صباح الخميس الماضى حضرت اجتماعا مهما دعت إليه «المبادرة الرئاسية لدعم حقوق وحريات المرأة المصرية» وترأسته الدكتورة أميمة كامل مستشار رئيس الجمهورية لشئون المرأة والأسرة. أهمية الاجتماع الذى انعقد فى أحد المبانى التابعة لرئاسة الجمهورية أنه ضم مجموعة من الخبراء والمتخصصين فى الإعلام والجامعات والمجتمع المدنى، والأكثر أهمية أن المناقشات والتوصيات فى مثل هذه الاجتماعات ستتحول إلى قرارات كما قال د. بسيونى حمادة أستاذ الإعلام المعروف والمستشار الإعلامى للمبادرة، الذى ترأس الجلسة الإعلامية، فى حين ترأست الدكتورة أميمية الجلسة الدينية التى ناقشت نفس الظاهرة.
فى رأى مستشارة الرئيس أنه إذا كان التعليم هو قاطرة التنمية فإن الإعلام أشبه ب«الاكسبريس»، خصوصا إذا كان له دور فى التنمية والتوعية.
فى الاجتماع استمعت إلى آراء كثيرة لنخبة مصر فى الجامعات والمجتمع المدنى، وكدت أصاب باليأس من بعض المداخلات، لأن أصحابها لديهم يقين لا يتزعزع بأن السبب الرئيسى وربما الوحيد لكل مشاكلنا هو «الشيطان الرجيم المسمى بالإعلام» مثلما ذهبت أستاذة علم اجتماع معروفة.
متحدثة أخرى أشارت إلى تجربة قالت إنها حدثت فى بريطانيا عندما جمدت الحكومة دخول الفضائيات لمدة عامين حتى تتأكد أنها مفيدة للناس. ورأى ثالث يرى أن حوادث التحرش يمكن أن تختفى إذا تجاهلها الإعلام.
ورأى رابع خلاصته أن العنف يحدث على أرض الواقع لأن الشباب والأطفال يشاهدونه على شاشات التليفزيون والسينما، والمعنى العكسى لهذا الكلام أنه إذا اختفى الإعلام ستختفى المشاكل.
فى المقابل تحدث رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون والقائم بأعمال وزير الاعلام الاسبق سامى الشريف، والاعلامية دينا عبدالرحمن، وكاتب هذه السطور بأن الإعلام ينقل الأحداث، لكنه لا يخترع كل البلاوى. وأن دوره هو نقل الخبر كما هو، أما التربية فوظيفة الأسرة والمدرسة.
عند لحظة معينة شعرت أن الجلسة استمرار لمسلسل شيطنة الإعلام، لكن الدكتورة أميمة اكدت أن الهدف هو البحث عن حلول لظاهرة العنف ضد المرأة وليس للتضييق على الإعلام، فى حين كان الدكتور بسيونى حمادة أكثر وضوحا حينما قال إنه إذا كان الخيار بالنسبة له بين فوضى الإعلام أو استبداد السلطة وتكميم الإعلام فسوف يختار فورا فوضى الإعلام، ثم العمل على مكافحتها وصولا إلى تنظيم الإعلام.
نعم كان هناك جدل كثير لكنه كان ايجابيا،وخلال اللقاء اسمتعت لآراء وأفكار قيمة خصوصا مداخلة لفتاة تعمل فى المكتب الإعلامى لحزب الحرية والعدالة قالت فيها إن كثرة وسائل الإعلام وتنوعها شىء مفيد لأنها تعطى الناس حق الاختيار بين الأفكار والسياسات.
أما الميزة الأكثر أهمية فإن الحاضرين استمعوا إلى بعضهم البعض، تناقشوا وتجادلوا، واختلفوا بأدب، واتفقوا بأدب.
وأعتقد أن الرسالة الأساسية التى ينبغى ان تصل إلى اذهان القائمين على مثل هذه اللقاءات هى أن محاربة العنف والتحرش ضد المرأة مثلها مثل الفقر والجهل والتخلف والاستبداد، تحتاج إلى إصلاح شامل لمنظومة المجتمع بأكمله وإلى سلطة قوية وجهاز أمنى يطارد المتحرشين وقانون رادع يؤدبهم ومجتمع يدين هذه السلوكيات، وتيار دينى مستنير لا يرفع شعار «ليه البنت نزلت الشارع، ولماذا لا تجلس فى المنزل حتى لا تتعرض للتحرش»؟!!.