كلما تجولت فى شوارع القاهرة، وميادينها الرئيسية وأشاهد لافتات ضخمة تحمل صورا لنجوم الغناء الحاليين، أتذكر الملحن، والمغنى الليبى العالمى ناصر المزداوى صاحب النهضة الموسيقية العربية الحديثة، وأشهر أعماله «نور العين» لعمرو دياب. فى كل مرة كنت أتجول معه فى هذه الشوارع كان ينظر بحزن إلى هذه اللافتات. ليس سخطا منه على أصحابها. لكنه كان دائما يتمنى أن يرى صور كبار المطربين مثل محمد الحلو وعلى الحجار وهانى شاكر ومحمد ثروت وغادة رجب وأنغام بنفس كثافة صور الآخرين. كان المزداوى صاحب أول ألبوم عربى طرح فى أوروبا «شنطة سفر» قبل 30 عاما، يرى أن السوق المصرية ليست مفتوحة للكل. فأبوابها دائما تتسع فقط لأنصاف المواهب. وكان يشدد المزداوى على أن أوروبا بها جميع الأشكال، والألوان الموسيقية، وكل لون له المغنيون الذين يؤدونه بشكل جيد. والجماهير تستقبل كل هذه الأعمال المختلفة الذوق، والطعم، والرائحة. هذه الأيام شوارع القاهرة مليئة بصور عمرو دياب، وتامر حسنى وأشاهد ربما لافتة واحدة أو لافتتين على الأكثر لنجم بحجم هانى شاكر. صحيح ألبومه طرح قبل شهر أو أكثر، لكن هذا الأمر يؤكد كلام الصديق العزيز ناصر المزداوى. وإذا كان هانى له لافتتان، فهناك آخرون لا توجد لهم لافتة، ولو صغيرة مثل الحلو، وثروت، وغادة رجب، ونادية مصطفى. هذا هو حال الغناء فى مصر لا يستوعب سوى لون واحد، وشكل واحد. وهذا ليس معناه أن الأمر سوف يستمر كثيرا هكذا. لأن السوق فى لحظة قد تنقلب ويعود الحلو، وثروت إلى قمته. وفى هذا الوقت أيضا لن نشاهد غيرهم على اللافتات. لنفس السبب إننا لا نسمع سوى الأعمال، التى تفرض علينا سواء كانت جيدة أو رديئة. بطبيعة الحال هذا الأمر يحتاج إلى سنين طويلة لعلاجه. لأننا فى عصر أم كلثوم لم نكن نسمع غيرها. الآن الكل يسمع عمرو وتامر، فهذا هو المتاح والمعروض.