محافظ الإسكندرية عن التكدسات المرورية: المواطن خط أحمر ولن نسمح بتعطيل مصالحه    فصل الكهرباء عن مركز مدينة بنها بالقليوبية لمدة 3 ساعات من 7 ل10 صباحًا    بعد قرار المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 03-10-2025    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 3 أكتوبر    تحذير مهم من محافظة الغربية.. تحركات عاجلة لحماية الأراضي والمواطنين    رويترز: إعادة فتح مطار ميونيخ بعد إغلاقه طوال الليل بسبب رصد طائرات مسيّرة    الشرطة البريطانية تكشف هوية منفذ هجوم مانشستر بالقرب من كنيس يهودي    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    مقتل قيادي بتنظيم أنصار الإسلام في إدلب إثر غارة لقوات التحالف الدولي    واشنطن تضغط على «حماس» لقبول خطة ترامب المدعومة عربيًا    من مأساة أغادير إلى شوارع الرباط.. حراك شبابي يهز المملكة    السقف سقط فوقهم.. أسماء ضحايا انهيار عقار غيط العنب فى الإسكندرية    القبض على المتهم بالشروع فى قتل صاحب محل بالوراق    سيلينا جوميز تجبر بيني بلانكو على توقيع عقد ما قبل الزواج لحماية ثروتها    رياض الخولي أثناء تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي: "أول مرة أحضر مهرجان .. وسعيد بتكريمي وأنا على قيد الحياة"    حمية "صحة الكوكب"، نظام غذائي يمنع وفاة 15 مليون إنسان سنويا    صندوق النقد يعلق على توجه مصر ترحيل طروحات الشركات الحكومية إلى 2026    أمين عمر حكم لمباراة كهرباء الإسماعيلية ضد الأهلي    «عماد النحاس لازم يمشي».. رضا عبدالعال يوجه رسالة ل مجلس الأهلي (فيديو)    ما بيعرفوش اليأس.. 4 أبراج التفاؤل سر حياتهم    موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الموسم السابع 2025 على قناة الفجر الجزائرية    تامر فرج يكشف عن اسمه الحقيقي وينفي شائعة توأمه مع وائل فرج    رسميًا بعد ترحيلها.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 وفقًا لتصريحات الحكومة    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حدث تاريخي.. أول ترشيح مصري منذ 20 عامًا    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    ننشر أسماء ضحايا انهيار "عقار غيط" العنب بالإسكندرية    حبس «الجاحد» لإتجاره في المخدرات وحيازة سلاح ناري ببنها    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق مخزن وشقة سكنية بالخانكة    أستاذ علوم سياسية: إعلان ترامب عن الموافقة العربية توريط لتمويل الخطة    اللواء محمد رجائي: إعادة «الإجراءات الجنائية» للنواب يُؤكد حرص الرئيس على قانون يُحقق العدالة الناجزة    مختار نوح: حماس دربت القسام لتنفيذ مخطط اغتيال النائب هشام بركات    انتصارات مثيرة و6 أندية تحقق العلامة الكاملة، نتائج الجولة الثانية من الدوري الأوروبي    ناقد رياضي يكشف كواليس خروج حسام غالي من قائمة محمود الخطيب    ناقد رياضي: هزيمة الزمالك من الأهلي أنقذت مجلس القلعة البيضاء    موعد إعلان نتيجة منحة الدكتور علي مصيلحي بالجامعات الأهلية    مدرسة المشاغبين، قرار صارم من محافظ القليوبية في واقعة ضرب معلم لزميله داخل مكتب مدير المدرسة    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    مشهد مؤثر من زوجة علي زين بعد سقوطه في نهائي كأس العالم للأندية لليد (فيديو)    الزمالك يعالج ناصر منسي والدباغ من آلام القمة 131    رسميا.. 4 شروط جديدة لحذف غير المستحقين من بطاقات التموين 2025 (تفاصيل)    حزب الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    كراكاس تتهم واشنطن بانتهاك سيادة أجوائها    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    «وي» يلتقي بلدية المحلة في ختام مباريات الجولة السابعة بدوري المحترفين    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    رابط التقييمات الأسبوعية 2025/2026 على موقع وزارة التربية والتعليم (اعرف التفاصيل)    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    ضيفي ملعقة «فلفل أسود» داخل الغسالة ولاحظي ماذا يحدث لملابسك    ركّز على اللون وتجنب «الملمس اللزج».. 6 علامات تنذر بفساد اللحوم قبل شرائها    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد يفوز بلقب شخصية العالم القرآنية بجائزة ليبيا الدولية    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خسيت 60 كيلو.. أبرز تصريحات عبد الله نجل غادة عادل ومجدي الهوارى (إنفوجراف)    تعرف على موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع إسلامى أم مشروعات؟
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 05 - 2013

