أحدث إحصاءات وزارة الداخلية سجلت زيادة عدد القضايا والمتهمين الخاصة بتجارة المخدرات بنسبة 8%، بعد أن تجاوزت عدد القضايا 45 ألف قضية، وتجاوز عدد المتهمين 48 ألف متهم. لا جديد إذن، فقد حافظت المخدرات على نسبة الزيادة السنوية المعتادة خلال السنوات العشر الأخيرة، وهى 7.3%. لفتت الإحصائية إلى أن مخدر البانجو مازال يحتفظ بموقعه بين المواد المخدرة الأكثر شعبية والتى تهدد سوق الاتجار غير المشروع، وزادت مضبوطات هذا العام عن العام السابق بنسبة تقدر بنحو 72%، حيث تم ضبط ما يزيد على 814 ألف كيلو جرام. الحشيش نتيجة لزيادة إنتاج الحشيش فى المغرب العربي، وتزايد محاولات التهريب عبر الحدود اللبيية عن طريق بحر الرمال الأعظم، تزايدت كمية المضبوطات من الحشيش هذا العام مقارنة بالعام السابق بنسبة تتجاوز 100%، ففى 2008 تم ضبط 12 ونصف الطن من الحشيش، مقارنة بخمسة أطنان هى مضبوطات عام 2007 وهذا دليل على تشبع السوق المصرية بكميات ضخمة من الحشيش أدت إلى خفض ثمنه فى الأسواق ليصل إلى 30 جنيها للأوقية. الهيروين شهد العام الحالى ضبط أكبر كمية هيروين منذ ربع قرن، فقد تم ضبط 200 كيلو جرام هيروين والسبب الأول لهذه الزيادة هو تزايد الإنتاج الآسيوى خاصة الأفغانستانى من الأفيون، والذى تجاوز ثمانية أطنان من الأفيون. هذا إلى جانب استغلال المناطق التى تعانى من مشكلات أمنية نتيجة الحروب والصراعات كمواقع الإنتاج والعبور والتخزين. الكمية المضبوطة من الأفيون لم تبتعد كثيرا عن متوسط الضبط السنوى خلال السنوات العشر الأخيرة وزادت على 52 كيلو جراما. الكوكايين والأقراص ويظل الكوكايين المخدر الأقل شعبية على الإطلاق، فخلال العام الحالى تم ضبط ما يقارب الكيلو جرام، وهذا هو متوسط السنوى، الذى لم يزد إلا فى سنة 2000 عندما تم ضبط 4 كيلو جرامات،ويشير التقرير إلى تزايد التهديدات ومحاولات فتح أسواق جديدة لهذا المخدر مع توسيع عصابات الجلب والتهريب أنشطتها فى اتجاه المغرب العربي ومنطقة المتوسط. احتلت الأقراص ذيل القائمة حيث نجحت الإدارة فى تحجيم المعروض منه فى سوق الاتجار غير المشروعة بشكل كبير، فقد تقلصت أقراص الروهبينول إلى 79 قرصا والاكستازى 203 أقراص فقط، كما تقلصت كميات الماكستون فورت إلى أدنى مستوياتها لتصل إلي0.149 لتر. وما زالت مشكلة اللجوء إلى المناطق الجبلية والصحراوية لزراعة نباتات القنب والخشخاش، خاصة فى سيناء من المشاكل الحقيقية التى تواجهة إدارة مكافحة المخدرات، فالأراضى كثيرة وتعتمد على الأمطار، ولا توجد أوراق ملكية لتلك الأراضى، وخلال العام الحالى تم إبادة 313 فدان قنبا، و287 فدان خشخاشا، كما تم ضبط 103 كيلو جرامات من بذور القنب، و147 كيلو جراما من بذور الخشخاش، بما يعنى فشل برنامج الأممالمتحدة لمشروع الزراعات البديلة فى سيناء. قراءة هذه الأرقام «الأرقام لا تعكس الصورة الحقيقية عن المخدرات فى مصر». هكذا يعلق اللواء مصطفى الكاشف نائب إدراة مكافحة المخدرات سابقا، ويدلل على ذلك بعدد القضايا المضبوطة وكذلك عدد المتهميين، والسبب الأول يرجعه إلى ضباط المباحث الجنائية الموجودة