«حلم بالسلطة فسلك طريقها المشروع بانتخاباتها التشريعية مرتين دون جدوى، ليجد بعد ذلك فى التمرد مبتغاه»، جملة وصفت بها صحيفة لوفيجارو الفرنسية الزعيم الانقلابى الجديد لجمهورية أفريقيا الوسطى ميشيل دجوتديا الذى أطاح الأحد الماضى بالرئيس فرنسوا بوزيزى. ودجوتوديا رئيس ائتلاف متمردى سيليكا، نصب نفسه أمس الأول رئيسا جديدا للبلاد، بعد ان علق العمل بدستور 2004 الذى أقره سلفه بوزيزى وحل الجمعية الوطنية «البرلمان» والحكومة، ليحكم البلاد بموجب مراسيم خلال فترة انتقالية، ستقود بحسب تصريحاته إلى انتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
يقدم دجوتيديا «60 عاما»، نفسه «زعيما تنويرا بخلفية عسكرية» يسعى لإخراج البلاد من حالة عدم الاستقرار والفوضى، حيث تعد صاحبة أعلى معدلات الاتجار غير المشروع فى السلاح فى إفريقيا، بحسب صحيفة ليبراسيون الفرنسية.
ويحمل انقلاب دجوتيديا رقم 80 فى القارة الأفريقية التى اشتهرت جيوشها بالتمرد والقفز على السلطة.
درس زعيم سيليكا علومه العسكرية فى الاتحاد السوفييتى بالثمانينيات، لكنه لم يشتغل بالجيش، حيث تحول لموظف مدنى فى حكومة آنجا فيليكس باتاسيه، والذى خلعه بوزيزى عام 2003.
منذ ذلك التاريخ صار رفيقا للرئيس المخلوع، قبل أن ينشب بينهما الصراع على خلفية إرسال بوزيزى لصديقه دجوتيديا قنصلا لإفريقيا الوسطى فى إقليم دارفور السودانى.
ترك دجوتيديا دارفور متوجها لبنين، حيث أقام فى المنفى الاختيارى قبل أن تلقى عليه الحكومة هناك القبض، بضغوط من صديقه السابق الرئيس بوزيزى.
بعد الافراج عنه، عاد لإفريقيا الوسطى قائدا لاتحاد القوات الديمقراطية من أجل الوحدة، أحد أهم مكونات ائتلاف التمرد «سيليكا».
خاض حربا ضد بوزيزى، من معاقله فى شمال البلاد، منذ 2007، حيث أجبر الرئيس حينها على توقيع اتفاق لوقف النار، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، ودفع أجور المقاتلين الذين سينزع سلاحهم بموجب اتفاق السلام.
لم يف بوزيزى بوعوده ولم يتلزم اتفاق 2007، فعاد دجوتيديا لحمل السلاح فى 2012، ويفوز بقلب «سندريلا المهجورة» كما يطلق الفرنسيون على إفريقيا الوسطى مستعمراتهم السابقة الغنية بمواردها الطبيعية غير المستغلة (ذهب، ماس ويورانيوم، إضافة للغابات الكثيفة).
لكن على الرغم من ثراء إفريقيا الوسطى إلا أنها وطوال تاريخها المستقل 1960، لم تشهد هدوءا، لدرجة أطلق عليها أبناؤها وأغلب المراقبين السياسيين «دولة الأشباح»، بحسب صحيفة لوفيجارو الفرنسية، حيث لم يعد فيها جيش أو إدارة مدنية مستقرة.