كتابات وتصريحات رموز الأحزاب «الإسلامية» عن «المشروع الإسلامى» لا تتوقف، وهى مع ذلك لا تخلو من غموض وضبابية فى تحديد ماهية المشروع وملامحه الرئيسة، تدلان على غياب التدقيق اللازم، والذى يتفرع عنه إدراك التباين الكبير بين مراداتهم.

•••

أخرجت الشريعة عبر التأريخ للوجود الاجتماعى مؤسسات مهمة كالطرق الصوفية ومؤسسة العلماء، المؤسسة التعليمية، والأوقاف ونظام الاحتساب ونظام الفتوات (التابع للطرق) وغيرها من المؤسسات التى تولت دون الدولة عملية إدارة المجتمع، وتداخلت لتحقيق غاياته فى شئونه المتعددة والمتنوعة وأخرجت معها منظومة قضائية منفصلة عن الدولة (جزئيا على الأقل) بسبب طبيعة النظام التشريعى ذى النسق المفتوح المستند إليه.

ومع وصول محمد على للحكم فى 1805 بدأت عمليات التحديث التى تجلت بشكل رئيسى فى بناء الجيش وأجهزة الدولة البيروقراطية وفى نظم التعليم وتكنولوجيا الطباعة المصاحبة لذلك وقد تفرع عن هذا مسارين متداخلين أولهما يتعلق ب«التمصير» بدأ بتجنيد المصريين المسلمين فى 1822 ثم عموم المصريين فى 1855 ومر بتمصير القضاء الشرعى فى العام ذاته، فتعريب صحيفة الوقائع المصرية وتحول اللغة العربية للغة الرسمية للمخاطبات الحكومية فى 1869، وثانيهما يتعلق ب«الدولنة» التى بدأت بها السلطات المركزية تسطو على أشكال التنظيم الاجتماعى القائمة، بدءا من إنشاء ديوان عمومى الأوقاف سنة 1835 لإخضاعها إداريا للدولة وتدخل الدولة ل«تحديد مجالات السلطة لكل من شيخ السجادة البكرية وشيخ الأزهر»، والتدخل المتزايد للدولة فى شئون الأزهر بعد سنة 1860، وإلغاء صلاحيات شيوخ الحرف وتحول ديوان الأوقاف لنظارة فى 1878، وإصدار اللوائح المنظمة للطرق الصوفية فى 1897 و1903 و1905، وإنشاء وزارة الأوقاف فى 1913، وليس انتهاء بقوانين تنظيم الأوقاف سنة 1957 والأزهر سنة 1961 والمساجد سنة 1964 والطرق سنة 1976 التى أخرجت تلك المؤسسات بالكلية عن وظائفها المجتمعية وأحالتها لمؤسسات دولة.

وفى هذا السياق نشأة فكرة «الأسلمة»، التى استخدمت لدعم مسارى التمصير والدولنة، فجاءت أولى محاولات «تقنين الشريعة» كرد فعل «مصرى» لمجلة الأحكام العدلية الصادرة من الباب العالى سنة 1876، وتمثلت فى لجان ترأسها قدرى باشا وزير الحقانية انتهت لإصدار مجموعة من القوانين سنة 1883، نصت مادتها الأولى أنها «لا تنفى أى حق مقرر فى الشريعة»، وتوازت مع إنشاء النظام القضائى الحديث الذى حد بطبيعته من استقلال القاضى عن السلطان، وتجلى «التمصير» و«الدولنة» كذلك فى قرار الخديوى إسماعيل تعيين الشيخ محمد مهدى العباسى (الحنفى) شيخا للأزهر (بعد تناوب الشافعية والمالكية على مشيخته) ليوكل إليه مع المشيخة منصب الإفتاء، الذى كان يتعين أن يكون وفق المذهب الحنفى السائد فى الدولة العثمانية.

