كتب فيليب ستيفنس مقالا فى صحيفة فاينانشيال تايمز الأمريكية يتحدث فيه عن امكانية تطبيق السياسة الخارجية الامريكية تجاه القضية الفلسطينية ومدى امكانية تطبيق آمال اوباما التى عرضها فى خطابه الذى ألقاه فى القدس. فيقول الكاتب إن خطاب أوباما جاء كالعادة خطابأ جيدا. ولا يكاد يكون هناك من يجارى الرئيس الأمريكى فى الفهم التحليلى الذكى لبحور الشعر. ولذلك، فغالبا ما يولد الخطاب المزخرف إحباطا حيث تصبح الكلمات بديلا عن العمل وليست مقدمة له.
ويضيف أن الزعماء عادة ينقسمون بين أولئك الذين يحترمون المعايير الراسخة للسلطة والسياسة، وأولئك الذين يتناقضون مع هذه المعايير. ويعتبر أوباما حتى الآن من الفئة الأولى. وأظهرت رحلة هذا الأسبوع حدود طموح الولاياتالمتحدة. فالشرق الأوسط يحترق، وقد خلص الرئيس إلى أنه لا يمكن عمل الكثير فى هذا الشأن.
إلا أن المسئولين فى إدارة اوباما يقولون إن هذا القول غير منصف. وإن الجهود لإصلاح العلاقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، وطمأنة الإسرائيليين على الالتزام الأمريكى الذى لا يتزعزع نحو أمنهم أساس ضرورى لاستعادة محادثات السلام مع الفلسطينيين وسوف يتلقى المهمة الآن جون كيرى الذى يراه ستيفنس وزير خارجية حريص على أن يتنقل عبر حقل ألغام دبلوماسية الشرق الأوسط. وهذا كله أمر جيد لكن نوايا السيد جون كيرى الطيبة لا قيمة لها ما لم يكن الرئيس مستعدا لتحمل المخاطرة.
●●●
إن أوباما عندما تحدث إلى الشباب المصرى فى القاهرة قبل أربعة أعوام؛ قدم رسالة مقنعة للتصالح مع العالم الإسلامى. وها هو يوجه خطاب للطلاب الإسرائيليين. ولم تكن المسافة بين الخطابين حافلة بالنجاحات السياسية. فقد بدأ الرئيس بوعود إحياء عملية السلام التى كانت تحتضر ومراقبة برنامج إيران النووى وترميم سمعة أمريكا بين المسلمين. وطرح نفس الطموحات بالضبط لولايته الثانية.
ويقول ستيفنس ان البيت الأبيض يرى أن أوباما، عبر مخاطبته للإسرائيليين مباشرة، سوف يكتسب نفوذا على نتنياهو. غير أن الزيارات الرئاسية السابقة كانت عادة فى إطار أهداف ملموسة أكثر، فلن يكون النفوذ مفيدا إلا إذا كان يستخدم من أجل هدف جيد.
ويضيف أن نتنياهو لا يكاد يخفى ازدراءه لحل الدولتين؛ أو لرئيس كان يتمنى خسارته أمام المرشح الجمهورى رومنى فى الانتخابات الأمريكية الماضية. ويستهدف رئيس الوزراء من توسعة المستوطنات غير المشروعة خلق وقائع على الأرض يمكنها أن تسد الطريق أمام الدولة الفلسطينية التى يراها ضرورية لقيام سلام دائم.
وقد بدا معظم الناخبين الإسرائيليين على استعداد لقبول استراتيجية نتنياهو. وربما لا يتفقون جميعا على هدف إسرائيل الكبرى التى تضم يهودا والسامرة، ولكن الاضطرابات فى سوريا والعالم العربى أقنعتهم أنه من الخطر تحمل المخاطر من أجل السلام. أما بالنسبة لنتنياهو، فقد عين سياسى بارز من حركة الاستيطان وزيرا للإسكان فى حكومته الائتلافية الجديدة.
لكن أوباما قدم طرحا مختلفا؛ مفاده أنه كلما كان الجوار محفوفا بالخطر كان ذلك مبررا أقوى كى يسعى الإسرائيليون لتوقيع اتفاق مع الفلسطينيين. فضلا عن أن سياسات نتنياهو؛ بإهانتها للسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، تقدم العون إلى حماس الأكثر تطرفا. كما لاحظ أن المستوطنات الإسرائيلية عزلت إسرائيل داخل الجماعة الدولية.
●●●
غير أن القيادة الأمريكية هى الأمر الحتمى. وما لم يكن الرئيس أوباما مستعدا لاستثمار نفوذه الشخصى فى محاولة الجمع بين الطرفين فهو ببساطة ينثر عباراته البليغة فوق أرض جرداء. ولكن للأسف لا يقدم نهج أوباما ازاء الشرق الأوسط مبررا للتفاؤل؛ فهو يمزج بين الواقعية المتصلبة والتواكل المهلك.