضنا مع شركة بيكو وأنهينا الخلاف، وتنازلت الشركة عن 5% من نصيبها فى الغاز لتحصل على 25% بدلا من 30%.
وتعهدت الشركة بضخ استثمارات إضافية قدرها 65 مليون دولار. كما تعهدت الشركة بإلغاء قضية التحكيم فور التصديق على الاتفاقية من مجلس الشورى. هذه هى الحالة أولى، ونحن نعمل على حل البقية، حتى إذا لم يتم تحوليها إلينا لأن آلية اتخاذ القرار فيها مشكلة حقيقية فى الدولة.
• تم الاتفاق مع الشريك الأجنبى على زيادة حصته من الغاز الذى يستخرجه من الأرض مقابل عدم تملكه للمشاريع... ألن يؤدى هذا إلى تآكل نصيب مصر من الغاز؟
نهائيا، نحن فى مصر على شعرة، فيما يتعلق بكميات الغاز، فالشركات العالمية والمصرية من الممكن أن تذهب شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، ولذلك يجب علينا أن نشجعها ونعطيها مزايا للتوجه إلى مصر، بحيث يكون العائد على الاستثمار مشجعا لهم.
ولذلك يجب أن نعطيهم نموذجا معقولا، والتوازن هو ان نصل لعلاقة ثنائية تحقق مصلحة الطرفين، ما بين مصلحة الشريك الأجنبى فى الربح، ومصلحة الدولة أن تحصل على خام. واتفاقيات البحث فى العالم تتطور، ويجب أن نتماشى معها.
• أعلن مجلس الشورى عن إعداد خطة تدريجية لتحرير أسعار الطاقة.. تحويل مصانع الاسمنت إلى استخدام الفحم.. هناك تحفظات من المصانع على هذه الخطوة لا سيما مع الأضرار البيئية لهذا النوع من الطاقة؟
لقد أعددنا الدراسات الكاملة لهذا التحويل، وتواصلنا مع جميع الأطراف المعنية، من وزارة البيئة ووزارة الصناعة، لضمان الحفاظ على سلامة البيئة. وحتى شركات الاسمنت، على عكس ما رددته الصحافة، أبدت تأييدا لعملية التحويل، وجلست مع اللجنة للاتفاق على آليات التنفيذ.
قل «رد الأعباء» ولا تقل «دعم الصادرات»
• تحرير سعر الطاقة الموجه للصناعة بات قريبا ونافذا.. هل ستكون هناك حوافز تشجيعية فى المقابل يتم تقديمها إلى قطاع الصناعة؟
دعم الصادرات من أهم الملفات التى نعمل عليها حاليا مع وزارة الصناعة، وسنطلق عليه «رد الأعباء»، فالصناعة تتحمل أعباء كثيرة منذ اندلاع الثورة وتحتاج إلى مساعدة لمعاودة الصعود. وسنطبق هذا النظام هذه المرة بطريقة مرنة حتى يستفيد منها الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
• طالما تم الإعلان عن نظام جديد لتوزيع دعم الصادرات ولكنه لم ير النور حتى الآن.. فهل سيكون بالفعل تعديلات تضمن تحقيق العدالة؟
نعم، فأول شىء سيتم تخصيص حصة لا تقل عن 3% من إجمالى الدعم لهذه الشركات، وستكون هذه النسبة إضافية عما ستحصل عليه الشركات من إجمالى قيمة الدعم. وقد قمنا بتحديد الشركات الصغيرة والمتوسطة وفقا للعائد على النشاط، وعدد العاملين، ولكنى لن أفصح عن التفاصيل الآن لحين الانتهاء من الدراسة.
ولقد وضعنا معايير جديدة للقيمة المضافة، متعلقة بالأجور، فكلما زادت نسبة الأجور فى الميزانية كلما زادت نسبة الشركة من الدعم. سنعمل على إعداد معادلة، بالشكل الذى يحقق الاستفادة للكيانات الأصغر التى نريد مساندتها بشكل أكبر، ويقلل من حجم ما تحصل عليه الشركات الكبيرة. أنا لا أريد أن أحرم هذه الكيانات الكبيرة، هذا ضد قواعد التجارة العالمية، فهى تصدر وتنفع الاقتصاد، ولكنى سأعطيها وزنا أقل فى الدعم، من خلال المعادلة الجديدة.
على سبيل المثال، مصانع البتروكيماويات، نتيجة استخدامها للتكنولوجيا الكبيرة، سيكون بند الأجور ضعيفا جدا فى الموازنة، ومن ثم ستحصل على نسبة قليلة من الدعم، على عكس الصناعات الحرفية، التى تضم عددا كبيرا من العمالة، فستكون قيمة ما تحصل عليه كبيرة.
• هل تمتلك الحكومة الميزانية لتلبية كل هذه الخطط؟
هناك واقع لابد الاعتراف به، نحن بلد مأزومة، عجز الموازنة يصل إلى 200 مليار جنيه، والناس لا تريد أن تعمل، ويرفعون سقف طلباتهم وهم ليسوا منتجين. وهذا ما يجعلنا أمام تحد كبير جدا. ولكن هناك ثغرات فى الموازنة كثيرة من الممكن التوفير منها، وهذا أيضا ما تعمل عليه اللجنة الاقتصادية.