وفى هذا السياق ظهرت الحركة الإسلامية، فانصب جل تركيزها على تلك الدولة العملاقة الجديدة وصار مقصدها «أسلمتها» بدلا من النظر فى الآثار المترتبة على وجودها ونموها بهذا الشكل ولم تلتفت كثيرا لمآل الوسائل السابقة عليها فى إدارة المجتمع؛ فلم تسع لإحياء القديم ولا لإيجاد بديل جديد يقوم بذات الوظائف التى سطت عليها الدولة.

ومن هذا المنطلق نظرت تلك الحركات للشريعة قلب مشروعها فرأت فيها الإطار القانونى الناظم ولم تلتفت لارتباط صيغة القانون فى التحكيم بالدولة القطرية المركزية الحديثة ولم تلق كثيرا نظرا فى إنتاجها المؤسسى المشار إليه.

•••
ولم يكن الحال فيما يتعلق بالإنتاج التشريعى للشريعة مختلفا إذ ظل تعريف الشرع عند الإسلاميين مبهما فلم يقدموا للآن تعريفهم لماهيته والتى مرت بتحولات كبيرة منذ مطلع القرن العشرين مع تزايد تدخل الدولة فى الأزهر (الذى كان مهيمنا على تعريف الشرع) واستخدامها النفوذ الإدارى لإبعاد بعض كبار العلماء غير المرضى عنهم (كالمفتى الشيخ حسونة النواوى، وشيخ الأزهر الشيخ سليم البشرى) ولتمكين من ترضى عن توجهاتهم (كالمفتى الشيخ محمد عبده، وشيوخ الأزهر مصطفى المراغى ومحمود شلتوت وغيرهما).

ومنذ ذلك الوقت لم تعد للأزهر الهوية العلمية التى تميز بها قبل ذلك (الأشعرية، المذهبية، الصوفية) وصار ملتقى لتيارات متباينة على نحو ظهرت تجليات بشكل أعمق فى الثلث الأخير من القرن الماضى مع اكتمال الإضعاف المؤسسى للأزهر وزيادة تأثير البترو دولار، ثم بظهور المنظرين الإسلاميين الذين أعادوا تعريف العديد من الأحكام الشرعية فى إطار الدولة الحديثة ومستلزماتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتوسعوا فى إطلاق وصف «إسلامى» على المباحات والأمور الاعتيادية (لا فقط الواجبات والأمور التى أنشأها الشرع) التى سكت عنها الشرع واكتملت بها نظرياتهم، فصارت كلمة الشرع بمعنييها التشريعى والاجتماعى تدل على أمور متباينة يمكن للمتلقى أن يفهمها ويقصد أحدها المتكلم.

•••

والنظر فى مفهوم الدولة الحديثة والآثار المترتبة عليه وتفكيكه من جهة، وفى الشرع ومعناه على المستويين التشريعى والاجتماعى من جهة أخرى، ينتج حتما مشروعات سياسية مختلفة من حيث رؤيتها لماهية الدولة وطبيعة العلاقة بينها وبين المجتمع وطبيعة وأوعية النشاط الدينى المجتمعى وآليات إدارة المجتمع وتحكيم الشرع فيه فضلا عن الاختلافات الحتمية المترتبة على الخلاف فى مدارس (لا فقط مذاهب) التعامل مع الشرع واستخراج أحكامه والخلافات المرتبطة بالنظر على الواقع وكيفية التعامل معه.

وهذا كله يعنى وجوب التمييز بين الانتماء للإسلام والقبول بالمشروع السياسى للإسلاميين، حتى فى أوسع معانيه، بل هو عدم صحة إطلاق وصف إسلامى على تلك المشروعات السياسية القائمة للإسلاميين والتى لا تعدو فى أفضل حال أن تكون أحد البدائل المطروحة لعلاقة الإسلام بحركة المجتمع وليست بأى حال أكثر هذه البدائل أصالة ولا انضباطا من حيث المنهج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.