الجيش العراقى فككه بول بريمر بعد الغزو الأمريكى فى مارس 2003، والجيش السورى تعرض، ويتعرض للتدمير بسبب عناد نظام بشار الأسد واستبداده وطائفيته. ليس مهما الجدل حول الأسباب التى قادت إلى تدمير الجيشين، المأساة أن الكارثة تمت، وبالتالى يصبح الحديث عن تحديد المسئول جدلا بيزنطيا قد يكون مفيدا فقط لكتب التاريخ فى المستقبل لكنه الآن مفيد لإسرائيل وكل أعداء العرب.
لدينا ثلاثة جيوش عربية كانت تخشاها إسرائيل، اثنان منها تعرضا للتدمير، ولو كنت مكان إسرائيل لأصبحت قضيتى الجوهرية هى كيف يمكن القضاء على الجيش المصرى؟!.
هذه هى أمنية إسرائيل، فهل يمكن أن تتولى أطراف محلية داخل مصر تنفيذ المهمة نيابة عن الكيان الصهيونى؟!.. للأسف نعم، حتى لو كان الأمر يتم بحسن نية.
بداية من مارس 2011 وبعد نجاح سقوط حسنى مبارك بأقل من شهرين بدأ «التنشين» على الجيش لإنهاكه وإسقاطه.
المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى كان يدير شئون البلاد ارتكب أخطاء كارثية سياسيا، لكن أطرافا كثيرة ومنها الإخوان المسلمين استفادوا من معركة تكسير النظام بين الجيش والقوى المدنية، حيث تفرغوا للدعاية الانتخابية وتركوا الجانبين يستنزفان بعضهما الآخر.
عندما اشتعلت المعركة بشأن المواد المتعلقة بالجيش فى الدستور اعتبرها الإسلاميون خصوصا الإخوان خطا أحمر وأحبطوا وثيقة السلمى التى كانت تجعل من الجيش ضامنا لعدم تغول قوة على أخرى.
بعد 43 يوما فقط من وصول محمد مرسى للسلطة كان أهم قراراته حل المجلس الأعلى للقوات المسلحة وإحالة كبار قادته للتقاعد.
كل ما سبق يمكن الجدل بشأنه سياسيا، لكن السؤال يظل مطروحا وهو: من يستفيد من المحاولات الدءوبة لكسر الجيش المصرى غير إسرائيل؟!.
محمد مرسى صلى الجمعة الماضية مع جنود المنطقة المركزية، ويؤكد كل يوم أنه لا توجد خلافات مع المؤسسة العسكرية ويشيد بها دائما، قبلها سمعنا عن محاولات بشأن تغييرات تتعلق بالجيش، مصادر عسكرية اعتبرت حدوثها انتحارا سياسيا، والرئاسة نفت ذلك.
نتمنى أن تكون التصريحات الرسمية التى صدرت بهذا الشأن صحيحة، ليس فقط من أجل الاستقرار، ولكن من أجل الوطن بأكمله.
من يتأمل صورة المشهد المصرى سيجد أن المؤسسة العسكرية هى الوحيدة المتماسكة حتى الآن. وأى محاولات لخلخلتها ستعنى خلخلة المجتمع القائم على توازنات هشة للغاية.
الشرطة انكسرت والقضاء به الكثير من الثغرات والانقسامات، خصوصا بعد الاعلان الدستورى فى نوفمبر الماضى وتعيين النائب العام الجديد.
الأحزاب السياسية نعلم جميعا أنها لاتزال ضعيفة وفى طور التكوين، وجمعيات المجتمع المدنى لاتزال هشة أيضا، رغم الجهد الكبير الذى تقوم به.
إذن هو الجيش بمفرده القادر على حفظ الاستقرار بمعناه العام، هذه المؤسسة ليس فقط هى القادرة على ردع عدو الخارج، لكن أيضا ردع كل من تسول له نفسه محاولة تغيير هوية المجتمع أو جره إلى اقتتال أهلى أو محاولة تكوين منظمات وهيئات شبه عسكرية.
من مصلحة الجميع، خصوصا الإخوان المسلمين أن يكون الجيش قويا ومتماسكا وروحه المعنوية فى السماء.
بعض ضعاف النفوس يعتقدون أن إضعاف الجيش يصب فى مصلحتهم، وهم لا يدرون أن ذلك إذا حدث لا قدر الله فسيعنى أنهم سوف يحكمون خرابة وليس دولة.
بغض النظر عن التفاصيل فإن العمل على محاولة كسر الجيش هى عمالة لإسرائيل، حتى لو كانت بحسن نية.
تل أبيب هللت لتفكيك الجيش العراقى، وتهلل لتدمير الجيش السورى، فالرجاء من كل الأطراف فى مصر عدم تقديم الجائزة الكبرى للصهاينة، أى إضعاف الجيش المصرى الذى يعنى عمليا تفكيك المجتمع كله.. هل من منتبه؟!.