فى مثل هذا اليوم منذ 94 عاما، استطاعت 300 امرأة مصرية كسر القاعدة التى تقول "صوت المرأة عورة"، واستطعن الخروج إلى الشوارع فى مظاهرات نسائية فقط، يهتفن ضد الظلم والاحتلال وكبت الحريات. الزمان: 16 مارس عام 1919.
المكان: أمام منزل زعيم الأمة سعد زغلول.
من هذا المكان والزمان، بدأت الحركة النسائية فى مصر تظهر بشكل قوى، حيث تجمعت 300 امرأة مصرية فى أول مظاهرة نسائية، جمعت السيدات والطالبات ومختلف الأعمار بقيادة "هدى شعراوى"، تظاهرن ضد الإنجليز والاحتلال، ورفعن شعارات تندد بالاستعمار وتنادى بسقوطه، واستمر هتافهن أمام المنزل للمطالبة بعودته من المنفى والتخلص من الاحتلال الإنجليزى، رافعين شعار الهلال مع الصليب، حتى سقطت "حميدة خليل"، أول شهيدة مصرية فى تاريخ النضال النسائى برصاص العدو.
من هنا بدأ النضال وخرجت المسيرات بصوت المرأة فقط، وهو ما كان جديدا على الشعب المصرى، فى العصر الحديث.
واتسعت المطالب والطموحات النسائية حتى طالبن بتأسيس "أول اتحاد نسائى مصرى"، للمطالبة من خلاله بحقوقهن السياسية والاجتماعية، وحق المشاركة مع الرجل فى مختلف أوجه الحياة. اتخذ النضال شكلا أوسع، حتى خرجت مسيرة مكونة من ما يقرب من 1500 امرأة، اقتحمن مقر مجلس النواب، عام 1951، للمطالبة بجدية النظر فى مطالب المرأة المصرية، وكان من تأثير هذه الحركة، أن قام المجلس بعد أسبوع من المظاهرة بعرض قانون ينص على منح المرأة حق الانتخاب والترشيح للبرلمان، وهو ما تحقق بعد سنوات قليلة – فى هذا الشهر من عام 1956 – حيث استطاعت المرأة أن تحصل على هذا الحق دستوريا.
لم تتوقف المرأة عن النضال، ولم يخفض صوتها بعد هذه الطفرة فى الحركة النسائية، ومع كل هذا، لم تر المرأة أنها حصلت على حقوقها كاملة، فالانتهاكات لازالت مستمرة، والغضب النسائى فى أشد لحظاته هذه الأيام بعد تكرار حوادث التحرش والاغتصاب والتقليل من قيمة المرأة ودورها فى المجتمع.
فى عهد التيارات الإسلامية، التى تحكم البلاد، اعتقدت المرأة أن هذه بداية لإخماد دورها فى المجتمع المصرى، والعودة بها إلى عصور "الجاهلية" – بحسب ما تصرح به رائدات الحركة النسائية فى مصر حاليا عبر وسائل الإعلام، رافضة كل ما كان يتردد مما من شأنه قصر دور الفتاة فى حدود المنزل فقط.
بعد كل هذه السنوات، وبعد ثورة 25 يناير، ارتفع الصوت النسائى أكثر، وأخذ النضال أشكالا مختلفة، واليوم تخرج السيدات وتجتمع وتقرر مصيرها بنفسها، دون الحاجة إلى مجلس شعب، أو حكومة أو مواثيق، يصدرونها ليمنحوا المرأة أى حق من حقوقها.
ويظل السؤال.. بعد ما يقرب من قرن من النضال، متى ستخرج المرأة لتقول: "اليوم حصلنا على جميع حقوقنا؟".