أكد الرئيس محمد مرسي، أنه أمر بحسم أزمة الجنود السبعة المختطفين في سيناء بشكل عاجل، ووصف الخاطفين ب«المجرمين»، معتبرًا أن «سلوك الخطف، بصفة عامة، إجرام، وليس فكرا، حتى يعالج بالفكر والحوار». وشدد «مرسي» على أن الخاطفين لا يمكن أن ينتموا للفكر الجهادي، وأنه من الخطأ إلصاق الإجرام بقيمة الجهاد، وأن «هيبة الدولة قائمة جدا»، ولا يمكن أن ينال منها أحد، وأن كل ما يتردد عن الخلافات مع مؤسسة الجيش «شائعات كاذبة مغرضة لا أساس لها من الصحة»، مشيدا بالقوات المسلحة وقائدها العام.
جاء ذلك خلال جلسة الحوار الوطني العاجلة التي دعا إليها الرئيس «مرسي» في قصر الاتحادية، عصر اليوم الأحد، وجمعت عددا من الشخصيات العامة وقيادات الأحزاب والعمل السياسي، للتباحث حول أزمة الجنود المختطفين وتحديات تنمية سيناء والأحداث الجارية محل اهتمام الرأي العام.
وشدد الرئيس على أنه لا يوجد أي حوار مع المجرمين، أو تفاوض معهم بشأن الإفراج عن الجنود المختطفين، وأنه إذا كان هناك حوار فهو يدور مع مشايخ القبائل والعواقل الذين قد يساعدون في حلحلة الموقف.
وأضاف الرئيس، أن هناك عدة أولويات تحكم التعامل مع الموقف الحالي، أهمها «تحرير أولادنا المجندين، والحفاظ على أهالي سيناء الأبرياء الذين من الممكن أن يكونوا على مقربة من موقع اختطاف المجندين، وعدم أخذ أي بريء بذنب مجموعة من المجرمين».
واستطرد قائلا: «هذه الحادثة جاءت في إطار سياق عام من التحديات التي تواجه الدولة فيما يتعلق بسيناء، تتعلق بثلاثة محاور أساسية، أولها أهل سيناء والحفاظ عليهم وعلى ممتلكاتهم ودمائهم وتنمية مجتمعهم، والثاني هو القوات المسلحة التي تمتلك 35 ألف جندي في سيناء ويهمنا ألاّ نزج بهم في أي تصرف خاطئ يؤدي إلى صدام، والمحور الثالث قوات الشرطة التي تمارس دورها في مكافحة المخربين والقضاء على البؤر الإجرامية».
وعن توصيفه للمجموعة التي خطفت الجنود قال: «دول مش جهاديين، ولكن مجرمين، وأي حد يصفهم بالجهاديين يبقى كلام فارغ، والجهاد كلمة نظيفة يجب أن نبرئها من الإجرام وننزهها عن الممارسات السلبية». وأردف مستنكرا: «مش معقول مثلا لما نيجي نقضي على البلطجة والإجرام يتقال إننا بنحارب الجهاد!».
وردا على ما أثاره يونس مخيون، رئيس حزب النور، حول أن سبب الحادثة وقائع متعلقة بممارسات الشرطة ضد بعض شباب سيناء غير المذنبين، قال الرئيس إن المتهم السيناوي أحمد أبو شيتة الذي تدوولت صورته وتفاصيل إصابته بالعمى جراء اعتقاله مؤخرا «يحاول ممارسة ضغوط حتى يخرج من قضية اقتحام قسم ثان شرطة العريش».
وفتح الرئيس بهذه النقطة حديثا مطولا حول أوضاع المتهمين والمسجونين من أهالي سيناء، فقال: «لدينا 600 من أهل سيناء صدرت ضدهم في فترات سابقة أحكام غيابية، وقد استجبت بالفعل لطلباتهم بإعادة محاكمتهم منذ 3 أشهر، وهناك لجان تبحث موقفهم بالفعل، لكن هذه الإجراءات تأخذ وقتاً، ولا يمكن أن تتم بين ليلة وضحاها، وهناك 14 متهماً لا يمكن العفو عنهم في أحداث قسم ثان شرطة العريش، لأنهم مجرمون وفق التحقيقات ومذنبون، ولا يمكن وصفهم بالأبرياء أو المظلومين».
ونفى الرئيس بشكل قاطع أن يكون هناك أي معتقل بدون جريمة في سيناء، مؤكدا أن كل المسجونين من أهالي سيناء على ذمة قضايا أو يحاكمون حاليا.
وشدد الرئيس على أنه عقد منذ فترة لقاء مع أهالي سيناء وتمت الاستجابة لمطالبهم وتنفيذ نصفها على الأقل، مثل حفر 37 بئرا جديدة بتكلفة مليوني جنيه للبئر الواحد، وسوف يتم تشغيل أهالي سيناء في مشروع محور قناة السويس، وسوف يتم إدخال شبابها في مشروعات للتنمية المتكاملة.