فى الأقسام، «لأن معيار الترقية هو عدد القضايا التى يتم ضبطها، بسعى الضابط إلى تلفيق أكبر عدد ممكن من القضايا لأى عدد من المتهمين. فى عام 1993 فقمت بمسح لقضايا المخدرات، وجدت أن 85% منها ملفق، ولا تتوافر فيه جوانب الضبط الصحيح، نفس الملابسات مكررة والفرق هو تغيير اسم المتهم». يدافع الكاشف عن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوصفها أقدم إدارة تم إنشاؤها 1992، وذلك قبل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الأمريكية التى تم إنشاؤها 1930 «لنا خبرة كبيرة، ولكن عناصر الفساد موجودة». يفسر الكاشف عناصر الفساد التى يصفها بالزيادة فى الأونة الأخيرة بانعدام القدوة «من أكبر رأس لأصغرها، ليس فى الإدارة فقط بل فى كل مناحى الحياة». والتقصير الذى يصف به الإدارة هو تركيز المجهود على تقليل العرض، على حساب اهتمامها الطرف الآخر للمعادلة وهو تقليل الطلب «فى أدراج وزارة الداخلية، دخل مشروع متكامل لخطة توعية شاملة للمحتمع، بداية من المناهج ووصولا إلى الشارع». حسابات المهربين المشكلة فى رأى الكاشف أن السيطرة على العرض درب من دروب المستحيل «ما يتم ضبطه فى السوق لا يمكن أن يتعدى فى أحسن الأحوال 20%» ويرجع هذا إلى تطوير المهربين لأساليب متجددة، إلى جانب سهولة اختراق الحدود المصرية خاصة الحدود المصرية الليبية». المهرب عارف إن نسبة 30% من الشحنة ممكن نضبطه، فبيدخل 130%». التطور التكنولوجى لم يفد كثيرا فى عمليات الضبط، بل وربما فى وجهة نظره أدى إلى صعوبة أكبر فى الإيقاع بالمنظمات، آخر اتفاقية دولية كانت سنة 1988، وبموجبها تم منع المنظمات الإجرامية من أن تتعامل بأموالها فى العالم، وذلك فيما يعرف بعملية غسل الأموال «شبكة الإنترنت وفرت التعاملات السرية، وأصبح تداول الأموال سهلا جدا، وكذلك المعلومات وبأقل قدر من الخطورة». المدخلات التكنولوجية الحديثة تقتصر على أجهزة التنصت والإكس راى لاكتشاف أى مخدر فى أى مكان فى جسم الإنسان خاصة فى الأمعاء. «بعض المهربين يبتلعون كمية من المخدرات قد تصل إلى 700 جرام داخل الأمعاء، وذلك بعد لفها بكيس بلاستيك أو مطاط، ويتم تفربغه فى مكان الوصول». فى تلك الحالات يكون أشعة إكس هى الوسيلة الأمثل لاكتشاف المهرببن، وهذه تعتبر التكنولوجية الوحيدة المفيدة. «وفى كل الأحوال يكون الكلب البوليسى هو الأفضل». مليار جنيه فقط يشير الكاشف إلى عدة اتجاهات بإصبع الاتهام، عند الحديث عن «حنفية مفتوحة للمخدرات فى بلدنا». وفى رأيه فإن «سلسلة التهريب طويلة، وفى كل حلقة من حلقاتها يدخل الفساد، سواء من المسئولين أو حرس الحدود أو ضباط الجمارك، والأخطر هو الضابط الصغير الذى قد يستجيب للإغراء، وفى الحالة دى الخطورة أشد، لأن الضابط على أساس المعلومات اللى عنده ينظم للعصابة شغلها». والكاشف غير متفائل بالأجبال الجديدة التى فقدت القدوة من وجهة نظرة «إذا كانت قدوته ويرفض الكاشف تعليق تدهور الاقتصاد المصرى على شماعة المخدرات «بالورقة والقلم لا تنفق مصر أكثر من مليار جنيه سنويا على المخدرات، وأنا أتحدى الإحصاءات اللى بتقول أكثر من كده».