يتجه مسيحيو قبرص للكنيسية اللاتينية اليوم لبداية صومهم الكبير، الذى يستمر لمدة 40 يوما حتى عيد قيامة المسيح، إلا أن رئيسهم وحكومتهم سيساعدونهم على اتباع نوع جديد من التقشف، بخصم 10% من مدخراتهم بالبنوك، لا لأنهم اختاروا أن يحولوا كنوزهم للسماء، بل إلى موازنة بلادهم التى ستواجه الإفلاس إذا لم يفعلوا ذلك. وإن كانت الديانة المسيحية قد أرجعت فترة الصوم الانقطاعى «الانقطاع عن الطعام» إلى الدرجة الروحية للفرد، فإن الحكومة القبرصية ووزراء اليورو حددوا قيمة الخصم من المدخرات وفقا للمدخرات، فسيتم فرض ضريبة استثنائية بنسبة 6.75% على الودائع التى تقل قيمتها عن 100 ألف يورو، و9.9% على الودائع التى تزيد عن مئة ألف. ومن المفترض ان تؤمن هذه الاقتطاعات، أو الضريبة الاستثنائية، مبلغ 5.8 مليار يورو لقبرص، حيث ستسرى على كافة المقيمين سواء كانوا مواطنين او مستثمرين أجانب، وهذا وفقا لاتفاق تم فى بروكسل، منذ يومين، على خطة انقاذ قيمتها 10 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى، وهو اتفاق لا يزال بحاجة لتصديق البرلمان عليه حتى يصبح ساريا.
ويتوقع ان تشهد البنوك القبرصية تهافتا غير مسبوقا على سحب الأموال من البنوك، وتسييل الودائع المصرفية، مع انقضاء عطلة الأسبوع وعودة المصارف الى العمل اعتبارا من الثلاثاء المقبل حيث ستكون غالبية دول أوروبا، بما فيها قبرص فى عطلة الاثنين أيضا، اضافة الى يومى السبت والأحد، وذلك بعد أن شهدت ماكينة السحب الآلى المنتشرة فى شوارع قبرص طوابير طويلة لسحب الودائع، منذ أن تم الإعلان عن الضريبة الجديدة، حتى نفذت النقود منها.
وتعتزم السلطات فى قبرص اتخاذ اجراءات وتدابير خاصة لمنع هروب الودائع ورؤوس الأموال من خلال التحويلات الالكترونية خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفى الساعات الأولى من بداية الأسبوع الجديد، كما أنه تم تجميد قيمة الضرائب المخصومة فور إعلان الاتفاق، حيث قال ماريوس سكانداليس نائب رئيس مركز المحاسبات العامة فى قبرص، «المبالغ المتصلة بالضرائب قد جمدت ولا يمكن تحويلها».
وبذل الرئيس القبرصى، نيكوس اناستاسيادس، السبت الماضى، قصارى جهده للتخفيف من حالة الصدمة والغضب اثر موافقة حكومته على الخطة، حيث التقى قادة الاحزاب قبل اجتماعات مماثلة مع رؤساء المصارف العاملة فى قبرص، واصدر ايضا بيانا اكد فيه ان «خطة الانقاذ المؤلمة ستجنب البلاد السيناريو الاسوأ الا وهو الافلاس».
وقال اناستاسيادس، الذى انتخب رئيسا منذ 3 أسابيع فقط، فى بيانه «كان علينا ان نختار بين سيناريو كارثى يتمثل فى العجز عن السداد من دون اى رقابة وبين ادارة مؤلمة وخاضعة للرقابة تضع حدا نهائيا للقلق»، مؤكدا أن «النظام المصرفى برمته كان سينهار مع ما ينتج عن ذلك من تداعيات»، ومشيرا الى احتمال افلاس الاف الشركات و»امكان الخروج من منطقة اليورو». وأوضح أنه «اضافة الى اضعاف قبرص، هذا الامر كان سيؤدى الى تراجع العملة بنسبة 40%».
ومن المتوقع ان يكون النقاش البرلمانى حول هذه الخطة حاميا للغاية بعدما اعلن الحزبان المعارضان اكيل الشيوعى وحزب ايديك الاشتراكى، رفضهما للحزمة، كما ان حزب ذيكو لم يتوان عن انتقاد الاتفاق بشدة، على الرغم من انه حليف الرئيس ويشارك فى الحكومة.
وقال وزير المالية القبرصى ميخاليس ساريس «اختارنا اقل الحلول ايلاما» مذكرا بان فشل الاتفاق كان يمكن ان يؤدى الى اعلان افلاس الجزيرة، واوضح ساريس ان الضريبة على الودائع وفوائدها ستعوض بتوزيع اسهم فى البنوك، مضيفا «الأوقات صعبة ويجب شد الأحزمة»، وأوضح أن «الموقف الصارم جدا لصندوق النقد الدولى وشركاء آخرين أوجد مناخا ثقيلا فى المفاوضات».