وحول الأحداث التي تلت واقعة خطف الجنود مثل إغلاق معبر رفح البري وإضراب رجال الأمن هناك، أوضح الرئيس أنه اتصل بحكومة حماس في غزة، وطلب منها الصبر على غلق المعبر مؤقتا حتى إتمام عملية تحرير الجنود، وأنه تأكد بنفسه من أن رجال الأمن المضربين عددهم لا يزيد عن 60 من المجندين وصف الضباط (وليس الضباط)، أخذتهم الحماسة والغضب بسبب خطف زملائهم، وأنه أعطى توجيهاته بعدم استبدالهم، وبإقناعهم بالعودة لعملهم وطمأنتهم حتى لا يتفاقم غضبهم.
وردا على سؤال الكاتب الصحفي وائل قنديل، مدير تحرير «الشروق» عن الخلافات المزعومة بين الرئاسة والقوات المسلحة، أكد الرئيس بحسم أن «جميع ما ينشر ويذكر في هذا السياق غير صحيح على إطلاقه، وأن القوات المسلحة تؤدي دورها الوطني المنوط بها على أتم وجه، وإذا أُمرت فإنها تنفذ، وأنني اجتمعت مع وزيري الدفاع والداخلية مرتين خلال الأيام القليلة الماضية، وهناك موقف موحد تجاه كل القضايا الأمنية».
وحول الأوضاع الأمنية في البلاد قال الرئيس مرسي إن الأمن يسهر على حماية هذا الوطن، وهناك العديد من الإجراءات التي تتم وبعضها لا يعلن عنه بهدف الحفاظ على المصلحة الوطنية، مشيرا إلى أن تحديات أمنية ضخمة تواجه المجتمع حيث تم ضبط ألف طن حشيش ومليون و600 ألف كيلو بانجو ومئات السيارات المسروقة في 4 أشهر فقط.
وأكد الرئيس أن من المشاكل الأمنية أيضاً طول الحدود الغربية لمصر مع ليبيا وصعوبة السيطرة عليها، وأن مصر تمد يد العون وتتعامل برقي دائم مع الأشقاء الليبيين، مشيرا إلى أن الأزمة الداخلية في مالي تمس أيضا الأمن القومي المصري، وسوف تشارك مصر في مؤتمر تنظمه فرنسا لدراسة الوضع بمالي في بروكسل قريبا.
وردا على سؤال محمد أنور السادات حول غياب المصالحة الوطنية وعدم مد جسور الثقة مع المعارضة، أخرج الرئيس ورقة الشخصيات التي كانت مدعوة لجلسة الحوار أمس وقرأ الأسماء ومنها د.محمد البرادعي وحمدين صباحي وعبدالغفار شكر ود.محمد أبوالغار ود.سيف عبدالفتاح وأحمد سعيد، وأوضح أن هؤلاء جميعا اعتذروا عن الحضور، وأن الوحيد الذي اعتذر لظرف حقيقي هو د.أيمن نور، رئيس حزب الغد.
وتابع: بابي مفتوح لاستئناف الحوار الوطني الجاد، وليس ل«الشو الإعلامي» أو استهلاك الوقت، وقد كنت وما زلت وسأظل مستعدا لاستقبال قيادات المعارضة "وكل اللي عايزه إني لما أموت الناس تقول إننا امتلكنا إرادتنا بيدنا".
واتفق الحضور على إعادة تفعيل لجنة ثلاثية لتجميع المشاركين في الحوار الوطني وإقناع قيادات المعارضة بالحضور بعضوية الناشر إبراهيم المعلم ود.يونس مخيون ومحمد أنور السادات، وقال الرئيس لأعضاء اللجنة: لما تنهوا عملكم قولولي وفي لحظة سنعقد جلسة جادة للحوار الوطني.
حضر جلسة الحوار كل من د.باكينام الشرقاوي، مساعد الرئيس، إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة دار الشروق، ود.يونس مخيون، رئيس حزب النور، والسفير إبراهيم يسري، منسق جبهة الضمير، ود.عماد عبدالغفور، رئيس حزب الوطن، واللواء عماد حسين، مستشار الرئيس لشئون الأمن، وحسين إبراهيم، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، وأبوالعلا ماضي، رئيس حزب الوسط، ومحمد أنور السادات ورامي لكح وعمرو خالد ومجدي أحمد حسين ونصر عبدالسلام، رئيس حزب البناء والتنمية، ود.محمد السعيد إدريس، ومحمد الشهاوي ممثلاً لحزب مصر القوية، وإيهاب شيحة ممثلا لحزب الأصالة.