تستمر كل من روسياوإيران والصين على مواقفها الداعمة لحكم الرئيس السورى بشار الأسد، رغم أن أغلب دول العالم ترى أن سقوط نظام دمشق «لامفر منه لأنه مسألة وقت»، وهو ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذا الدعم القوى. ويرى محللون ل«الشروق» أن هذا الدعم المتواصل لحكم الأسد نابع من خليط معقد من المصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية تختلف تقديراتها من دولة إلى أخرى، بحسب أهدافها فى سوريا.
فعن أسباب الدعم الإيرانى، يقول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس خطار أبودياب إن «طهران تعتبر الدفاع عن حكم الأسد بمثابة دفاع عن الجمهورية الإسلامية، إضافة إلى أن سوريا هى «واسطة العقد» للنفوذ الإيرانى فى المنطقة، تتواصل عبرها مع زبائنها وتحديدا «حزب الله اللبنانى».
أبودياب يتابع: «ترتبط إيران بنظام الأسد دينيا وسياسيا وعسكريا، ما يجعل خسارتها لدمشق بسقوط بشار أمر مصيرى بالنسبة لها»، مضيفا: «قد تلعب طهران بالأزمة السورية كورقة ضغط أخيرة خلال مفاوضاتها مع القوى الغربية بشأن ملفها النووى».
الرأى الذى لم يخالفه فيه المحلل السياسى الإيرانى على نورى زاده، قائلا: «دعم إيران للنظام السورى قادم من أعلى سلطة فى الجمهورية الإسلامية مرشدها على خامنئى، فهو يعتبر سقوط الأسد كأنه يقطع جزءا من جسده».
مضيفا: «نظام الأسد البوابة القوية لنفوذ إيران فى الشرق الأوسط، وسقوطه يعنى غلق جميع الأبواب بين إيران والمنطقة».
ومضى زاده: «لا يمكن اعتقاد تخلى طهران عن نظام الأسد وتغير موقفها الداعم له على الإطلاق، فالمعركة فى سوريا «مسألة بقاء» تسخر فيها إيران كل قدراتها العسكرية والاقتصادية لمنع سقوط الأسد
وتختلف المصالح الروسية قليلا عن الإيرانية، وكما يقول أبودياب: «لموسكو مصالح اقتصادية استراتيجية واضحة فى سوريا تعود عليها بمنافع مادية كبيرة، أبرزها عائدات مبيعات الأسلحة وموقع قاعدتها البحرية فى ميناء طرطوس، هذه المصالح تخدم هدفا أكبر، وهو حماية المصالح الروسية السياسية لممارسة قدر أكبر من النفوذ خارج أراضيها».
ويتابع أبودياب: «دمشق الزبون الأكبر للسلاح الروسى خلال السنوات الأخيرة، إذ تشكل مبيعات الأسلحة الروسية لسوريا على مدى العقد الماضى 10 % من جملة صادرات الأسلحة الروسية». مضيفا: «قيصر الكرملن الجديد فلاديمير بوتين يرى ان الإمساك بسوريا سبيل لعودة الحرب الباردة بين بلاده والولايات المتحدة، يأمل فيها باستعادة المجد السوفييتى مجددا والعودة بقوة إلى المسرح الدولى كما كان».
الأمر علق عليه الدبلوماسى السابق والمحلل الروسى فيتشسلاف ماتوزوف قائلا إن «المصالح الروسية تكمن فى حماية الشرعية الدولية والحفاظ على التوازن الدولى وليس لدينا أية مصالح أو طموحات فى سوريا، إضافة إلى أن موسكو تخشى تهديد أمنها القومى حال حدوث أى تدخل فى سوريا ما يودى إلى انتشار الإرهاب والجماعات المسلحة».
أما عن دوافع الدعم الصينى فكما يقول أبودياب: «بكين دولة متحفظة فى تحركاتها الدولية تحافظ فى خطواتها بالأساس على مصالحها الاقتصادية، كما أنها تتخوف من وصول موجات الثورات العربية اليها خاصة أن نظامها مركزى شديد السلطوية».
فيما رأى نورى زاده أن موقف الصين سيتغير فى القريب خاصة بعد أن تراجع كثيرا مؤخرا، فبكين لن تضحى بمصالحها فى المنطقة من أجل عيون بشار الأسد فهى تدرك جيدا تزايد المخاطر على مصالحها الاقتصادية فى المنطقة مع استمرار الإفصاح عن دعم نظام الأسد