ربما يحسد وزير المالية المصرى نظيره القطرى، فبينما حذر الاول خلال عرضه للبيان المالى أمام مجلس الشورى منذ أيام، من تخطى عجز الموازنة فى العام المقبل ل300 مليار جنيه كان الثانى يعلن منذ ايام أيضا عن استهداف مشروع الموازنة الجديد تحقيق فائض ب7.4 مليار ريال قطرى. إلا أن الدولة الصديقة التى لجأت الحكومة لها مؤخرا عدة مرات لفك اختناقات مالية تشهد انخفاضا قويا فى فوائضها المالية بسبب اهتمامها بتنفيذ استثمارات داخلية لتحفيز النمو الاقتصادى. يقول القطريون إنه عندما شاهد الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك استديوهات قناة الجزيرة القطرية ابدى اندهاشه من الدور الاعلامى القوى لتلك المؤسسة معلقا «كل هذه الضجة تصدر من علبة الكبريت تلك!» بحسب ما ذكرته مجلة الايكونوميست فى تقرير لها عن الدور البارز للمؤسسات الاقتصادية بدولة قطر التى يقتصر عدد سكانها على 1.7 مليون نسمة.
وبخلاف القناة الشهيرة تمتلك قطر عددا من المؤسسات الاقتصادية البارزة كالصندوق السيادى القطرى، جهاز قطر الاستثمار، الذى يصل اجمالى اصوله الى 70 مليار دولار، وله انشطة موسعة على مستوى العالم، اذ تضعه صحيفة بيزنس انسايدر فى قائمة «الصناديق السيادية التى تشترى العالم» وهى المؤسسات التى تنشئ فى دول تتمتع بفوائض مالية مرتفعة عادة ما تأتى من الثروات النفطية.
وبالرغم من أن مهمة وزير المالية القطرى فى اعداد موازنة العام الجديد كانت بالطبع أسهل من مهمة نظيره المصرى، ليس فقط بسبب الفوائض المالية التى تتمتع بها قطر ولكن ايضا لأنه لا يوجد بها برلمان منتخب يضع موازنة الحكومة تحت المساءلة، الا أن الحكومة القطرية كانت امام تحدٍ هذا العام لطمأنة المحللين الاقتصاديين على الوضع المالى لديها مع انخفاض فائض الموازنة من 27.7 مليار ريال قطرى الى 7.4 مليار فى موازنة العام الجديد.
«انخفاض الفوائض امر مفهوم فعندما تكون الموازين الخارجية فى وضع صحى يكون هناك توجه طبيعى لزيادة الانفاق.. 7 مليارات قطرية لا تزال فى وضع صحى»، كما نقلت وكالة رويترز عن فرح هيرشى، الاقتصادى ببنك الريان بالدوحة.
وتحتاج قطر الى التوسع فى الانفاق المحلى خاصة على البنية الاساسية مع استضافتها لكأس العام عام 2022، وحاجاتها الى تنويع اقتصادها لخلق النمو وعدم الاعتماد بشكل رئيسى على الموارد النفطية فى تنمية الناتج الاجمالى، حيث توقع صندوق النقد الدولى فى تقرير له أن يتراوح النمو الاقتصادى بقطر على الاجل المتوسط بين 9% الى 10%، بينما سيكون نمو المنتجات الهيروكربونية خلال نفس الفترة بين 3.5% و1.1%.
وتوقع وزير المالية القطرى أن تحقق بلاده نموا هذا العام بنسبة 4%، على أن يكون مدفوعا بقطاعات غير بترولية خاصة الخدمات والانشاءات.
«خطط التوسع فى البناء.. تضع البلاد امام مخاطر الهدر وارتفاع مستويات التضخم اذا لم تتم ادارة تلك المخططات بشكل سليم، كما علقت رويترز فى تقريرها عن موازنة البلاد.
وسترفع قطر هذا العام النفقات الحكومية بنسبة 18% لتصل الى 210.6 مليار ريال، وذلك بعد أن جاءت الفوائض المالية للعام الماضى بأعلى من التوقعات مع انخفاض النفقات العامة عن المستويات التى كان يقدرها المحللون.
ولن تقتصر التوسعات فى الانفاق الداخلى بقطر هذا العام لتحفيز النمو على الانفاق على الاعمال الانشائية ولكن ايضا لزيادة الاجور التى سترتفع بنسبة 24% مقارنة بموازنة العام الماضى، وكانت قطر قد اضطرت الى رفع مستويات الأجور بشكل حاد فى عام 2011، وفقا لتقرير لبنك اوف امريكا، وهو العام الذى شهد انتفاضات الربيع العربى.