بجوار تلال من القمامة التي حاصرت منازلهم بمساكن العبد (1640) بمدينة النهضة محافظة القاهرة، والتي امتزجت مع مياه الصرف الصحي السارية كسريان الإهمال والتهميش من قِبل مسؤولي الحي والمحافظة لهم، سارع عدد كبير من أهالي المنطقة إلى التوقيع على استمارة "تمرد" لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. فعلى بعد خطوات من تلال القمامة، وقف شريف محمد الشهير ب"أبو عبده" البالغ من العمر 30 عامًا، يتنفس بصعوبة وكأنه عجوز على فراش الموت، يحكي لنا عن الأمراض التي أصابته بسبب انتشار القمامة ومياه الصرف الصحي بالمنطقة منذ أن نقل إليها بقرار من المحافظة في عام 2010.
وقال أبو عبده، سائق سيارة أجرة خط (المفارق - مساكن العبد):"ريحة مياه الصرف الطافحة وتلال القمامة جابتلي مرض على الرئة، لو شميت تراب ممكن ما أقدرش اخد نفسي.. بقالنا 3 سنين في الهم ده، ومسؤولو الحي والمحافظة بيجو ولما يلاقوا الأهالي أتلموا عليهم يروحوا عاملين نفسهم بيتكلموا في التليفون ويمشوا ولا بيحلوا أي حاجة"، مضيفًا أن أهالي المنطقة قاموا بتنظيف المكان من تلال القمامة أكثر من مرة، ولكنها تعود كما كانت مرة أخرى لغياب شركات النظافة وعدم وجود صناديق قمامة بالمنطقة، حسب قوله.
وتابع: "عندي 3 عيال ودخلي يوم ما أقول أنا ملك بيكون 50 جنيه في اليوم، غير كدة في الطبيعي ما بيزدش عن 30 جنيه، ورغم كده مستعد ادفع نص الفلوس عشان المنطقة تنضف"، وأثناء حديث «بوابة الشروق» مع "أبو عبده" كان "رضا، 12 عامًا" يملأ جركن المياه من المقهى الذي يبعد عن منزله أكثر من 50 مترًا، والعرق يتساقط من وجهه، بدأ في الحديث بعد أن أنزل الجركن من على كتفه الضعيف، قائلاً، وهو يلهث من طول المشوار وشقائه: "أنا أملأ الجراكن عشان ماعندناش ميه واخويا بيشتغل في الورشة وأبويا في الشغل على العربية ومفيش غيري أجيب المية، لأنها مقطوعة من 3 أيام"، مؤكدًا "أنا عملت 5 مشاوير، باقي لي 7 كمان رايح جاي، وكده تكون كمية الميه تكفي البيت".
"رضا" لا يحلم عندما يكبر إلا بأن يريح والده من عناء العمل على سيارة الأجرة، رددها وهو يهُّم بحمل الجركن ومواصلة المشوار.
ويلتقط طرف الحديث، "عم جمال" الذي تجاوز الخمسون من العمر، قائلاً: "المساكن هنا ما دخلهاش كهرباء، وبناخد كهرباء من الجيران، وكتير بتقطع علينا احنا الاتنين"، على حد قوله.